Menu
فلسطين - غزة °-18 °-18
تردد القناة 10873 v
بنر أعلى الأخبار

تنبؤات الصهاينة تدفعنا لتأجيج المقاومة

بقلم: تيسير الغوطي    

  كثرت في الآونة الأخيرة المقالات والدراسات الصهيونية التي تتحدث عن مستقبل دولة الكيان وتحاول استشراف هذا المستقبل بالحديث عن الأسباب المؤثرة في ذلك المستقبل’ وهي في غالبيتها أسبابا داخلية وليست خارجية، معتبرة أن تضخيم الأسباب الخارجية من قبل البعض خاصة القيادات السياسية إنما هي محاولة منهم للتغطية على فشلهم وفشل إدارتهم للحد من الأسباب الداخلية وتأثيرها على مستقبل الدولة الوجودي، ومحاولة بائسة لتوجيه الأنظار للخارج بعيدا عن الداخل وما يتضمنه من أسباب ستؤدي بعد تراكمها إلى انهيار دولة الكيان الصهيوني وإزالتها من الوجود، الانهيار والزوال لدولة الكيان الصهيوني يكاد يكون القاسم المشترك لتلك المقالات والدراسات، وعليه فهي ترى أن الحل والمخرج أمام الصهاينة هو البحث عن مكان آخر يذهبوا إليه في أوروبا أو أمريكا أو كندا.

   والمثير في الأمر أن أصحاب هذه المقالات والدراسات الصهيونية ليسوا من اليساريين أو المتهمين منهم بالتعاطف مع أبناء الشعب الفلسطيني، بل جلهم من أصحاب المناصب والقيادات العسكرية والسياسية على حد سواء، مثل رئيس الوزراء، وزير، مسئول الموساد، أو جنرال في الجيش، أو رئيس أركان .....الخ، إضافة إلى كثير من الصحافيين والمحللين العسكريين للصحف والمواقع الصهيونية المقربين من الأجهزة الأمنية بما فيهم عدد من الصحافيين اليمينيين المتشددين.

    ولا يتسع المجال هنا لنقل تلك الأقوال والتنبؤات الصهيونية لضيق المجال عن ذلك، ويمكن الرجوع عليها بسهولة في الأماكن المخصصة لذلك، وسأكتفي بآخر تلك التنبؤات ففي مقال بوكالة سما الإخبارية 15/10/2022 عنوانه إسرائيل تناقش زوالها… رئيس الموساد السابق تامير باردو : “عدوّنا الحقيقيّ نظام الإبادة الذاتيّة ونحن ننهار داخليا, كما جاء في المقال "ما من شكّ بأنّ السلطات ذات الصلة تُحاوِل إخفاء ظاهرة ما يُسّمى إسرائيليًا بـ(الهجرة المعكوسة)، فلقد نشرت وزارة الاستيعاب الإسرائيلية معطياتها عن الهجرة اليهودية، وفق دراسة أعدّتها، وجاءت مفاجئة وصادمة للأوساط الإسرائيلية، لأنّها أظهرت أنّ ثلث اليهود في إسرائيل يؤيدون فكرة الهجرة، وعلى وجه خاصٍّ بعد المواجهة العسكرية مع المقاومة الفلسطينية في أيار (مايو) 2021. ووفقاً لأرقام الوزارة ذاتها، غادر إسرائيل 720 ألف مستوطن إسرائيلي، واستقروا في الخارج بصورة رسمية منذ مطلع العام الماضي، 2021، وهذا العدد مُرشّح للارتفاع في هذا العام، بعد أنْ ضربت المقاومة الفلسطينية مفهوم الأمن القوميّ الإسرائيليّ في مقتل، وحسب دراسة صادرة عن مركز تراث (بيغن)، فإنّ 59 بالمائة من اليهود في إسرائيل توجهوا أوْ يفكرون بالتوجه إلى سفاراتٍ أجنبيّةٍ للاستفسار وتقديم طلبات للحصول على جنسياتٍ أجنبيّةٍ، بينما أبدت 78 بالمائة من العائلات اليهودية دعم أبنائها الشباب للسفر إلى الخارج,  ولكن ما يهمنا الحديث عنه هو ما هو الواجب علينا –كفلسطينيين – فعله أمام هذه المقالات والدراسات ، حتى يتم الإسراع في تحقيق تلك التنبؤات واستشراف المستقبل؟

   الإجابة على هذا السؤال ينحصر في اتجاهين الأول الانتظار حتى تؤتي تلك الأسباب ثمارها، ويتفكك الكيان الصهيوني ويرحل الصهاينة عن ارض فلسطين ، وتعود لأصحابها من أبناء الشعب الفلسطيني، وكفى الله المؤمنين شر القتال، وهذا مخالف لكل سنن التاريخ وثورات التحرر عبر العالم، والاتجاه الثاني : هو الانخراط في المقاومة والتصدي للكيان الصهيوني بكل أشكال المقاومة وفي مقدمتها المقاومة العسكرية . 
تعتبر المقاومة العسكرية والعمل الجهادي الفاعل الأفضل وأدق الإجابات عن السؤال المطروح ماذا علينا فعله؟، فهي الكفيل لأن تسرع من الوصول إلى حالة تفكك الكيان الصهيوني وزواله من ارض الواقع رغم الثمن الباهظ الذي سندفعه من دماء أبنائنا ومن أموالنا وممتلكاتنا ، وذلك للأسباب التالية: 

