حلمي موسى حمل وزير الخارجية الإسرائيلية أفيغدور ليبرمان بشدة على قرار حكومته من العام الماضي بوقف حرب «الجرف الصامد» على غزة، مؤكدًا أن «جولة أخرى ضد حماس» أمر لا شك فيه.
وتتحدث الأوساط العسكرية الإسرائيلية عن أن آذار المقبل هو شهر ساخن، وأن الجيش يستعد لصدامات قد تقع مع الفلسطينيين فيه. وفيما كشف تحقيق لوكالة «أسوشييتد برس» أن حوالي 90 في المئة من ضحايا حرب «الجرف الصامد» كانوا من الفلسطينيين المدنيين، أظهر استطلاع إسرائيلي نُشِر أمس أن غالبية الإسرائيليين تؤمن بأن إسرائيل خسرت تلك الحرب.
ونقلت صحيفة «ماكور ريشون» عن أوساط عسكرية قولها إن قيادة الجبهة الوسطى تعد خططًا لمواجهة احتمالات تسخين الأراضي المحتلة. وفي نظر هؤلاء، فإن نتائج الانتخابات في إسرائيل، والوضع الاقتصادي المتدهور لدى السلطة الفلسطينية، يمكن أن يوصلا الأمور إلى نقطة الغليان. وتتوقع بعض الأوساط الإسرائيلية أن يقود استمرار قطع الرواتب عن الموظفين إلى انهيار السلطة وانفجار الصدام.
وفي مقابلة مع موقع «والا» الإخباري هاجم ليبرمان بشدة الرواية التي يشيعها أنصار «الليكود» بأن الحرب الأخيرة على غزة تركت حماس «جاثية على ركبتيها»، واعتبر أن ذلك «كلام هراء». وقال: «واضح اليوم، لكل ذي عقل، أن كل الأحاديث عن أن حماس جاثية على ركبتيها، وتطلق الرجاء، هو كلام هراء فقط». وأعلن أن «أحد الالتزامات التي سأطالب بها في المفاوضات الائتلافية هو القضاء على حكم حماس. لا يمكن قبول ألا يكون هذا هدفًا مركزيًّا للحكومة المقبلة، وواضح أننا نقف أمام جولة رابعة ضد حماس. لقد رأينا الاستعراض العسكري في غزة، ونحن نعرف أنهم طوروا طائرات من دون طيار وقدرات حرب سايبرية».
ومن الجائز أن تشديد ليبرمان على وجوب إطاحة حكم حماس يشكل أرضية لمطالبته المسبقة بوزارة الدفاع في الحكومة المقبلة. ومعروف أن ليبرمان اختلف أثناء الحرب مع نتنياهو ووزير الدفاع موشي يعلون، وخرج غاضبًا من اجتماع وزاري. وقال عن ذلك في المقابلة مع «والا»: «صحيح أنهم لم يقبلوا رأيي، لكن رأيي كان مسموعًا. وقف القتال الأخير من دون تسوية مع حماس لم يقبل في المجلس الوزاري، إذ إن رئيس الحكومة ووزير الدفاع الْتَفَّا على الموضوع، بعدما كان واضحًا أن رأيي يحظى بالغالبية في المجلس الوزاري».
تجدر الإشارة إلى أن السفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة رون بروسور أرسل، قبل أيام، رسالة مقلقة إلى أعضاء مجلس الأمن الدولي، يحذر فيها من أن حماس بعد نصف عام على الحرب تستعد لحرب أخرى ضد إسرائيل. وأشار إلى أن حماس تحفر الأنفاق المتجهة نحو إسرائيل، وتهرب الأسلحة إلى القطاع، وأنه إذا لم تتدخل الأسرة الدولية بأسرع وقت ممكن، فإن صدامًا جديدًا يبدو محتومًا.
ويرى معلقون أنه رغم الخطاب الرسمي الإسرائيلي، خصوصًا من جانب نتنياهو ويعلون، والقائل إن «حماس تلقت ضربة قاصمة» وهي تخشى مواجهة أخرى مع إسرائيل، هناك في المؤسسة الأمنية من يرون خلاف ذلك، ويعتقدون أن المواجهة الجديدة مسألة وقت.
وأشار استطلاع رأي، أجري لحساب «مركز أبحاث الأمن القومي» في جامعة تل أبيب، إلى أن غالبية الإسرائيليين تؤمن أن الجيش الإسرائيلي خسر حرب «الجرف الصامد». وأظهر الاستطلاع أن 20 في المئة من الإسرائيليين يؤمنون أن حماس هي التي انتصرت في الحرب، في حين رأى 34 في المئة أن نتيجة الحرب كانت التعادل. وفي المقابل، رأى 46 في المئة من الإسرائيليين أن تل أبيب هي من كسب الحرب الأخيرة.
وكان استطلاع سابق للمركز، أجري الصيف الماضي بعد الحرب، أظهر أن 4 في المئة فقط من الإسرائيليين يعتقدون أن حماس هي التي كسبت الحرب، مقابل 71 في المئة قالوا إن إسرائيل هي التي انتصرت. وفسر الخبراء هذه الفجوة بين الاستطلاعَين على أنها شهادة بأن الجمهور الإسرائيلي مع مرور الوقت لم يعد يرى نتيجة الحرب على أنها انتصار، وإنما هي تعادل في أفضل الحالات وخسارة في أسوأها.
واعتبر الدكتور يهودا بن مئير، الذي حلل نتائج الاستطلاع في مؤتمر عقده «مركز أبحاث الأمن القومي» أمس، أن «الصورة الأشد إثارة للقلق هي التي تتبدى في صفوف الشباب، حيث قال 39 في المئة منهم إن إسرائيل انتصرت، في حين قال 44 في المئة إن حماس هي التي انتصرت. إن خطاب انتصار إسرائيل يتراجع فعليًّا».
واستبقت «أسوشييتد برس» تقرير لجنة التحقيق الدولية بشأن الحرب الإسرائيلية الأخيرة على غزة فأعلنت أنها حققت في 247 عملية قصف إسرائيلي على مبانٍ مدنية في القطاع، لقي فيها 844 شخصًا مصرعهم. وكان بين هؤلاء 508 من الأطفال والنساء والشيوخ، وهو ما يشكل حوالي 60 في المئة من عدد الشهداء. وأشار التحقيق إلى أن حوالي ثلث القتلى كانوا ممن هم دون سن الـ 16 عامًا، وأن 280 منهم كانوا دون سن الخامسة. وعمومًا أشار التقرير إلى أن بين الشهداء 96 من النشطاء المسلحين، أو المشتبه بتورطهم في أعمال ضد إسرائيل، ما يجعل نسبتهم حوالي 11 في المئة فقط من عديد الشهداء في الحالات التي تم فحصها.