شهد الشهر الماضي اتهامات متزايدة من جانب قادة المستوطنين وأنصارهم في الحلبة السياسية، لرئيس الحكومة "الإسرائيلية" بنيامين نتنياهو بأنه ينفذ سياسة تجميد غير معلنة للاستيطان في الضفة الغربية المحتلة.
واعتبر كثيرون أن هذا «التجميد» يعبّر عن خشية متزايدة في صفوف أهل الحكم من ردات فعل الأميركيين والأوروبيين الذين يعمدون إلى فرض عقوبات على "إسرائيل" بسبب الاستيطان.
لكن سرعان ما تبيّن أن ما اعتبر تجميداً ليس في واقع الحال سوى فترة انتظار للتخطيط لتوسيع المستوطنات، وهو ما ثبت من إقرار الاحتلال خططاً لبناء 886 وحدة، حتى في مستوطنات منعزلة.
وبحسب صحيفة «هآرتس»، فإن مجلس التخطيط في الإدارة المدنية "الإسرائيلية"، وهي ذراع الاحتلال في الضفة الغربية، أقرّ أمس خططاً لبناء 886 وحدة استيطانية في الضفة الغربية، بعد أن امتنع عن إقرار خطط جديدة على مدى سنة. وقالت الصحيفة إن هذه الخطط تضم مئات الوحدات في مستوطنات منعزلة. وكان متوقعاً للمجلس أن يرخص، بأثر رجعي، 179 وحدة بنيت قبل أكثر من 20 سنة.
واعتبرت الصحيفة أن حث مخططات توسيع الاستيطان يشكل في الواقع جزءًا من محاولة "وزير الدفاع" موشي يعلون التصالح مع المستوطنين، الذين احتجوا على قرار "محكمة العدل العليا" هدم مبنيين بُنيا من دون ترخيص في "بيت ايل". وفي إطار هذه الخطط ستصادق "الإدارة المدنية" على إقامة المبنيين اللذين سيضمان 24 وحدة استيطانية. وإذا ما ألغت "المحكمة العليا"، في أعقاب هذه المصادقة، القرار الذي يأمر بهدم المبنيين، فان المقاول سيواصل بناءهما، وإلا، فانه سيكون مخولاً بأن يعيد بناءهما بعد هدمهما.
وتتضمن الخطة الجديدة أيضاً إقرار بناء 296 وحدة استيطانية في أراضي قاعدة "حرس الحدود"، التي سيتم إخلاؤها في "بيت ايل". وهذا البناء هو جزء من صفقة إخلاء في العام 2012، حين تعهدوا في "بيت ايل" بأن يخلوا طوعاً خمسة مبان أقيمت على أرض خاصة للفلسطينيين، وبالمقابل حصلوا على سلة تعويضات واسعة تضمنت أيضاً وحدات الاستيطان هذه. كما تتضمن إضافة إلى ذلك خطة لبناء 112 وحدة في «معاليه ادوميم»، على مساحة 50 دونماً جنوب شرق المستوطنة، كانت مخصصة في الماضي للأغراض العامة. وتنازلت بلدية «معاليه ادوميم» عن هذه المساحة، وفي مكانها خطط لبناء منازل. وفي «جفعات زئيف» أيضاً خطة لبناء 381 وحدة تقع على 152 دونماً.
في حي «أغان ايالوت» المخصّص للمتدينين. وفي «بيت آريه» خطة لبناء 27 وحدة استيطانية. وقد أقرت الخطة في الماضي، ولكنها ألغيت بعد أن تبيّن أنها تغزو المحمية الطبيعية «ناحل شيلو». وتم تعديلها، وهي الآن تقدم مرة أخرى لإعادة إقرارها.
وفي مستوطنات أخرى، سيسوغ "مجلس التخطيط" وحدات استيطانية في «بساغوت» قرب رام الله، بأثر رجعي، تضم 24 وحدة بنتها حركة «أمانه» المسؤولة عن معظم البناء غير القانوني في الضفة الغربية. ولم يُقَدَّم مسؤولو «أمانه» إلى "المحاكمة والإدارة" سترخص الوحدات الاستيطانية من دون أي عقاب. وفي مستوطنة «جفعون» قرب «جفعات زئيف» أيضاً سترخص 22 منزلاً بنيت في الماضي من دون ترخيص. كذلك ترخص بأثر رجعي أيضاً 179 وحدة بنتها حركة «أمانه» قبل أكثر من 20 سنة في مستوطنة «عوفريم». وكانت «عوفريم» في الماضي جزءًا من «المجلس الاقليمي ماتيه بنيامين»، لكنها انتقلت إلى «المجلس المحلي بيت آريه».
ومن الواضح أن اليمين الإسرائيلي يعيد تشكيل العقل الإسرائيلي على أساس أن خلاص "إسرائيل" في الاستيطان. ويكثر الحديث هذه الأيام عن الخطر الذي نشأ في أعقاب إخلاء المستوطنات ضمن خطة الفصل في قطاع غزة. ويتحدث ساسة من المعارضة والحكومة على حد سواء حول مدى الخطأ في الانسحاب من طرف واحد. وقبل يومين نشر مركز «بيغن - السادات» و«مجلس الأمن الإسرائيلي» اليميني نتائج استطلاع حول رأي "الجمهور الإسرائيلي" في الاستيطان، لمناسبة مرور 10 سنوات على إخلاء مستوطنات قطاع غزة. ويظهر الاستطلاع أن 63 في المئة من "الإسرائيليين" يقولون إنهم عارضوا في الماضي إخلاء «غوش قطيف». ويرى 51 في المئة من "الإسرائيليين"، وفق الاستطلاع، وجوب إعادة احتلال تلك المنطقة والاستيطان فيها من جديد. ولكن كان غريباً بعض الشيء أن الاستطلاع يشير إلى رفض 47 في المئة من "الإسرائيليين" إخلاء مستوطنات في الضفة، فيما يؤيد ذلك 53 في المئة.
وفي محاولة للالتفاف على قرارات سابقة لـ"محكمة العدل الإسرائيلية" قررت "وزيرة العدل" أييليت شاكيد، من «البيت اليهودي»، تشكيل لجنة لتسويغ البؤر الاستيطانية في الضفة الغربية. ويعتبر تشكيل هذه اللجنة أحد بنود الاتفاق الائتلافي بين «الليكود» و «البيت اليهودي». وشنت منظمة «يوجد قانون» حملة ضد هذه اللجنة، وقالت إن «وزيرة العدل تحاول أن تُدْخِل من الباب الخلفي تطبيق توصيات لجنة ليفي من دون أن تكون الحكومة تبنتها، ورغم أن كبار رجالات القانون يرفضون تفسيرها القانوني واستنتاجاتها».
تجدر الإشارة إلى أن الاتحاد الأوروبي ينظر في فرض عقوبات على المصارف "الإسرائيلية" التي تعمل في مستوطنات الضفة الغربية. وقاد الإعلان عن النظر في هذه المسألة إلى تراجع قيمة أسهم المصارف في البورصة "الإسرائيلية" بنسبة 2 في المئة.