أطلقت إسرائيل، مساء أمس الأول، القمر الاصطناعي التجسسي، المسمى "أفق 10"، معلنة أنها بذلك تحقق تقدماً مهماً على صعيد تعزيز قدراتها وأمنها.
وبحسب ما أعلنت وزارة الدفاع الإسرائيلية فإنّ هذا القمر يستند إلى رادار "SAR" ذي القدرة المتطورة على التصوير ليلاً ونهاراً، وفي جميع الأجواء. وتم إطلاق القمر بصاروخ من طراز "شافيت" إلى الفضاء الخارجي من حقل تجارب في وسط إسرائيل يعتقد أنه قاعدة التجارب في بلماخيم.
ومعروف أنّ إسرائيل تستثمر منذ سنوات طويلة مئات الملايين من الدولارات سنوياً لتطوير قدراتها في مجال الفضاء والأقمار الاصطناعية. وكان القمر الاصطناعي الإسرائيلي الأول "أفق 1" أطلق إلى الفضاء في العام 1988، وهو ما جعل إسرائيل الدولة السابعة في العالم التي تمتلك قدرة كاملة على إطلاق الأقمار الاصطناعية، واليوم هي واحدة من 12 دولة فقط ذات قدرة كهذه منها: الولايات المتحدة، روسيا، الصين، فرنسا، إيطاليا، بريطانيا، الهند، كوريا الجنوبية، اليابان، أوكرانيا وإيران.
ويشبه قمر "أفق 10" في مزاياه قمر "أفق 8" من طراز "تكسار"، لكنه يختلف عنه في أنه أصغر حجماً وقدرة راداره أعلى بكثير. وقد أطلقت إسرائيل من قاعدة بلماخيم أيضاً في العام 2010 القمر "أفق 9". وتبلغ تكلفة تجهيز وإطلاق قمر "أفق 10" مئات عدة من الملايين من الشيكل. وبين مزاياه قدرته على التصوير لأهداف عدة في الوقت نفسه، وسرعته في الانتقال السريع من التركيز على نقطة إلى التركيز على نقطة أخرى.
وبخلاف ما هو معهود في العالم، فإنّ إطلاق الأقمار الاصطناعية من إسرائيل يتم بعكس دوران الكرة الأرضية باتجاه الغرب نحو البحر المتوسط، وذلك لأن إسرائيل لا يمكنها أن تطلقها باتجاه الدول العربية خشية سقوطها هناك إثر خلل ما يفضح أسرارها التكنولوجية. وتدور الأقمار الاصطناعية الإسرائيلية بمعدل دورة واحدة حول الكرة الأرضية مرة كل تسعين دقيقة، وتتسم بصغر حجمها لتسهيل إطلاقها وتثبيتها في مدارها في الفضاء الخارجي.
وأعلن الجنرال احتياط اسحق بن إسرائيل، الذي يرأس "مشروع دراسات الأمن" في جامعة تل أبيب إضافة إلى رئاسته "وكالة الفضاء الإسرائيلية"، أن "إسرائيل زادت من قدراتها كقوة عظمى في الفضاء، ليس فقط بعدد أقمارها الاصطناعية، وإنما أيضاً بنوعية هذه الأقمار". وبحسب بن إسرائيل، فإن "أفق 10 يمنح دولة إسرائيل مرونة وقدرات أكثر لجمع المعلومات الاستخباراتية ضد أهداف ومخاطر مختلفة، تتعاظم باستمرار".
وشرح بن إسرائيل أن "أفق 10" يحمل راداراً يسمح لإسرائيل بجمع معلومات استخباراتية في كل الظروف الجوية، "فهذا القمر يركز على الهدف، ولا يتأثر بالليل والنهار، إذا كان هناك غيوم أو طقس سيئ. وبوسعه رؤية الهدف في كل الظروف. وهذه مشكلة كبيرة لأعدائنا. فضلاً عن ذلك، هو يطور قدرات دولة إسرائيل في جمع المعلومات الاستخباراتية على مدار الساعة، ويزيد التغطية بشكل كبير. لقد استغل عدونا في الماضي نوافذ الوقت من أجل خداعنا. اليوم قدرات إسرائيل زادت".
ومن المقرر أن تتابع إسرائيل أداء القمر لأيام عدة للتثبت من نجاحه، ليس فقط في الإطلاق والثبات والدوران وإنما أيضاً في أداء مهامه الأساسية الأخرى كقمر تجسسي. وكانت وزارة الدفاع قد أعلنت أمس أن القمر "دخل مداره حول الكرة الأرضية، وشرع في بث معطيات واجتاز سلسلة اختبارات أكدت صلاحيته ومستوى أدائه".
وأعلن وزير الدفاع الإسرائيلي الجنرال موشي يعلون أن إطلاق القمر يشكل "شهادة إضافية على قدرات إسرائيل المذهلة في التطوير والريادة في الجبهة التكنولوجية. ويفترض بأفق 10 أن يحسّن قدرات إسرائيل الاستخباراتية، وتمكين المؤسسة الأمنية من التعامل بشكل أفضل مع الأخطار القريبة والبعيدة، في كل ساعات اليوم وفي كل الظروف الجوية. وبذلك نحن نواصل ترسيخ تفوقنا النوعي والتكنولوجي الهائل على جيراننا".
أما رئيس دائرة الفضاء في وزارة الدفاع أمنون هراري فأعلن أن "لدينا برنامجاً متعدد السنوات يأخذ بالحسبان الاحتياجات العملانية وصدقية الأقمار، لأن لها نمط حياة محدداً من منطلق الافتراض أنها ذات يوم ستنهي عملها".
وقال مدير مشروع "النظرة" في الصناعات الجوية عوفر دورون إن "القمر يتميز بقدرات تصوير مذهلة، ومع ذلك فإنه صغير جداً ووزنه 330 كيلوغراماً".
ويفترض أن يكون القمر قد أخذ مداره على ارتفاع 400 - 600 كيلومتر عن سطح الأرض وفق تعليمات وحاجة مشغليه. وهو مثل الأقمار الإسرائيلية السابقة ينهي دورة حول الكرة الأرضية مرة كل 90 دقيقة، ويمر فوق محطته بضع دقائق في كل دورة. عموماً، فإن الأقمار التي تخدم إسرائيل حالياً، والموجودة عملياً في الفضاء، تدور 800 دورة تصوير حول الأرض سنوياً، وتصور 64 ألف دقيقة في العام المكان نفسه.