في هذا العام أقدمت شرطة الإحتلال على مصادرة الكعك المقدسي من الباعة العرب بحجة أن ذلك مخالف لتعاليم الشريعة اليهودية في عيد الفصح.. في وقاحة غير مسبوقة.. فهم يريدون حتى فرض تعاليمهم وشريعتهم وأعيادهم على شعبنا في القدس..
وليس هذا فحسب فاليوم في تحرر الأسير الشاب إياد عمر الشلبي.. أطلقت قوات الإحتلال الرصاص المطاطي على جموع المقدسيين المحتفلين بحرية الأسير وليصاب أسير محرر هو الرفيق إيهاب حمدان وليعتقل شاب آخر بعد تعرضه للضرب المبرح على يد قوات الإحتلال المنفلتة من عقالها..
إنها فرعنة وبلطجة وزعرنة غير مسبوقة.. يجب أن تجابه بموقف مقدسي وفلسطيني موحد. فهذه الخطوة من قبل الإحتلال لن تكون الأخيرة بل سبقتها وسيتبعها خطوات، فمن يصادر الكعك المقدسي وقبل ذلك يمنع المؤمنين من الوصول الى اماكنهم الدينية، حيث منع المسيحيون من الوصول الى كنيسة القيامة للصلاة بمناسبة عيد الفصح المجيد، وكذلك أغلقت قوات الإحتلال المسجد الأقصى أمام المصلين المسلمين، وسمحت للمستوطنين والمتطرفين باستباحته، ولم تكتف بذلك بل اعتدت على المرابطين والمصلين داخل المسجد الأقصى، واعتقلت العشرات من الشباب المقدسيين، ومن اطلق سراحه منهم فرضت عليه شروط قاسية بالإبعاد عن المسجد الأقصى لمدد مختلفة أقلها أسبوعين، بالإضافة الى الغرامات المالية الباهظة ومن يمنع الفرح وينغص على الناس حياتهم كل ساعة أظنه لا يعرف أي معنى للسلام او الإنسانية.
وفي موضوع الصلاة في المسجد الأقصى والوصول الى اماكن العبادة للمسلميين والمسيحيين، أرى بأن حجم التحريض على المسجد الأقصى ومنع المسلمين من الصلاة فيه، والسماح للمتطرفين اليهود بإقتحامه، يتم من اعلى المستويات السياسة، حيث يشارك في الإقتحامات بشكل شبه دائم عضو الكنيست المتطرف "موشيه فيجلين" وتقود عملية التحريض رئيس لجنة الداخلية في الكنيست المتطرفة "ميري ريغيف" حيث تريد شرعنة صلاة اليهود في المسجد الأقصى وتقسيمه زمانياً ومكانياً بين المسلمين والمستوطنين، ولذلك ان يعمد كل المؤمنين مسلمين ومسيحيين الى إقامة سلسلة بشرية تطالب بالحق بالعبادة والوصول الى الأماكن المقدسة، يشارك فيها اعضاء البعثات العربية الدبلوماسية في رام الله، وسفراء الدول العربية التي تقيم علاقات مع دولة الإحتلال في تل ابيب، وان يدعى اليها قناصل وممثلي الدول الأوروبية في رام الله، سلسلة بشرية تمتد من الأقصى الى القيامة، تفضح وتعري حكومة الإحتلال.
الإحتلال لن يتوقف عن مطاردة المقدسيين، بل سيواصل الضغط والتصعيد، لكي يجعل من حياتهم وبقائهم في المدينة المقدسة جحيماً.
