كأن اسرى شعبنا لا يكفيهم ما تمارسه بحقهم إدارة مصلحة السجون الإسرائيلية واجهزة مخابراتها من قمع وتنكيل وإهمال طبي،لكي تأتي جائحة " كورونا" لكي تزيد من معاناتهم وخوفهم وقلقهم،فإدارة مصلحة السجون الإسرائيلية وأجهزة مخابراتها آخر ما تفكر به حياة الأسرى الفلسطينيين،حيث حتى اللحظة لم يجر القيام بعمليات تعقيم للسجون وغرف الأسرى و" مسالخ" التحقيق والزنازين،ولم تقدم للأسرى وسائل الوقاية من هذه الجائحة،والظروف ليست مهيأة لكي تجري الفحوصات اللازمة لهم،لمن قد تفتك باجسادهم جائحة " كورنا" لا سمح الله،وخصوصاً بان هناك عشرات الأسرى الذين يعانون من أمراض مزمنة وخطيرة،ولا يوجد لأجسادهم المناعة الكافية،وكذلك لا تتوفر لا غرف عزل ولا حجر لهم في سجون الإحتلال.
ندرك مدى قصورنا بحق أسرانا وما نحن فيه من عجز،عندما يتساءل أكثر من خمسين أيقونة من أيقونات شعبنا ما زالت خلف جدران سجون الإحتلال وفي أقسام عزله وزنازينه ...أقلهم مضى على وجوده عشرين عاماً فما فوق ....ومنهم من جاوز الثلاثين عاماً ،بل الأربعين عاماً في الأسر والإعتقال وفي مقدمتهم الأسرى نائل البرغوثي كريم يونس ماهر يونس وليد دقه ابراهيم أبو مخ ،والذي نخرت الأمراض جسمه،وليكتشف مؤخراً انه مصاباً بالسرطان،صالح ابو مخ ابراهيم بيادسة سمير ابو نعمة ومحمد الطوس ونائل وعلاء البازيان وناصر عبد ربه وعدنان مراغة ورجب الطحان والأسيرين العائدين للسجن حديثاً عمر البرغوثي والشيخ محمد أبا طير والقائمة تطول... من يتحمل المسؤولية عن معاناتنا واستمرار بقائنا في سجون الإحتلال..؟؟ولماذا تركنا وحيدين نواجه الجلاد والسجان..؟؟؟وألف لماذا ولماذا مشروعة يطرحها هؤلاء الأسرى،وتبقى إجاباتها معلقة .
أسرى شعبنا في الداخل الفلسطيني- 48- والى حد ما أسرى القدس ،هم الأكثر ظلماً واضطهاداً وتعرضا للقمع والتنكيل بهم،فهم من رفض الاحتلال أن يتفاوض باسمهم وفد منظمة التحرير الفلسطينية،على اعتبار انهم من حملة الجنسية والهوية الإسرائيلية،وللأسف كانت مواقف الوفد الفلسطيني المفاوض،ليست صلبة بما فيه الكفاية،بما مكن الاحتلال من استثنائهم من التحرر في عمليات الإفراج وما يسمى بحسن النوايا وكذلك في العديد من صفقات التبادل،حتى الدفعات الأربع من أسرى ما قبل أوسلو الذين اتفق على إطلاق سراحهم في المفاوضات التي رعاها وزير الخارجية الأمريكي الأسبق كيري عام2014 بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل،أسرى الداخل الفلسطيني – 48 - والعديد من أسرى القدس،اجلوا للدفعة الرابعة،وكان واضحاً بان المحتل تعمد تأخيرها،حتى يتحين فرص الغائها،وهكذا تم عندما فشلت المفاوضات.
أسرى القدس والداخل الفلسطيني- 48 -،كان المحتل وإدارة مصلحة السجون يتعمدون وضعهم في سجون او أقسام خاصة،لكي يمنعوا اختلاطهم ببقية أبناء الحركة الأسيرة الفلسطينية،وما ترتب على ذلك من منع للمحامين من زياراتهم،على اعتبار أنهم مواطنين او ساكنين في دولة الاحتلال.
أيقونات الحركة الأسيرة الخمسين ومن سبقهم من قادة الحركة والقادة الحاليين،هم الذين صمدوا وضحوا وتتلمذ وتخرج على أيديهم المئات،بل الألآف من أبناء الحركة الأسيرة،كانوا دائماً القادة والرموز لكل المعارك النضالية التي خاضها أسرانا،يتقدمون الصفوف،ويوزعون معنويات وصمود على كل الأسرى،لم تلن لهم قناة،ولم تضعف لهم عزيمة،ولم تنكسر لهم إرادة،لآن الحديد ولم تلن اجسادهم،رغم ان أجساد الكثيرين منهم تحولت الى مجمعات لأمراض مزمنة فتكت بها بسبب رطوبة وتعفن زنازين وغرف السجون،والحرمان من العلاج،والقمع والتنكيل وطول فترة الإعتقال،إلا انهم بقوا،مدافعين عن وجودهم وهويتهم وانتماءاتهم،في وقت كانت فيه مخابرات الإحتلال تحاول مساومتهم على إنتماءاتهم تحت وعود زائفة ومضللة بتقديم تحسينات على شروط وظروف حياتهم الإعتقالية،ولكنهم رفضوا ذلك بشدة،وقالوا من اجل فلسطين وقضيتنا إنتمينا،ولن نساوم على ذلك أبداً.
