Menu
فلسطين - غزة °-18 °-18
تردد القناة 10873 v
بنر أعلى الأخبار

القوة العربية المشتركة.. ما الهدف..؟!.. راسم عبيدات

القوة العربية المشتركة.. ما الهدف..؟!.. راسم عبيدات

  إتفق رؤوساء أركان الجيوش العربية الأعضاء في الجامعة العربية، التي لم تعد تنطق بلغة الضاد ولا تخدم قضايا الأمن القومي العربي وحماية الوطن والمواطن من قريب أو بعيد على تشكيل قوة عربية مشتركة..

ومثل هذه القوة العربية المشتركة أنا أجزم لحد المطلق بأن تشكيلها ليس بهدف تحرير فلسطين او إستعادة لواء الإسكندرونة أو تحرير الجولان أو أي أراض عربية أخرى مغتصبة.. ففلسطين مضى على اغتصابها (67) عاماً لو سلمت من العرب ومؤامراتهم وتدخلاتهم لكنا الآن قد تحررنا من الإحتلال، ولكن الكثير من العربان جعلوا من قضيتنا شماعة لكي يبيّضوا صفحاتهم، وليظهروا أمام شعوبهم بأنهم قادة وطنيين وثوريين أو لتبرير قمعهم للمعارضة.. وكذلك اتخذوا منها بوابة للإرتزاق والتكسب.

إذا لم يكن الهدف من تشكيل هذه القوة تحرير فلسطين، أو حماية الأمن القومي العربي، فما هو الهدف من تشكيل هذه القوة..؟ وما هي المهام التي ستناط بها..؟ ولمصلحة من ستعمل ومن ستخدم..؟!

هذه الأسئلة هامة وضرورية جداً.. فالحالة العربية الراهنة الآن عدا عن ما تعيشه من حالة شرذمة وتفتت، فنحن نجد بأن الدول العربية تخوض مع بعضها البعض حروب تدمير ذاتي، العديد منها وبالذات مشيخات الكاز والنفط متورطة في تمويل ودعم وتسليح وتجنيد وإرسال الجماعات الإرهابية بمسمياتها المختلفة "القاعدة" ومتفرعاتها من "داعش" و"نصرة" و"سلفية جهادية" و"جيش الفتح" وغيرها، من أجل ممارسة القتل والتدمير والتخريب في العديد من الدول العربية، وعلى وجه التخصيص في سوريا والعراق، ويضاف لذلك الآن الدول العربية تخوض جيوشها صراعات وحروب مباشرة كما يجري في عدون السعودية على اليمن، وما يجري من دعم من بعض الدول العربية للجماعات الإرهابية والمتطرفة في سيناء ضد الجيش المصري وأمن مصر.

إذاً لا يوجد اتفاق على مفهوم الأمن القومي العربي المشترك، ولا طبيعة الأخطار المحدقة بالأمة العربية، ولا حتى الأعداء الحقيقيين للأمة، في ظل محاولة البعض حرف الصراع عن قواعده وأصوله من صراع عربي – صهيوني إلى صراع عربي- إيراني "فارسي"، بحيث جعل الغرب من إيران "الفزاعة" التي يهدد بها العرب، وبالتحديد مشيخات النفط والكاز، والهدف واضح، إستمرار"حلب" تلك المشيخات مادياً، من خلال بيعها السلاح الحديث والمتطور، والذي يسهم بشكل كبير في تشغيل مصانع وشركات وكارتيلات السلاح الأمريكي والأوروبي الغربي، وتوفير فرص عمل وتحقيق رفاهية ونمو اقتصادي على حساب العرب واموالهم ونفطهم.

إن تشكيل قوة عربية مشتركة، ضروري ومطلوب في حالة وجود عمل عربي مشترك وموحد، مصالح مشتركة، استراتيجية ورؤيا مشتركتان، ولكن تشكيلها في ظل الظروف والأوضاع التي تعيشها الأمة من خلافات وصراعات وانقسامات وحروب تدمير ذاتي، يجعلنا متشككين من الهدف من تشكيلها، ولمصلحة من تشكل؟ فهي لن تشكل لا لتحرير فلسطين، او أية أراض عربية مغتصبة، ولا لمحاربة الإرهاب والتطرف، فنحن نشهد ونرى بأن دولاً من النظام الرسمي العربي انتقلت الى مرحلة، ليس فقط التنسيق والتعاون السري مع "إسرائيل" بل الأمور أصبحت علنية.

لعلّ ما يجعلني متشكك في أمر هذه القوة والطريقة التي ستشكل بها، بأن خلف تشكيلها تقف أهداف، غير المصلحة العربية والأمن القومي العربي، فلعل لقاء أوباما مع قيادة المشيخات العربية في "كامب ديفيد"، لم يكن بغرض طمأنة تلك المشيخات من التزام أمريكا بأمنها والدفاع عنها في وجه أي تهديدات إيرانية..!!، بل ربما تم التطرق إلى تشكيل هذه القوة العربية، وخصوصاً هذه القوة في نهاية المطاف، لن تكون لمحاربة "إسرائيل" أو تهديد المصالح الأمريكية في المنطقة، فربما عندما تتشكل هذه القوة، تصبح بحاجة إلى الكثير من السلاح الأمريكي والغربي، وبما ينشط مصانع وكارتيلات الغرب، ويحقق عوائد اقتصادية ضخمة.

في مثل هذه الحالة تكون القوة العربية المشتركة، حالة مصطنعة، وغير قادرة على مواجهة الأخطار الخارجية، ولا حماية الأمن القومي العربي، ولا صد أي عدوان خارجي، ولا تحرير أوطان.

نحن أمام حالة عربية منهارة بشكل غير مسبوق، حالة بوصلتها مفقودة، وغير موحدة الأهداف، أغلب جيوشها منهكة ومدمرة بفعل المشاريع الأمريكية والغربية المستهدفة لها (الجيوش العراقية، السورية والمصرية) على اعتبار أن تلك الدول تملك جيوش وسلطة ومؤسسات، والرهان عليها في تشكيل قوة عربية مشتركة، تحمي أمن الأمة القومي وتدافع عن سيادتها، وتساهم في تحرير أوطانها، وباقي الدول العربية جيوشها هشة، مليشيات وقوات لحماية الأنظمة والعروش مدارة من الخارج، من أجل تفكيك وإعادة تركيب جغرافيتها، من أجل نهب خيراتها وثرواتها، وخلق كيانات اجتماعية هزيلة (دول ومشايخ وامارات)، خاضعة ومرتبطة أمنيا بـ"إسرائيل"، ومدارة اقتصادياً من قبل المركز الرأسمالي العالمي، وفاقدة لإرادتها وقرارها السياسي.

لا أتوقع أنه في حالة الإحتراب والصراعات وحروب التدمير الذاتي، بأن قوة عربية مشتركة سيكون لها تأثير في مجرى الأحداث، أو أنها ستسهم في وضع العرب على خارطة الأمم وتعطيها مكانتها الطبيعية، بحيث يحسب لها ألف حساب في قضايا المنطقة والإقليم والعالم.

هذا الخيار يصبح ممكناً فقط في حالة تحقيق نصر كبير على قوى التطرف والإرهاب، حينها يجري الحديث عن قوة عربية مشتركة بأهداف ومهام واضحة، قوة تعتبر أي عدوان على دولة عربية أو المسّ بأمنها القومي عدواناً على كل العرب، وكذلك يصبح الحديث عن تحرير الأوطان المحتلة والمغتصبة ممكناً.