والشيء الخطير في عمليات التصعيد هو محاولة ربط ورهن حياة المقدسيين، بحياة وتفاصيل حياة السكان اليهود في المدينة وخارجها، حيث أصبحت حركة المواصلات في الأحياء العربية تتوقف، وتغلق الشوارع المؤدية الى احيائهم في اعياد اليهود، وحتى المحلات التجارية في البلدة القديمة والمصرارة تغلق، والمداس والمؤسسات التعليمية العربية، تتأثر بذلك، نتيجة لعربدات وزعرنات ومسيرات المستوطنين وإغلاق الطرق، وخطوط الباصات العربية، يجري العمل على ربطها بالمواصلات الإسرائيلية، بحيث تكون هناك تذكرة موحدة بين الخطوط العربية والإسرائيلية، يستخدمها المسافر بين تلك الخطوط.
الإحتلال يواصل ويصعد من حربه على القدس والمقدسيين وبوتائر عالية في كل المجالات والميادين، ولا يضيع دقيقة واحدة من وقته في العمل لصالح خططه ومشاريعه في الأسرلة والتهويد، من اجل إحكام السيطرة على المدينة، وإخراجها من دائرة أي مفاوضات لاحقة، بحيث لا يبقى ما يجري التفاوض عليه، وبما يجعل الأحياء العربية في القدس، بمثابة جزر متناثرة في محيط اسرائيلي كبير.
وبالمقابل المقدسيين لا يلامون، فهم بكل إمكانياتهم وطاقاتهم وقدراتهم، يواصلون الدفاع والتصدي للهجمات والحروب التي تشن عليهم، ولكن الحرب والهجمة أكبر من طاقاتهم وقدراتهم، حرب تشارك فيها كل اجهزة دولة الإحتلال ومستوياتها، والمواجهة والمجابهة بحاجة الى إمكانيات ومقومات للصمود والبقاء، وما توفره وتقدمه السلطة من دعم وإمكانيات للقدس لا يغني ولا يسمن من جوع، فحجم المتطلبات والإحتياجات للمقدسيين كبيرة جداً، والسلطة عدا ضعف الإمكانيات وقلة دعم المقدسيين، فهي مقصرة بحق القدس والمقدسيين، عناوينها ومرجعياتها متعددة، وجهودها وعملها يفتقر الى الجدية والتنظيم والخطط والبرامج والإستراتيجيات، في الغالب يكون مبعثراً وردات فعل.
في حين دعم العرب والمسلمين للقدس لا يتعدى الخطب والشعارات، والدعم الورقي واللفظي، الذي يتخذ في المؤتمرات والقمم العربية، ولا يصل منه شيئاً، وحتى نكون منصفين احياناً يصل النزر القليل، والحديث والإعلان في المؤتمرات والقمم العربية والإسلامية عن هذا المال والدعم للقدس وعدم وصوله، ليس فقط يخلق حالة من الإحباط واليأس عند المقدسيين فقط، بل من شانه مفاقمة حالة فقدان الثقة المتفاقمة أصلاً بين المقدسيين والسلطة، حيث هي متهمة بالتقصير بحقهم، والسطو على ما يصل من مال عربي وإسلامي للقدس، لينتفع ويستفيد منه الفاسدين والسارقين، ولا يصل الى العناوين والمجالات الصحيحة المفروض ان يصل إليها.
ما يقوم به الإحتلال من إجراءات وممارسات قمعية بحق القدس والمقدسيين، يجري وفق خطط ممنهجة ومبرمجة، ولا يجري بطريقة عفوية او إرتجالية، خطط تستهدف تطويع المقدسيين وتعويدهم على ان ما يقوم به الإحتلال بحقهم، هو شيء طبيعي عليهم تقبله والتسليم به، ومن لا يريد ان يتكيف مع ذلك، فعليه مغادرة القدس، وهذا ما يطمح ويرمي إليه الإحتلال الطرد والتهجير القسري، فالإحتلال كل يوم يتخذ اجراءات بحق المقدسيين، وكل يوم يسن قوانين وتشريعات، تحد من وجودهم وبقائهم في هذه المدينة، ومن لا يطرد او يهجر بقوة القانون، فهناك مليون طريقة وطريقة يتبعها المحتل، لكي يحول حياة المقدسيين الى جحيم، ويجبرهم على الرحيل، وكان الله في عون المقدسيين.