علاقة الصائم بدولة الاحتلال هي علاقة رفض ومقاومة وإعداد للتخلص منه، لكنسه لمزابل التاريخ؛ لا علاقة تعايش وقبول له والفوز برضاه، وهي لا تكون فقط بالدعاء عليه؛ بل بخطط وبرامج ممكنة التحقيق، وبخطوات عملية لمقاومته، ومنها المقاومة الاقتصادية.
تدخل المحلات التجارية فترى العديد من المستهلكين يقبلون على شراء منتجات الاحتلال، مثل عصير البرتقال "تبوزينا" ويقبلون على شراء التمر الذي ينتجه الاحتلال، وإذا قمت بحث شخص ما على ترك منتجات الاحتلال، لا يعجبه القول وقد يقول باستهزاء: بضاعة الاحتلال أجود، ولا يوجد بديل عنها فلسطينيا أو عربيا وإسلاميا، وان وجد، فهو ليس بجودة بضاعة الاحتلال!
صوم لا ينبه صاحبه لحرمة التعامل مع منتجات الاحتلال، والإفطار على تموره خلال رمضان وغيره من الأشهر؛ هو صوم يشوبه خلل كبير ونقص شديد في الفهم الصحيح لبناء مواطن صالح يضحي ويبني ويبغي الخير لوطنه، والخطورة هنا في الشهر الفضيل هي من بعض التجار الجشعين، وقصة البطيخ خير شاهد.
أليس من المؤسف، ومما يندى له الجبين؛ أن تكون السوق الفلسطينية ثاني أكبر سوق لمنتجات الاحتلال؛ حيث يبلغ حجـم الواردات السنوية الفلسطينية من منتجات الاحتلال ثلاث مليارات دولار؛ في الوقت الذي توجد فيه بدائل كثيرة لمنتجات الاحتلال...؟!
صحيح أن الاحتلال يتحكم في مفاصل كثيرة من حياتنا، ويعد أنفاسنا ويحسبها علينا، ويجثم على صدرونا ساعة بساعة؛ ولكن هناك أمور يمكن الانتصار فيها عليه بقليل من الإرادة؛ مثل ترك منتجاته وعدم شرائها، والتي لا يوجد لها بديل يمكن أن الاستعاضة عنها بمنتجات مستوردة.
لا خير في صائم يرى المنكر ولا يحرك ساكنا ولو بأضعف الإيمان؛ بان يسكت على أخيه الصائم دون أن يحثه ويشد على يديه؛ للتوقف عن دعم اقتصاد الاحتلال، ومقاومته بكل الوسائل والطرق التي أقرتها الشرائع والقوانين الدولية، ما عرف منها وما خفي.
ترتفع درجة حرارة الإيمان خلال شهر رمضان، ويحاول الصائمون خلاله البعد عن كل ما يعكر صفو صيامهم لزيادة أجرهم عند الله تعالى؛ بالمقابل هناك من يفسد صيامه عبر تناوله حبات من تمر مع موعد الإفطار دون أن يعلم بذلك!
الأصل أن يرتفع منسوب الإيمان وحرارته خلال شهر رمضان؛ وبالتالي ارتفاع منسوب مقاومة المحتل، ولو بأضعف الإيمان، بمقاطعة منتجاته.
من غير المعقول أن تكون ثقافة مقاطعة المحتل متدنية لدى الصائمين العاديين؛ بحيث لا يعلمون أن إلحاق الضرر كان صغيراً أم كبيراً بالشعب هو خيانة وإثم عظيم، يتجاوز الإضرار بالشخص، ليصل مجموع المواطنين.
الأصل في العلاقة مع المحتل هي علاقة مقاومه على قدر المستطاع، وضمن المعطيات والإمكانيات المتاحة، وتطويع الظروف للتخلص منه، لا الاستسلام لها، وهذا معروف ومعلوم بالضرورة لدى كل شعوب الأرض التي احتلت، وحتى التي لم تحتل.
يؤخذ على البعض تركيزهم على قضايا لا تمس حياة الصائمين اليومية خلال شهر رمضان؛ بدل التركيز على أمور تهم الصائم؛ كي يبقى صومه مقبولا ولا غبار عليه؛ مثل شراء تمور الاحتلال ومنتجاته، والتي يلاحظ زيادة في الإقبال عليها خلال شهر رمضان بحجج ومزاعم هي من وسوسات الشياطين.
من يصر – بعلم أو جهل -على شراء تمر الاحتلال ويفطر عليه في شهر رمضان، فصيامه فيه نظر ويصل لدرجة عدم القبول؛ لأنه بذلك يدعم اقتصاد العدو؛ بدل دعم الفلاح الفلسطيني البسيط الصامد، والمغلوب على أمره، والمحارب من قبل الاحتلال على مدار الساعة في مختلف أرجاء الوطن.
* إعلامي فلسطيني يقيم في بلدة سلفيت بالضفة الغربية