بقلم: د. عامر خليل
تمديد رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو ليوسي كوهين في رئاسة الموساد حتى منتصف عام 2021 بعد ان تم التمديد له لعام خامس يطرح اسئلة حول اسباب ذلك وارتباطه بالعمليات التي ينفذها الموساد دون الاعلان عنها في وقت رددت مصادر غربية انه مسئول عن بعض التفجيرات التي وقعت في ايران الاسبوع الماضي، وان التمديد مرتبط بهذا الملف ومؤشر على عمليات اخرى قادمة.
يوسي كوهين الشخصية الامنية الاقرب لنتنياهو والمتماثلة معه في الترويج لما يسمى التهديد الايراني للمنطقة والكيان الاسرائيلي، فهو العراب الاول لها امام دول الخليج والمروج للتطبيع معها وأرسل الى عواصمها أكثر من مرة لفتح قنوات اتصال معها وكان بمثابة وزير خارجية خاص لنتنياهو اليها وقد تحدث في مؤتمر هرتسيليا السنوي عام 2019 عن الفرص التي استجدت في هذا السياق مشيرا الى العلاقات مع مصر والاردن وضرورة الحفاظ على اتفاقيات السلام معها، ودائرة لما اسماه السلام مع دول اخرى تشارك اسرائيل نفس الرؤية بالنسبة للتهديد الايراني وتقيم معها علاقات سرية وقنوت اتصال دائمة، وكانت الزيارة الاخيرة لكوهين الى الاردن قبل شهر في محاولة لاقناعها بالعدول عن معارضة خطة الضم لأجزاء مع الضفة المحتلة.
كوهين سليل اليمين الاسرائيلي فوالده كان ناشطا في منظمة ايتسيل اليمينية قبل عام 1948وخدم في الموساد منذ عام 1983 وتدرج في دوائره المختلفة وصولا الى نائب لرئيس الموساد عام 2011 ورئيسا لمجلس الامن القومي عام 2013 فرئيسا للموساد عام 2016 وهو يتمتع بعلاقة متينة مع نتنياهو ويحظى بثقته وبحكم هذه المواقع كان على قرب يومي مع نتنياهو جعله يشير الى ان يوسي كوهين سيكون خليفته في زعامة الليكود، ونسج علاقات مع الإدارة الأميركية واوكله نتنياهو بملف المفاوضات السرية مع البيت الأبيض الأميركي حول الموضوع النووي الإيراني، وكان مبعوثا لنتنياهو الى واشنطن بهذا الشأن، وخلال زيارة وزير الخارجية الامريكي مارك بومبيو الى تل ابيب التقى مع كوهين قبل ان ينضم اليهما نتنياهو ليؤكد دوره الرئيس في السياسة الخارجية الاسرائيلية.
التبني الكامل لمواقف نتنياهو السياسية والامنية ظهر في اجتماع المجلس الامني السياسي الاخير الذي ناقش خطة الضم حيث ذهب كوهين على خلاف الشاباك والاستخبارات العسكرية الى انها لن تؤدي الى توتر كبير وستكون ردود فعل على مستوى منخفض مؤيدا تطبيقها باعتبارها فرصة لن تتكرر فيما لا يمكن فصل هذا الموقف عن التوظيف السياسي لمواقف الاجهزة الامنية فليبرمان زعيم حزب «اسرائيل بيتنا» اتهم كوهين بتسريب معلومات امنية تتعلق بإيران لخدمة مواقف نتنياهو السياسية والتمهيد لدخول الحياة السياسية في وقت يتطلب تعيين رئيس جديد للموساد توافقا بين نتنياهو وغانتس المختلفين في توقيت الضم ومساحته.
البعد السياسي في تعيين رؤساء الاجهزة الامنية يبرزه تعيين نتنياهو لكوهين رئيسا للموساد والتمديد له مرتين وهو الاقدم فهو قادم من بيئة اجتماعية سياسية معروفة بتأييدها لليمين الاسرائيلي وما كشفته هآرتس من عدم التمديد لرئيس الشاباك نداف ارغمان الذي ينهي مهام منصبه في منتصف العام القادم والتمديد لرئيس الموساد يدلل على ذلك، والذي جاء على خلفية التسريب عن اختراق ايران للهاتف النقال لبني غانتس وتوظيف نتيناهو لذلك في الحملة الانتخابية ضد غانتس حيث قال «لا يعقل أن يكون رئيس الحكومة في إسرائيل معرضا للابتزاز من إيران، ولا يمكن أن يكون هناك وضع يمارس فيه أحد ما ضغوطا عليه»، وقد اتهم غانتس نتنياهو بالتسريب بمساعدة رئيس الموساد يوسي كوهين الامر الذي ينفيه، فيما يتهم نتنياهو رئيس الشاباك ارغمان بعدم اطلاعه على تفاصيل الاختراق وهو السبب في عدم التمديد له.
التداخل بين الامني والقضائي والسياسي صبغ تعيينات نتنياهو في هذه المجالات وتعيين امير اوحانا وزيرا للقضاء ثم وزيرا للأمن الداخلي كان صارخا في العمل على توظيفه لخدمة اهداف نتنياهو في انهاء ملف الفساد، والان يسعى نتنياهو مع التمديد لكوهين لحرف الانظار عن هذا الملف وازمة كورونا نحو ايران وتكرار التفجيرات في ايران وتصريحات نتنياهو قبل الاسبوع الماضي عن التهديد الايراني يوحي ان التمديد يسير في هذا الاتجاه كما اعلن البيان الصادر عن مكتبه بان تحديات امنية وسياسية فرضت التمديد.