مدن كثيرة حول العالم تحولت الى مدن أشباح, وماتت فيها الحياة , فسكتت فيها الحركة, وانتشر فيها الرعب, وكأن فيروسات الكورونا أسود هائجة انطلقت تريد إن تلتهم العالم, فلم يعد يسمع في هذه المدن سوي أصوات سيارات الإسعاف. كل هذا فعله فيروس صغير ميت أصلا, فماذا فعل العالم في غزة على مدار جيل كامل؟
على مدار 14 عاما من الحصار والعالم يتهمنا بالإرهاب, وإسرائيل تدمر كل شيء وتقتل كل شيء في غزة, وتحرض العالم ضدنا والعالم يستجيب لها دون أن يناقشها.
الشباب الغزاوي يعاني من شدة الحصار, لا يستطيع تخيل سفينة سياح ترسو علي ميناء غزة الذى لم ينشأ, وليس بإمكانه أن ينظر الي السماء منتظراً طائرة تقل أحبابه العائدين من السفر لتهبط في مطار غزة الذي هدمته إسرائيل. فكل ما يراه في السماء هو طائرات حربية وصواريخ وطائرات استطلاع هدفها غزة. وليس بإمكانه أن يستقبل أصدقاءه حول العالم لأن لا أحد يفكر بدخول غزة , وإن فكر فلا يستطيع فغزة مغلقة من كل الجهات.
عندما يخشى العالم من الكورونا فان لديه ما يخشي عليه من الضياع , ممتلكاته ورفاهيته, بينما لا يخشى الناس في غزة الكورونا لأن ليس لديهم ما يفقدونه. الكثير من الضجر والخوف والرعب حول العالم من الحجر الصحي في المنازل في أقل من أسبوعين, مدن كانت لا تعرف النوم أصبحت خاوية على عروشها, فقط مراكز بيع المواد الغذائية والصيدليات تعمل بها أما الباقي فمغلق. فماذا يقول أهل غزة المحاصرين كل هذه السنوات المملوءة بالقتل والتدمير والحرمان والمرض والفقر والبؤس والبطالة ومنع السفر وقلة الدواء ومنع العلاج وأشياء أخرى كثيرة يدمى لها القلب؟
أليس هذا ظلما شارك فيه العالم ضد غزة؟
أليس هذا ظلما أن تمنع دولة تدعي الديمقراطية والحيادية تحويل مبلغ 500 دولار الى سيدة مريضة بالسرطان لتشتري بها دواء أن تقوم باستردادها من البنك في غزة بكل بجاحة «التحويل الي غزة ممنوع» لقد خص الله غزة بأن حماها من الكورونا, لان لا مقومات لمحاربة هذا الفيروس فيها سوى الدعاء الى الله.
لقد بينت الكورونا هشاشة النظم الصحية في العالم وما يحدث في ايطاليا بلد الرفاهية هو خير دليل على ذلك, أتمنى أن يتعظ العالم مما يحدث له وأن يرفع الظلم عن غزة التي لم تقف يوما ضد الإنسانية ولم تقاتل أحدا. ونحن في غزة علينا أن نكون أكثر حذرا ,ان نلتزم بالحجر الصحي. علينا إن ندعو الله أن يجنبنا ويجنب العالم هذا الفيروس, وان يكون هذا الوباء درسا لنا وللعالم لكي يعيد الكل حساباته, وأن يبدأ من جديد عالم خالٍ من الظلم, فهل يتحقق للعالم هذا؟