Menu
فلسطين - غزة °-18 °-18
تردد القناة 10873 v
بنر أعلى الأخبار

انتفاضة الحجارة إنجازات تراكمية فرطت فيها السلطة

قناة فلسطين اليوم

بقلم: خالد صادق

ونحن نحيي ذكرى انتفاضة الحجارة التي اعادت الزخم للقضية الفلسطينية، واسست لمرحلة التحرر الوطني من دنس الاحتلال، نستذكر دماء الشهداء الاطهار، الذين حملوا امانة الدفاع عن فلسطين الوطن والشعب والأرض والهوية، بسواعدهم الفتية، فقد كان الحجر يواجه السلاح, والطفل يقاوم الجندي المحصن والمدجج بشتى أنواع الأسلحة، لأنه كان يملك من القوة والعزيمة والإرادة ما يدفعه الى التضحية بنفسه من اجل قضيته, ودفاعا عن مقدساته وارضه السليبة، فقد اندلعت الانتفاضة المباركة عام 1987 واستمرت حتى عام 1994، وهى من أهم مراحل النضال التي مرت بها القضية الفلسطينية, ولولا توجه منظمة التحرير الفلسطينية الخاطئ آنذاك نحو مسار التسوية لتحققت مكاسب كبيرة على مستوى القضية, وانجازات اكبر لم تصل ولن تصل اليها السلطة الفلسطينية عبر سنوات طويلة من مسار السلام المزعوم, وقد تأسست السلطة الفلسطينية نتيجة تضحيات شعبنا الفلسطيني في انتفاضة الحجارة, وسلكت مساراً اخر غير مسار الانتفاضة ظنا منها ان هذا المسار سيؤدي الى تحرير الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967م وتنفيذ قرارات مجلس الامن والأمم المتحدة, ولم تستثمر السلطة الفلسطينية تضحيات الشعب الفلسطيني بالشكل الأمثل, وحرفت مسار الشعب نحو السلام الوهم, فكان لا بد من استعادة الشعب لانتفاضته المباركة, وتفعيل الكفاح المسلح كخيار استراتيجي لمواجهة سياسة الاحتلال, ودفع الشعب الفلسطيني ثمنا باهظا كي يستعيد زمام المبادرة بين يديه, وقدم عظيم التضحيات, وسلم السلطة مفاتيح النصر على الاحتلال بتفجير انتفاضة الأقصى المباركة في العام 2000م, لكن السلطة لم تتعلم من تجربتها السابقة أيضا وابتلعت الطعم مجددا وقامت بالتفريط في مكتسبات الشعب الفلسطيني, وعادت الى مسار التسوية الهزيل.

بدأت «إسرائيل» تستثمر حالة الضعف والاستسلام التي تلبست السلطة, وزادت اطماعها في تحقيق مخططاتها الاستعمارية التوسعية, وسعت لتطبيع علاقاتها بالدول العربية وإقامة تحالفات في المنطقة على حساب القضية الفلسطينية, فأسقطت «إسرائيل» اتفاقية أوسلو الهزلية, واسقطت حل الدولتين, وأعلنت القدس عاصمة موحدة لها, وكثفت من سياستها التوسعية الاستيطانية في الضفة الغربية والقدس المحتلة, فعاد الشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة للامساك بزمام المبادرة من جديد, وخاضت المقاومة الفلسطينية معارك كثيرة في وجه الاحتلال, وتصدت للعدوان الصهيوني 2008م, وعدوان 2012م وعدوان 2014م وصولا الى عدوان 2021م وملحمة سيف القدس البطولية التي حققت فيها المقاومة الفلسطينية إنجازات كبيرة, وفرضت معادلات جديدة على الاحتلال الصهيوني, الذي استجاب لشروط المقاومة الفلسطينية لوقف معركة سيف القدس, واهدت فصائل المقاومة الفلسطينية إنجازاتها التي حققتها بفضل صمودها الأسطوري في المعركة, وافشالها لأهداف العدوان وتطور أدائها العسكري في الميدان الى حد كبير للسلطة الفلسطينية لكي تستخدم هذه الإنجازات لإجبار الاحتلال على وقف مخططاته واطماعه التوسعية, وان تعدد السلطة من خياراتها في مواجهة الاحتلال الصهيوني, وتتوافق مع فصائل المقاومة على برنامج وطني يجمعها, وان تتحرر من اتفاقية أوسلو التي اسقطها الاحتلال الصهيوني, لكن السلطة رفضت هذه المرة ان تمسك بزمام المبادرة, وأعلنت ان خيارها الأوحد يتمثل في المفاوضات مع الاحتلال, ودعت فصائل المقاومة الى الالتحاق بركب «السلام» الموؤد إسرائيليا منذ امد بعيد, واستفردت السلطة بالقرار السياسي بعيدا عن الشراكة الفلسطينية مع بقية الفصائل في اتخاذ القرارات وغردت وحدها خارج السرب.

وتعتبر انتفاضة الحجارة التي نحيي ذكراها الرابعة والثلاثين هي العنوان الأبرز للنضال الفلسطيني الذي أسس لكل مراحل النضال المتعاقبة, فقد نجحت الانتفاضة في انتزاع اعتراف الاحتلال الصهيوني والمجتمع الدولي وبخاصة الولايات المتحدة الأمريكية، بالشعب الفلسطيني، وظهرت مساعٍ دولية لتأسيس ما تسمى بسلطة الحكم الذاتي في الضفة الغربية وقطاع غزة، تحت مسمى «السلطة الوطنية الفلسطينية», وتساوقت السلطة والدول العربية مع هذه السياسات التي اثبتت فشلها امام أطماع «إسرائيل» ورؤيتها للحل النهائي, واليوم يتنصل المجتمع الدولي من وعوداته, وتسوق الإدارة الامريكية الى ما يسمى بصفقة القرن, وتشرع «إسرائيل» لإقامة تحالفات لمواجهة مشروع المقاومة الذي يتنامي في المنطقة ويهدد وجود «إسرائيل», وقد بات من الواضح ان السلطة لا تستطيع استثمار تضحيات الشعب الفلسطيني لتحقيق إنجازات لصالح الشعب, وقد اسقطت السلطة خيار المقاومة كأكبر هدية مجانية تقدمها السلطة لصالح «إسرائيل», وباتت تنبذ عمليات المقاومة, وتلاحق المقاومين وتعتقلهم, وتنسق مع الاحتلال الصهيوني امنيا لمنع أي عمليات عسكرية للمقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال الصهيوني, مما يزيد من حالة التنافر بين السلطة والشعب الفلسطيني الذي يدرك تماما دوره النضالي ويسعى للانتقال من مرحلة نضال الى مرحلة أخرى دون يأس او احباط مهما تعاظمت المؤامرات وتنوعت.