حذر مختصون وكتاب سياسيون في قطاع غزة من خطورة ما بات يعرف مؤخراً بــ "المبادرات الشخصية" التي يطرحها بعض الكتاب والمفكرين العرب، أو حتى رجال الأعمال في إشارة إلى مبادرة عدنان مجلي، مشددين على أن ما يسمى بـ "صفقة القرن"، لا تنحصر في القضية الفلسطينية، إنما تهدف إلى إعادة ترتيب المنطقة وفق المصالح والرؤية الأمريكية.
بالونات اختبار ..
بدورة، استعرض الكاتب والمحلل الدكتور ثابت العمور، بعض المبادرات السياسية التي امتدت عبر تاريخ القضية الفلسطينية ، مستشهداً بــ مبادرة بورقيبة عام 1965م، والذي طرح فيها حل شعبين في دولة واحدة، ومن ثم مبادرة السلام العربية التي طرحها السادات عام 1977م، والتي قوبلت باستهجان عربي رسمي واسع ورفض كبير، ترتب عليه قطع العلاقات مع مصر، وتجميد عضويتها في جامعة الدول العربية، ونقل المقر الدائم للجامعة من القاهرة إلى تونس.
وأوضح العمور أن المبادرات التي طرحت عبر تاريخ القضية الفلسطينية، كانت تطرح عقب موجة اشتباك كبيرة مع الاحتلال "الإسرائيلي"، محذراً من خطورة بعض المبادرات الشخصية التي طرحت مؤخراً، والتي طرحها بعض الكتاب والمفكرين العرب، أو حتى رجال الأعمال في إشارة إلى مبادرة عدنان مجلي.
وحذر،" أن بعض هذه المبادرات قد تكون عبارة عن بالونات اختبار للحالة الفلسطينية بما في ذلك مبادرة عدنان مجلي، التي طرح من خلالها إعادة بناء منظمة التحرير عوضاً عن إصلاحها، مما يعني هدم المنظمة وإعادة بناءها مما يشكل خطراً حقيقيا على القضية الفلسطينية.
وانتقد العمور الموقف الفلسطيني من المبادرات المختلفة، حيث تُقابل برفض كبير في البداية، دون بلورة موقف فلسطيني واضح وموحد، مما يقود الفلسطينيين في وقت لاحق للقبول بما هو دون المبادرات التي طرحت في البداية، حتى باتت تنحصر هذه المبادرات في القضايا الإنسانية، مستدلاً على ذلك بقضية اللاجئين، حيث كانت المبادرات في البداية تطرح حق العودة، ومن ثم التعويض، ومؤخراً غابت قضية اللاجئين عن المبادرات المطروحة.
ودعا الدكتور العمور، إلى تشكيل إطار وطني موحد للتصدي لكل المحاولات المنفردة والمنعزلة عن الكل الفلسطيني، والتي تتعاطى مع المبادرات.
لا ترقى لمستوى أهداف شعبنا..
وأكد الدكتور وليد القططي، الكاتب والمحلل السياسي المختص بالقضية الفلسطينية، أن هذه المبادرات لا تقتصر على كونها بالونات اختبار بل تأتي لإدارة الصراع بهدف ترويض الفلسطينيين إكساب الاحتلال للوقت اللازم لتمرير مخططاته وتحقيق مصالحه.
وعلق القططي خلال ندوة سياسية عقدها مركز قدسنا للدراسات والتطوير في مدينة غزة الثلاثاء، تحت عنوان "المشهد الفلسطيني بين فكي الاستحقاقات السياسية والإنسانية"، على مبادرة عدنان مجلي، مؤكداً لا ترقى لمستوى أهداف وتطلعات الشعب الفلسطيني، عدا عن أنها ذات سقف متدني جداً .
وأوضح أن الشراكة التي طرحها مجلي في مبادرته، ليست شراكة حقيقية، كونها مبينة على "أوسلو" والتي تعتبر نتاج فصيل سياسي معين، مشدداً على أن "أوسلو" فقدت شرعيتها الدولية منذ 1999م وشرعيها الدستورية بانتهاء ولاية كل من عباس والمجلس التشريعي.
واعتبر القططي دعوات "مجلي" الى دعم المقاومة الشعبية السلمية تهدف إلى إعفاء المحتل "الإسرائيلي" من تكاليف احتلاله، مؤكدا أن الاحتلال يتحمل مسئولية الانقسام الفلسطيني بالدرجة الأولى .
واستنكر د. القططي تهديدات عضو اللجنة المركزية لحركة فتح عزام الأحمد، وتوعده سكان القطاع بمزيد من الإجراءات والعقوبات، لافتاً انها جاءت في ذات السياق الذي أقدم عليه الاحتلال "الاسرائيلي" عبر تشديد الحصار وفرض الإجراءات على القطاع والمتمثلة مؤخراً في إغلاق معبر كرم أبو سالم التجاري.
وحول مآلات "صفقة القرن"، واحتمالات تمريرها، استبعد الدكتور القططي، تمريرها وذلك بسبب الإجماع الفلسطيني على رفضها بغض النظر عن دوافع ومبررات الرفض، مشيراً في الوقت ذاته، لوجود قوى دولية كالولايات المتحدة تدفع لتمرير "صفقة القرن" لأهداف ومصالح اقتصادية، فضلاً عن قوى إقليمية كمصر والسعودية تدفع لتمرير الصفقة بهدف ضمان وصول محمـد بن سلمان إلى عرش المملكة، ومحاولات السعودية ومحورها الانتصار على المحور الإيراني".
حل الدولتين لم بعد مقدساً ..
من جانبه أكد الكاتب والمحلل المختص بالشأن الإسرائيلي الأستاذ حسن لافي، أن الحل الأمريكي للمنطقة أو ما يسمى بـ "صفقة القرن"، لا ينحصر في القضية الفلسطينية، إنما يهدف إلى إعادة ترتيب المنطقة وفق المصالح والرؤية الأمريكية، مشيراً إلى التحديات التي تواجه الولايات الأمريكية ومصالحها، من المحور الإيراني، والتحدي الروسي والصيني.
وبين أن صفقة القرن تهدف إلى الانتقال بالعلاقات العربية "الإسرائيلية" من التطبيع إلى الشراكة والتحالف، لتميكن المصالح الأمريكية في المنطقة والتصدي للمحور الإيراني.
وقال لافي أن الكيان "الإسرائيلي" يعرف ان انفجار قطاع غزة قادم لا محالة، وذلك نتيجة لاشتداد وتضييق الحصار المفروض على أكتر من 2 مليون فلسطيني في القطاع، والذي سيقود إلى تدهور الحالة الإنسانية يترتب عليها تدهور الحالة الأمنية والعسكرية.
واشار لافي إلى ان "ترامب" الذي صعد إلى كرسي الرئاسة الأمريكي، يحمل رؤية مختلفة عن سابقيه، حيث يرى بأن حل الدولتين لم بعد مقدساً، وأن الحل قد يأتي ضمن اتفاق "إسرائيلي" مع أي جسم سياسي فلسطيني.
وتابع:" المحتل الصهيوني دائماً ما يسعى تحقيق أمنه، والمحافظة على هدوء كيانه بأقل التكاليف، حيث يتنصل من مسئولياته تجاه سكان الضفة والقطاع كأراضي محتلة من قبله".
وفي ختام حديثه،أكد الأستاذ حسن لافي أن الفلسطينيين هم الوحيدين الذين تصدوا بدمائهم لإعلان نقل السفارة الأمريكية إلى القدس المحتلة، داعيا إياهم إلى ضرورة البحث والتمسك بحلفائهم الحقيقيين.