بعد كل هذا الإهمال والنسيان الذي يتعرض له أسرانا من الداخل -48 - والقدس على وجه التخصيص في سجون الاحتلال،وهذا ليس من باب الجهوية او المحلية،بل هذا الواقع الموجود،لكي نغير معادلاته،فلا بد ان يكون هؤلاء القادة في رأس سلم اولويات السلطة والقوى والفصائل،وأي صفقة تبادل يجب أن لا تتجاوزهم بالمطلق،وكذلك أي عملية سياسية تجري،يجب ان يكونوا في مقدمة اجندتها إطلاق سراح هؤلاء الأسرى،اما اذا تجاوزتهم صفقة التبادل او العملية السياسية،فهذا يعني بالملموس خيانة لهؤلاء الأسرى ولتضحياتهم.وفي هذا الجانب نقول اذا ما جرت صفقة تبادل بين حماس ودولة الإحتلال،وثبت بان من بين جنود الإحتلال الموجودين لدى الحركة احياء،فيجب ان يكون هؤلاء الأسرى اول من يطلق سراحهم بعيداً عن الإنتماء الحزبي واللون السياسي.
اليوم ومن بعد انتشار فيروس جائحة " كورونا" ،وإصابة العديد من اسرى شعبنا بهذه الجائحة،فهناك اخطار جدية وحقيقة محدقة بهم،وتتهدد حياتهم،واذا لا سمح الله انتشرت هذه الجائحة في اوساطهم،في ظل ما نشهده من عدم قدرة دولة الإحتلال كجهاز صحي وطبي وعدم جهوزية المشافي والمراكز الصحية وعدم توفر الأجهزة والمعدات الخاصة بهذه الجائحة، وما تشهده سجون الإحتلال من اكتظاظ،وعدم توفر غرف للعزل او الحجر،فنحن سنكون امام كوارث حقيقية،وربما يسقط العديد من أسرى شعبنا شهداء بسبب هذه الجائحة،وعدم قيام إدارة مصلحة السجون بواجباتها والتزاماتها تجاه الأسرى،بتوفير الحماية لهم من هذه الجائحة،ولذلك يجب ممارسة ضغوط على دولة الإحتلال فلسطينية وعربية واقليمية ودولية ،لكي تطلق سراح أسرانا،او على الأقل إطلاق سراح الأسرى الأطفال والنساء وكبار السن والمرضى،وهنا نرى بأن مبادرة مسؤول حركة حماس في القطاع الأخ يحيى السنوار،بعمل على إطلاق سراح هؤلاء الأسرى ك" مبادرة إنسانية في ظل جائحة كورونا"،مبادرة يجب التمسك بها والتشديد عليها،فالمخاطر المحدقة بأسرانا كبيرة،فالجائحة لم تنحسر،بل تزداد إنتشاراً،ولذلك الضغوط على دولة الإحتلال يجب ان تتكثف سياسية ،حقوقية،إنسانية وغيرها من الوسائل،لكي نضمن إطلاق سراح أسرانا قبل أن يسقط العديد منهم شهداء بجائحة "كورونا".
في ذكرى يوم الأسير،والحركة الأسيرة تتعرض لعمليات قمع وتنكيل ممنهجة من قبل إدارة مصلحة السجون الإسرائيلية واجهزة مخابراتها،وفي ظل الإستهداف الشامل لها،بكل الوان طيفها السياسي، ومع انتشار جائحة "كورونا"،فإنه ان الآوان،لكي يفكر قادة فصائلها واحزابها المعتقلين،بانه لا بديل عن وحدة الحركة الأسيرة، وبأن يعود للحركة الأسيرة دورها وموقعها النضالي المتميز،عبر تفعيل المؤسسة الإعتقالية الموحدة،بتشكيل هيئة قيادة اعتقالية موحدة،وأنه يجب إنهاء القطيعة بين أطرافها وفصائلها،بحيث لا يكون هناك أقسام لحركة حماس واخرى للجهاد ومنظمة التحرير،فنحن عندما تفرقنا وعطلنا المؤسسة الإعتقالية الجامعة،هزمتنا إدارة مصلحة السجون الإسرائيلية واجهزة مخابراتها،ولتدليل على ذلك،ما أصاب الحركة الأسيرة من هزيمة في إضراب آب/2004،بسبب فقدان الحركة الأسيرة لوحدة مؤسساتها الإعتقالية الموحدة،من لجان نضالية،وهيئة قيادية اعتقالية موحدة،واداة تنظيمية وطنية موحدة،وما تبع ذلك من تكريس لهذا الواقع والمستجد،بفعل حالة الإنقسام التي يعيشها جناحي الوطن،وبفعل ذلك نجح الاحتلال وإدارة مصلحة السجون الإسرائيلية في فرض تلك الوقائع.