تنتشر حواجز الاحتلال العسكرية كغدد سرطانية قاتلة في مختلف مناطق الضفة الغربية، خاصة على أبواب المدن والقرى والبلدات، حيث يوجد جنود ومجندات أصابعهم على الزناد طوال الوقت، يتصيدون، يترقبون، وينتظرون فريستهم من الشباب لقتلهم بدم بارد،
كما حصل قبل يومين على حاجزي زعترة و(الكونتينر).
ترى هل مصادفة أن يستشهد شابان في ليلة واحدة، وبينهما ساعتان أو ثلاث؟!، وهل مصادفة أن الاستشهاد على حواجز الضفة الغربية؟!، وهل مصادفة أيضًا أنهما في سن الشباب؟!، وهل مصادفة أيضًا أن إعدامهما بالليل؟!
الصور التي نشرها الاحتلال من السهولة جدًّا أن تفبرك، فالاحتلال يكذب كما يتنفس، وللكذب عندهم فنون، لا يعقل أن يفكر المحاضر الجامعي جمال الدين عودة باللعب مع جنود الاحتلال بالألعاب النارية على حواجز الموت الخطرة، ولا يعقل أن يفكر الشاب أنس الأطرش بطعن جندي بسكين صغير.
يكذب الاحتلال بزعمه أن الحواجز لحفظ الأمن، ومنع عمليات المقاومة ضده؛ فقد نجحت المقاومة بتفجير قلب المدن المحتلة خلال انتفاضة الأقصى، إذ كانت الضفة الغربية محاصرة حصارًا خانقًا وكبيرًا جدًّا لا يقارن بحالة حواجز الضفة اليوم.
كل فلسطيني يمر بالحواجز يتنفس الصعداء بعد عبورها، فالمئات قتلوا على حواجز الاحتلال بدم بارد، وآلاف آخرون أسروا، فالاحتلال بسهولة عجيبة حوّل الحواجز العسكرية التي يقيمها في الأراضي المحتلة إلى حواجز للموت والاغتيال على أبواب المدن والبلدات في الأراضي الفلسطينية.
الملاحظ أن معظم من استشهدوا من الشبان على الحواجز قد استشهدوا في ظروف وملابسات واحدة، حجج وذرائع الاحتلال لتصفية الشبان بدم بارد هي هي، تتكرر بين مدة وأخرى، ولا تتغير: حيازة سكين، أو أنه لم ينصاع للأوامر، أو حركة مشبوهة، أو أنه لم يتوقف، أو حيازة جسم مشبوه (...).
تشير الإحصائيات الفلسطينية إلى أن عدد الشهداء الذين ارتقوا في عمليات إطلاق جنود الاحتلال النار عليهم عند الحواجز العسكرية الثابتة أو الطيارة وقتلوا بدم بارد، أو نتيجة منع المرضى من عبورها بحجج واهية؛ قد ارتفع إلى 413 شهيدًا منذ اندلاع الانتفاضة الثانية، من بين الشهداء نحو 32 طفلاً ولدوا أمواتًا على تلك الحواجز؛ بسبب منع الجنود النساء وهنّ في حالة مخاض من الوصول إلى المشافي.
لا يتوقف خطر الحواجز عند تهديدها أرواح الشباب الفلسطينيين والأطفال، بل يتعدى ذلك إلى إضعاف الاقتصاد الفلسطيني، والنسيج الاجتماعي، وإيجاد حالة من القهر والشعور بالعجز أمام جنود مدججين بمختلف أنواع الأسلحة.
تحظر القوانين الدولية المسّ بأرواح المدنيين أو تغيير طابع الأرض المحتلة، أو تقييد حركة التنقل بين المدن والقرى والبلدات، ولكن الاحتلال يضرب عرض الحائط بكل هذا، وكأنه فوق مستوى البشر.
الحل مع الاحتلال يكون كما فعلت كل الشعوب التي احتلت أراضيها، فلكل فعل رد فعل، ومن يظن أنه أقوى من السنن الكونية، وطبائع الأشياء؛ فهو يتحدى الله خالق الكون ومنظمه، وموجده ضمن قوانين لا يمكن الانفكاك منها، ولا جدال بأن من يتحدى الله سيبوء بالخسران والخيبة في الدنيا والآخرة.