حق لكل إنسان فلسطيني أن يرفع رأسه من الآن فصاعدا، ويتباهى بفلسطينيته ليس تكبرا ولا عنصرية؛ بل تواضعا وفرحا بنشوة النصر وصنع المعجزات والبطولات النادرة في ظل واقع ومحيط عربي ذليل منبطح وعاجز ومقرف.
الانجاز الذي حققته المقاومة الفلسطينية في غزة هو ليس لـ"حماس" أو "الجهاد" فقط؛ بل هو لـ"فتح" والجبهتين ولكل القوى الفلسطينية والشعب بجميع أطيافه ومكوناته؛ وهو أيضا شكل دفعة قوية لكل المظلومين سواء من العرب أو المسلمين أو حتى في أي بقعة من الأرض؛ وإلا ماذا نفسر خروج مظاهرات ضخمة في كافة أنحاء العالم تأييدا لغزة ومقاومتها الباسلة، ورفضا للعدوان عليها من شذاذ الأفاق؟!
المقاومة في غزة شغلت العالم وفاجأته بقوة إرادتها وعزيمتها وتصنيعها التي لا يوجد لها مثيلا عبر التاريخ؛ فهي تتحدى قوة تعتبر سادس أقوى قوة في العالم؛ وتحقق انجازات يتفاخر بها الكل الفلسطيني الذي طال انتظاره وشاب لهذه اللحظة؛ التي قال فيها في وجه ظلامه لا وألف لا للاحتلال والركوع والإذلال.
ليعلم العالم حجم إجرام الاحتلال فلينظر لمطالب المقاومة في التهدئة؛ فهي مطالب إنسانية وعادية جدا وتقرها القوانين الدولية ولا يوجد فيها أمر عسير، ولكن الاحتلال لعظم إجرامه وغطرسته أوصل الحالة الفلسطينية لهذه المرحلة؛ وان تحققت شروط المقاومة والتي هي قاب قوسين أو أدنى فهو نصر لها واستراحة محارب.
أفرزت الحرب العدوانية على غزة حالة من الاستقطاب الحاد؛ وكشفت المستور من خبايا المواقف والقلوب؛ وعرت أنظمة عربية كانت تكذب صباح مساء على شعوبها أنها مع الحق الفلسطيني ومسافة السكة، وكذلك عرت مواقف عديدة لأشخاص كان يعتقد أنهم يقفون مع الحق وأهله؛ وإذا بهم يسفهون المقاومة ويريدون أن يحولوا نصرها إلى هزيمة بحديثهم عن الخسائر وغير ذلك من أحاديث الافك.
المظاهرات التي تجوب شوارع العالم قاطبة هي مظاهرات ضد العدوان ومع العدل، وهي من باب الإنسانية لا تقبل أن ترى أطفال يقصفوا وهم يلعبوا على شاطئ البحر، ولا يقبل الحس الإنساني أن يرى أطفال ونساء وشيوخ غزة يقتلون جهارا نهارا.
ما حققته المقاومة في غزة لم يحلم به أي فلسطين من قبل، فقد طال شوق رؤية جنود الاحتلال وهم يهربون كالفئران إلى الملاجئ، وطال انتظار رؤيتهم يألمون كما نألم، وطال انتظار رؤيتهم يستجدون التهدئة.
أجمل ما في المقاومة والعصف المأكول أنها وحدت الجميع تحت راية المقاومة، فترى الحمساوي والفتحاوي والجهادي والجبهاوي يقصف معا تل الربيع"تل ابيب"، ويهتفون معا الله أكبر كشعار نصر على مر التاريخ؛ فالمقاومة كانت دائما توحد بعكس المفاوضات التي كانت دائما تفرق ولا تحقق شيئا للفلسطينيين طوال 20 عاماً.
في المحصلة العصف المأكول هو جولة انتصرت فيها المقاومة بالنقاط، واستراحة محارب بانتظار الجولة القادمة والتي ستكون أشد وأعنف، وسيتم فيها تحرير أجزاء من الأرض الفلسطينية بعون الله، "ويسألونك متى هو قل عسى أن يكون قريبا".
* إعلامي فلسطيني يقيم في بلدة سلفيت بالضفة الغربية