المقاومة تعمل على زيادة تكلفة الاحتلال الصهيوني والثمن الذي سيدفعه من اقتصاده وأمن مستوطنيه، وكلما زادت التكلفة كلما اقتربت لحظة الخلاص وزوال الاحتلال ، والتي عندها يكون الثمن الذي يدفعه الاحتلال ( بفعل المقاومة) أكبر من الثمن الذي يجنيه المحتل الغاصب، وهذا القانون هو الذي يحكم العلاقة بين المحتل الغاصب والشعوب المحتلة أرضها وثرواتها عبر التاريخ وفي مختلف مناطق العالم، من فيتنام إلى كوبا إلى الجزائر إلى ليبيا ... الخ، وحتى الكيان الصهيوني في جنوب لبنان وقطاع غزة ، رغم كل التصريحات التي أطلقها ويطلقها المحتل الغاصب, فرئيس الوزراء في حينه شارون الذي يعتبر مستوطنة نتساريم في قطاع غزة كمدينة تل أبيب هو الذي هرب منها تحت ضربات المقاومة، وقبله اعتبر الفرنسيون الجزائر قطعة من فرنسا لكنهم وبعد 130 سنة من احتلال الجزائر وسيل الإجراءات القمعية ضد الجزائريين اضطروا للانسحاب تحت ضربات المجاهدين وفعلهم المقاوم.

المقاومة تحرم المغتصبين الصهاينة خاصة المستوطنين من الأمن والأمان الشخصي والمجتمعي والحياة الرغيدة، أهم الأسس التي دعمت مجيئهم لفلسطين وعملت عليها الدعاية الصهيونية عبر مؤسساتها وأبواقها الإعلامية.
المقاومة وما يترتب عليها من تكلفة للمحتل الصهيوني تعمق وتؤكد للصهاينة خاصة المستوطنين أن أفضل الحلول للحفاظ على حياتهم وممتلكاتهم هو الخروج والهروب من فلسطين باتجاه أماكن أكثر أمنا وأضمن للعيش الرغيد في أوروبا وأمريكا وكندا، وهذا ما دعت إليه كثير من المقالات السابق الإشارة إليها.

المقاومة هي اقصر الطرق لنيل الحقوق بل هي الطريق الوحيد لذلك، إذ لا يمكن انتزاع الحرية و الاستقلال ونيل الحقوق وطرد المغتصب بالتمني والأمنيات، وسلوك الطرق الأخرى بعيدا عن المقاومة بكافة أشكالها وأولها المقاومة العسكرية الجهادية، فهذا مخالف لسنن التاريخ، ومناقض لسيرة كل الثورات التحرر عبر التاريخ خاصة الحديث منه، والتجربة الفلسطينية الرسمية (السلطة) خير دليل على ذلك.

المقاومة والجهاد وما يترتب عليها من استخدام القوة المؤذية للأعداء هي اللغة التي يفهمها العدو الصهيوني، فهو لا يفهم غير لغة القوة التي تجبره على التراجع عن بعض ظلمه وعدوانه وصولا إلى التراجع الكلي أو الانهزام المذل، وما حدث في جنوب لبنان خير دليل على ذلك, ونتائج ثلاثة عقود من المفاوضات السلمية (العبثية) مع السلطة الفلسطينية الرسمية دليل آخر. المقاومة تمثل استجابة وتنفيذا للأمر الإلهي الوارد في كثير من النصوص

القرآنية الكريمة والأحاديث النبوية الشريفة، والتي تحض على قتال الأعداء المغتصبين للأرض والحقوق ، وترتب على تلك الاستجابة الأجر العظيم والثواب الجزيل، وفي نفس الوقت تحذر من ترك الجهاد والمقاومة ، لأن نتيجة ذلك الحتمية الذل والهوان مصداقا لقوله صلى الله عليه وسلم:"ما ترك قوم الجهاد إلا ذلوا"أو كما قال عليه الصلاة والسلام.

   لذلك كله فإن على المسلمين جميعا والفلسطينيين خصوصا وفي كافة مواقعهم وعلى اختلاف توجهاتهم وتخصصاتهم أن يعملوا جميعا على تأجيج المقاومة في كل ساحات الوطن بكافة السبل والإمكانات المتاحة، وما يحدث اليوم في ساحة الضفة الغربية والقدس الشريف من تصاعد للمقاومة ضد الاحتلال الصهيوني فرصة للكل الفلسطيني المؤمن بالمقاومة من أحزاب وفصائل وكتاب ومفكرين للاتكاء عليها والانطلاق منها نحو تثوير باقي الساحات الأخرى في الوطن الفلسطيني المحتل، ، ففي ذلك تحقيق لمبدأ وقاعدة وحدة الساحات الفلسطينية في مواجهة العدو الصهيوني، وهو ما يعني إسقاط أهم الركائز التي يعتمد عليها الكيان الصهيوني لإدامة احتلاله للأرض والمقدسات, والمتمثل في تجزئة الوطن الفلسطيني والاستفراد بكل ساحة منفردة بعد عزلها عن الساحات الأخرى، كما أن تثوير الساحات (الضفة – غزة – أراضي 48- القدس- الجوار العربي والإسلامي) معا سينهك قوات الاحتلال الصهيوني وستقف عاجزة عن المواجهة في جميع الجبهات مما يعجل الانتصار عليه إن شاء الله.