Menu
فلسطين - غزة °-18 °-18
تردد القناة 10873 v
بنر أعلى الأخبار

ما أشبه أقدار اليوم بالأمس... حكاية اشتباك مسلح

ما أشبه أقدار اليوم بالأمس... حكاية اشتباك مسلح

بقلم نائل عبداللطيف بين الأعرج ومحلم.. فارق تاريخ ومكان مشاهد شريط مصور لخراب ورصاص اخترق جدران احد المنازل، آثار دماء على الأرض ومقتنيات تلطخت بدم شهيد تحصن في المنزل . تفاصيل كثيرة كانت تفرض على ذاكرتي العودة عاما إلى الوراء، واستذكار سيناريو اغتيال الشهيد نشأت ملحم.

 

لكن المشاهد تلك كانت لمنزل تحصن فيه شهيد آخر هو الشهيد باسل الأعرج، فكم هي كثيرة التشابهات في حياتنا، وكم هي كثيرة المصادفات التي تذكرنا بأحداث من الماضي، وكم تشابه بعضها مع الماضي تماما.

باسل الأعرج ونشأت ملحم، شهيدا انتفاضة واحدة، برصاص عدو واحد، وسيناريو اشتباك، إلى حد ما كان واحدا.

في منزل فارغ تحصن الشهيدان، ومن المنزل ايضا خاضا اشتباكا مسلحا مع العشرات من جنود جيش الاحتلال لساعات عديدة، قاتلا وكأنهما كتيبة كاملة، لم يستسلما، ولم يلقيا سلاحيهما، حتى فرغت الذخائر منهما واغتيلا فجرا، برصاص الجيش الذي ما كان له إلا ان يقهر أمام شجاعتهما.

هو سيناريو واحد خاضه الشهيدان بفارقي الزمان والمكان فقط، فالشهيد باسل الأعرج استشهد في منزل تحصن داخله في البيرة فجر يوم الإثنين في 06/03/2017، اما الشهيد نشأت ملحم فاستشهد فجرا في منزل تحصن داخله أثناء اشتباكه مع جنود الاحتلال أيضا، لكن في منطقة الظاهرة بوادي عارة في الأراضي المحتلة عام 1948 بتاريخ 08/01/2016.

باسل الأعرج... الشهيد المثقف

أشهر عديدة قضتها قوات الاحتلال بملاحقة الشهيد باسل الأعرج، واقتحامات كثيرة نفذتها في منزل عائلته في بيت لحم، بالإضافة إلى استدعاء اقاربه واعمامه للتحقيق عدة مرات دون جدوى، فقد مرت 6 شهور ولم يتمكن جنود الاحتلال من اعتقال الشهيد باسل، إلى أن حاصروه في ليلة السادس من آذار/ مارس من العام الجاري  في أحد منازل مدينة البيرة، حيث كان الأعرج متحصنا ومستعدا للاشتباك مع الجنود، وقد استمر الاشتباك حتى ساعات الفجر الأولى قبل ان تنفذ الذخيرة منه ويستشهد.

قبل أن يلاحق باسل من قبل قوات الاحتلال كان معتقلا لدى أجهزة أمن السلطة الفلسطينية، إذ اعتقل مدة ستة أشهر هو وخمسة من رفاقه على خلفية اتهامهم بالإعداد لتنفيذ عملية عسكرية ضد قوات الاحتلال، الأمر الذي نفاه باسل ورفاقه، وما ان تم اطلاق سراحهم، حتى اعتقلتهم قوات الاحتلال باستثناء باسل الذي اختفى ولم يعرف له أثر حتى يوم استشهاده.

المثقف، هكذا كان يناديه أصدقائه،  فالشهيد باسل الأعرج اشتهر بمقالاته الداعمة للمقاومة والرافضة لأي شكل من أشكال التواصل مع الاحتلال، بالإضافة إلى عمله في توثيق اهم مراحل الثورة الفلسطينية وتنظيم الرحلات الميدانية للأماكن التي شهدت أبرز معارك المقاومة.

نشأت ملحم... الشهيد المطارد

لقب نشأت ملحم بالشهيد المطارد عقب استشهاده، وذلك بعد ثمانية أيام من المطاردة والملاحقة من قبل قوات الاحتلال، بعد العملية التي نفذها في شارع ديزنكوف بتل أبيب، والتي قتل وجرح على اثرها عدد من المستوطنين.

 حاصرت قوات الاحتلال الشهيد ملحم داخل أحد المنازل في قريته عرعرة شمال الأراضي المحتلة عام 1948 في ليل الثامن من كانون الثاني/ يناير عام 2016، حيث خاض الشهيد اشتباكا مسلحا مع قوات الاحتلال استمر لساعات الصباح الأولى، قبل أن تنفذ ذخيرته ويتم اغتياله على يد قوات من المستعربين.

الشهيد ملحم كان من أشرس المقاتلين الذين واجههم جيش الاحتلال، فقد كان يقاتل من داخل المنزل وكأنه فرقة مسلحة تحارب في الداخل، فلم يتمكن جنود الاحتلال من دخول المنزل او الاقتراب منه إلا بعد ان استشهد ملحم.

شهيد مع سبق الإصرار...

كم تشابه الشهيدان بالفكرة والعمل المقاوم والعدو، وكم تشابها بتجسيد ذلك المقاوم الفلسطيني الشرس الذي يكسر شوكة الجيش الذي لا يقهر، ولا ينكسر، وكم تشابها برفضهما التسليم للعدو والقتال حتى الرصاصة الأخيرة.

واليوم، يعيد الشهيد باسل الأعرج تأكيد ما أثبته قبل عام الشهيد نشأت ملحم، على انه لا ثقافة تعلو ثقافة البندقية، ولا حوار مع الاحتلال إلا المقاومة.

الشهيدان الأعرج وملحم، جسدا حال شباب فلسطيني ضاق ذرعا من عنجهية الاحتلال وانتهاكاته المتواصلة بحق الأرض والمقدسات، ذلك الشباب الذي يعمل دائما نحو السعي لردع الاحتلال ودحره عن أرض فلسطين.