بقلم/ خالد صادق
عدم وجود اعداد كبيرة من الفلسطينيين للرباط في المسجد الأقصى المبارك، والدفاع عنه من خطوات الاحتلال التصعيدية داخل باحات المسجد الأقصى, سواء من خلال الاقتحامات المكثفة للأقصى, او أداء الصلوات التلمودية في باحاته, وحلقات الرقص الهمجية لقطعان المستوطنين داخل الأقصى, وإدخال البوق للنفخ فيه كنذير شؤم لإقامة الهيكل المزعوم على انقاضه, والشروع بخطوات عملية للبدء بالتقسيم الزماني والمكاني للمسجد الأقصى, كل هذه الخطوات التصعيدية كانت تتطلب تحركا شعبيا فلسطينيا وعربيا واسلاميا, في ظل غياب المواقف الرسمية مما يحدث داخل المسجد الأقصى المبارك, فلا أصحاب الوصاية الأردن والمغرب والجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي وغيرها استفزهم ما يحدث في المسجد الأقصى, ولا زعماء الامة العربية والإسلامية استفزهم ذلك, فلماذا لم يتحرك الفلسطينيون والشعوب العربية والإسلامية للدفاع عن الأقصى وما يتعرض له من اخطار.
فلسطينيا: اتخذ الاحتلال الصهيوني عدة خطوات لمنع الفلسطينيين من الوصول الى المسجد الأقصى المبارك, فتحت ذريعة العمليات الفدائية خلال الأعياد اليهودية قام الاحتلال بفرض طوق شامل على كل الأراضي الفلسطينية, وعزل مدينة القدس عن محيطها الخارجي, واغلق الضفة وقطاع غزة تماما امام تحرك الفلسطينيين, كما قام بنصب حواجز عسكرية ثابتة ومتحركة في مدينة القدس ومحيطها, وداخل الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 48م لمنع المقدسيين دون سن الخمسين عاما من الدخول للمسجد الأقصى, ومنع أهلنا داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948م من الوصول لمدينة القدس, والمشاركة في الرباط داخل الأقصى والدفاع عنه, فتم منع الحافلات المحملة بالمواطنين الفلسطينيين من الداخل الفلسطيني المحتل من الدخول للمدينة واعيدت من حيث أتت, حتى السيارات التي حاولت الوصول للقدس تم احتجازها وتفتيشها والتدقيق في هوية ركابها واعيدت من حيث أتت, وهذا يوحي ان الاحتلال كان يمنع تواجد فلسطينيين في القدس والاقصى لتمرير مخططات بعينها.
عربيا: غابت المواقف العربية الرسمية, فغابت الرؤية امام الشعوب العربية في كيفية نصرة القضية الفلسطينية, الشعوب تحتاج لمن يقودها, وهى لا زالت شعوب حية وقادرة على التضحية بكل شيء لأجل فلسطين, لكن هناك تغييب واضح للشارع العربي, وتهديد من إمكانية التحرك لأجل فلسطين وقدسها واقصاها ومحاولة التعمية على ما يرتكبه الاحتلال من جرائم بحق الفلسطينيين والاقصى, غاب صوت فلسطين في المواقع الإعلامية الرسمية وغابت القضية وتراجعت في الشارع العربي بفضل الخطوات الرسمية العربية التي جعلت من فلسطين وقضيتها هامشية بعد ان كانت قضية مركزية للامة العربية, والتجهيل والتعمية لا زال مستمرا ليس على المستوى الإعلامي الرسمي فقط, انما في المنابر والمساجد, لا يسمح للإمام بالدعاء لفلسطين, او الحديث عن القضية الفلسطينية, او حتى كشف جرائم الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني, فمصير هؤلاء الائمة والدعاة اذا ما تطرقوا للقضية الفلسطينية السجن والعزل من الخطابة وقطع الارزاق, وقد يصل الامر لقطع الاعناق, ورغم ذلك فالشعوب العربية تنتمي لفلسطين بفطرتها, من منكم لم يشاهد شباباً سعوديين يجوبون شوارع الرياض بسياراتهم ويهتفون لفلسطين والقدس والاقصى, رغم كم التشويه والتضليل الذي تعرضت له فلسطين وشعبها.
إسلاميا: القضية الفلسطينية تمثل مأزقاً للعديد من دول العالم الإسلامي, الذي يقيم علاقات مع «إسرائيل» ويتعامل معها باتفاقيات سياسية وعسكرية واقتصادية وامنية, ولا يستطيع ان ينتقد سياستها الاجرامية والدموية ضد الشعب الفلسطيني, ويحاول ان يتغافل ما يحدث في المسجد الأقصى المبارك, ويتحدث عن الشرعية الدولية, وقرارات مجلس الامن والأمم المتحدة, وضرورة العودة لطاولة المفاوضات, والتمسك «بالسلام» كخيار استراتيجي لا بديل عنه, رغم ان هذا الكلام الممجوج والفاضح لا يقنع أحدا, لان الشعوب الإسلامية تدرك ان «إسرائيل» كيان محتل غاصب لا يسعى للسلام, ولا يؤمن بالتعايش, وقد تنصل من كل استحقاقات التسوية الهزيلة, ولا يريد ان يمنح السلطة الفلسطينية أي شيء, لكن الدول الإسلامية تتعامى عن دورها المنوط بها تجاه فلسطين وقضيتها, فمنظمة المؤتمر الإسلامي منظمة دولية تضم في عضويتها 56 دولة إسلامية، اتفقت على المشاركة في الموارد، وتوحيد الجهود، والتحدث بصوت واحد لحماية مصالحها، وتأمين التقدم والرفاهية لشعوبها ولجميع مسلمي العالم, فاين دورها تجاه فلسطين, وأين أهدافها التي حددتها بتعزيز التضامن الإسلامي بين الدول الأعضاء, ودعم التعاون بين الدول الأعضاء في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والعلمية, دعم كفاح جميع الشعوب الإسلامية لصيانة كرامتها واستقلالها وحقوقها الوطنية, حماية الأماكن المقدسة, ودعم كفاح الشعب الفلسطيني ومعاونته لاستعادة حقوقه المشروعة وتحرير الأراضي المحتلة, العمل على محو التفرقة العنصرية وجميع الأشكال الاستعماريـة, لقد بقيت مجرد حبر على ورق, وهى ملتزمة بالتغييب.