بقلم: مازن الجعبري
عندما لم تستطع بريطانيا المحتلة لفلسطين من وقف الاضراب الشامل عام 1936 والذي أدى الى الثورة الفلسطينية الكبرى, وبعد اعتقال الالاف وقتل وجرح الالاف ونسف منازل الفلسطينيين بالإضافة الى التضييق على الفلسطينيين لجأت الى الدول العربية التي انشأتها في المنطقة للتوسط عند الفلسطينيين, ووافق الحاج امين الحسيني رئيس اللجنة العربية العليا للوساطة العربية, والذي أدى الى وقف الاضراب والى تشكيل لجنة بريطانية أصدرت ما يسمى بالكتاب الأبيض عام 1937 والذي نتج عنه مشروع تقسيم فلسطين.
وعلى اثر الانتفاضة الفلسطينية الشعبية 1987-1991 دخلت م.ت.ف المفاوضات غير المباشرة ومن ثم المباشرة التي أدت الى اتفاق أوسلو وبالتالي تقسيم الضفة الغربية وعزل القدس وانشاء السلطة الوطنية الفلسطينية وكان من نتائج كل ذلك الانقسام الفلسطيني وتهميش القضية الفلسطينية وتأسيس سلطات فصائلية تحت حراب الاحتلال وتفريغ مؤسسات م.ت.ف من مؤسساتها الوطنية والشعبية والتي ما زالت اثارها تنحر القضية الفلسطينية حتى اليوم, وعلى اثر الانتفاضة الثانية 2000-2005تم الانقضاض على الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات ومحاصرته واغتياله فيما بعد وإصدار خارطة الطريق وتشكيل اللجنة الرباعية(سلطة المستعمرين على فلسطين), ودخول القضية الفلسطينية المأزق الأكبر بسبب صفقة القرن الامريكية وتوقيع اربع دول عربية جديدة التطبيع مع إسرائيل مما أدى الى تهميش القضية الفلسطينية والتعامل معها كقضية داخلية لدولة الاحتلال.
هذا ليس بالسرد التاريخي بقدر ما هو استمرار ارتكاب الأخطاء عند القيادات الفلسطينية المتواصلة والتي أدت بالإضافة الى عوامل أخرى الى اجهاض وفشل الثورات والانتفاضات المختلفة للشعب الفلسطيني منذ الاحتلال البريطاني حتى اليوم, وللحقيقة ثلاث نقاط اود استخلاصها:
أولا: الانفصال بين الجماهير والأحزاب والفصائل في مرحلة ما عندما يقدم الشعب اكبر التضحيات وتتعب القيادات المختلفة وتتساوق مع البرامج السياسية والمبادرات الدولية والمحلية مما يؤدي حتما الى أجهاض العمل الشعبي المقاوم, ويتم تذويب النتائج والتضحيات بمارثونات سياسية ومصالح فئوية وشخصية تنعكس بشكل سلبي على مجمل قضية الشعب الفلسطيني.
ثانيا: التدخلات الدولية للدول الناشطة أمريكا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا كانت طول الوقت لدعم احتلال إسرائيل لفلسطين, وجر الفلسطينيين لمفاوضات عبثية تنتهي بالتعامل معهم كوضوع انساني واقتصادي ودفعهم باستمرار للتعاون مع سلطة الاحتلال واجهاض أي محاولة للنضال او الاستقلال او نيل الحرية.
ثالثا: دور الدول العربية التقليدية وخاصة بعد توقيعها اتفاقيات السلام مع سلطة الاحتلال في فلسطين كان ولا يزال الخوف من ثورة الفلسطينيين واستقلالهم والتعامل مع القضية الفلسطينية كقضية امنية في ملفات المخابرات العربية والتساوق مع إسرائيل والارتهان للموقف الأمريكي من القضية الفلسطينية.
أخيرا الاحداث الحالية ليست نهاية الكون ولكننا بحاجة الى جيل فلسطيني جديد يتعلم من التجربة ويراجع محطات التاريخ السياسي للشعب ويكون واقعي وموضوعي ويبني برنامحه النضالي على تحقيق ثلاث ثوابت حتمية نهاية الاحتلال الإسرائيلي والعودة وتقرير المصير.