بحسب القانون الدولي فإن الطفل هو من لم يبلغ سنً 18 عاماً؛ وإن تفحصنا أعمار من يعدمهم جنود الاحتلال على حواجز الضفة المنتشرة بكثرة على مداخل المدن ومفارق الطرق؛ نجدهم في سنّ الطفولة؛ أو غادروا سنّ الطفولة بقليل.
الطفل علي أبو غنام من القدس المحتلة 16 عاماً؛ أعدم واستشهد خلال عبوره حاجز الزعيم الذي يخنق القدس المحتلة ويعزلها عن الضفة؛ وللتغطية على جريمة إعدام طفل بعمر الورد؛ قام الجنود – كعادتهم- بوضع بلطة قرب جثمانه الطاهر للإيحاء بأنه كان يحملها قبل استشهاده؛ وهو ما يتكرر مع الكثير ممن استشهدوا من أطفال وشباب الضفة.
وبعد ساعات من إعدام أبو غنام قام الجنود بإعدام الشاب أسعد سلايمه؛ وزعمت سلطات الاحتلال أنه كان يحمل سكيناً طعن بها جندياً؛ تماماً مثل كذب ما ادعوه على الشهيد علي أبو غنام، وبنفس مسرحية الإعدام.
ليس فقط الحواجز الثابتة التي تقتل أطفالنا وشباننا؛ بل أيضاً حواجز متنقلة يجري وضعها ورفعها سريعاً لتصيد الأطفال والشبان صغار السنّ، واعتقالهم وجرحهم وقتلهم، وكل جرائم الاحتلال تجري على سمع وبصر العالم.
بحكم طول تجربة الفلسطينيين مع الاحتلال منذ 67 عاماً من عمر الاحتلال؛ والتي لا ينقصها اختلاق القصص والأكاذيب، والفبركات لتبرير عملية الإجرام، فوضع سلاح مزيف بجانب الشهيد وتصويره سهل جداً، ولا يحتاج للكثير من الجهد والتفكير، وهو ما لا ينطلي حتى على أصغر طفل فلسطيني عايش صور عديدة من ظلم الاحتلال.
فاجعة إعدام الطفل أبو غنام وسلايمه هزت مشاعر الفلسطينيين، وأبكت القلوب؛ فعلي أبو غنام طفل؛ يقرر جندي حاقد إنهاء حياته بكل بساطة وسرعة، ويستبيح دمه الطاهر الزكي، برصاصات الموت، والمسرحية جاهزة مسبقاً؛ وهي: حاول طعن جندي بسكين كان بحوزته، وحاول الفرار.
ورداً على استشهاد الفلسطينيين، جرى دهس عدد من شرطة الاحتلال، وحرق حافلة للمستوطنين؛ واستعرت المواجهات العنيفة في القدس المحتلة، ولكن دون أن تنتقل للضفة الغربية؛ وهو أمر مستغرب لدى المحللين.
سلطات الاحتلال تتخذ أماكن بعينها ساحات للإعدام؛ مثل الحواجز، والأبراج العسكرية، ومداخل المستوطنات، والطرق الالتفافية؛ بهدف الإعدام المخطط له سلفاً، لإرهاب الإنسان الفلسطيني أينما وجد من جبروت وقوة الاحتلال الوهمية.
إعدام أطفالنا وشبابنا، وقتلهم جهاراً نهاراً؛ على الحواجز وغيرها؛ هو رسالة واضحة للكل الفلسطيني، من القمة حتى القاعدة؛ أن دمكم رخيص، ولا بواكي لكم، وليس لكم إلا ما نتفضل به عليكم من فتات.
دم الضفة بات مستباحاً لجنود ومجندات جيش الاحتلال، واختلاق الأسباب والذرائع والأكاذيب سهل جداً من قبيل: مهاجمة الحاجز، محاولة طعن، لم ينصاع للأوامر، لم يتوقف، اقتحم الحاجز بسرعة...
يتبجح "نتنياهو" دائماً في تصريحاته أن جيش الأكثر أخلاقية بين جيوش العالم؛ ولكن الحقيقة؛ أن منظومة القيم والأخلاق في دولة الاحتلال مقلوبة ومنحرفة بشكل غير مسبوق، فالقتل عندهم عادي جداً، ما دام الضحية هو فلسطيني، وغداً سيواصلون القتل؛ معتبرين أنفسهم فوق البشر والقانون؛ إلى أن تحين ساعة الحقيقة والعدالة الربانية؛ "ويسألونك متى هو قل عسى أن يكون قريبا".