دولة الإحتلال كما هو حال بقية الدول الإستعمارية ودول الرأسمالية المتغولة والمتوحشة، لا تقيم وزناً لحياة البشر،فهمها الأساس الإقتصاد والأرباح والجشع والطمع،والبشر عندها مجرد "سلع"، كأي بضائع يجري التخلص منها أو إنتهاء صلاحيتها ...كيف واذا ما كان الأمر متعلق بالعمال الفلسطينيين من سكان الضفة الغربية،الذين دفعتهم ظروفهم الإقتصادية والمعيشية والحياتية للعمل في دولة الإحتلال بشروط تتصف بالإذلال وعدم توفر وسائل ومقومات الوقاية والحماية من فيروس" الكورونا" الوبائي، فأرباب العمل الصهاينة يستغلون الظروف الناشئة عن انتشار هذا الفيروس الوبائي،ويستخدمون ويستغلون هؤلاء العمال الى اقصى حد ممكن من أجل طمعهم وجشعهم وارباحهم واقتصادهم، ولذلك لا سمح الله أي عامل فلسطيني قد يشتبه رب العمل الإسرائيلي انه يعاني من أعراض فيروس " الكورونا" لا يتحمل المسؤولية عن حياته أو توفير العلاج له،بل يعتبره مجرد سلعة انتهت صلاحيتها، يقوم بنقلها الى حواجز الضفة الغربية، كما حصل مع اثنين من عمالنا،حيث تم القائهم على الحواجز دون الإكتراث لمصيرهم، وكأنهم بضاعة منتهية الصلاحية...نحن ندرك بأن انتشار فيروس "الكورونا" الوبائي، كشف زيف الحضارة الغربية،وكذلك كشف بشكل واضح بأن حقوق الإنسان هي مجرد كذبة وفرية كبرى، وبأن دولة الإحتلال، تنتمي الى تلك الحضارة الغربية الزائفة ،القائمة على الأنانية والعنصرية والإستغلال،والإفتقار الى كل القيم الإنسانية والإخلاقية،حضارة يحكمها الجشع والطمع والإستغلال و"تسليع" البشر،ولذلك لا غرابة فيما يقوم به أرباب العمل الصهاينة تجاه عمالنا الفلسطينيين المستّغلين، المحكومين بقبول العمل في ظروف وشروط لا إنسانية بسبب الفقر والعوز والجوع، وعدم توفر البديل لهم في الضفة الغربية...فنحن ندرك تماماً بان اليمين الصهيوني يتماثل مع قوى اليمين المتطرف في امريكا وبريطانيا وغيرها من الدول الإستعمارية، المحكومة بعقلية الأنا والإستعلاء والغطرسة، فالمتصهين ترامب، القادم من أعتى الكارتيلات الريعية،والذي ينظُر الى قضايا العالم على انها مجرد صفقات تجارية واتاوات و"بزنس"،ليس بالمستغرب موقفه برفض رفع الحصار الظالم والعقوبات غير المسبوقة عن ايران، ورفض السماح بإدخال المستلزمات الطبية والمعقمات والمعدات والأدوية والعقاقير التي تحتاجها ايران،والتي من شأنها المساعدة في إنقاذ حياة البشر المصابين او المشتبه بإصابتهم بفيروس " الكورونا"،ومنع تمدده وانتشاره بشكل كبير،وكذلك الضغط على صندوق النقد الدولي من أجل عدم منح فنزويلا قرضاً بخمسة مليارات من الدولارات لمجابهة فيروس " الكورونا"،وهي كذلك لم تهب الى إنقاذ لا ايطاليا ولا صربيا ولا حتى أقرب حلفائها المانيا وفرنسا كجزء من حلف " الناتو" ومن دول الإتحاد الأوروبي المتحالف مع امريكا،بل تركت تلك الدول تواجه مصيرها،لكي ينهش الفيروس الفتاك بأجساد أبنائها،ويعمل بها الموت بلا رحمة، لولا انصار الإنسانية وأصحاب الفكر الإشتراكي والتقدمي والذين يرون بأن مصلحة البشرية فوق أي مصالح خاصة وأنانية، وفوق الجشع والطمع والإستغلال والمال مثل الصين التي ابتلاها ترامب ومخابراته المركزية بهذا الفيروس وكذلك فعلت كوبا التي حاصرتها أمريكا لأكثر من خمسين عاماً وروسيا التي تشن عليها أمريكا بوكالة سعودية حرب نفطية،وتفرض عليها عقوبات تجارية،هذه الدول المكتوية بنار الرأسمالية المتوحشة هبت لنجدة شعوب هذه الدول،مقدمة لهم الطواقم الطبية والمعدات والمعقمات والأدوية والعقاقير،كمساعدات إنسانية تنقذ شعوبها من خطر الموت وتمنع توسع انتشار هذا الوباء الفيروسي الذي لا يرحم...من يريد ان يحتكر العلاج والمصل المضاد لفيروس "الكورونا"، لكي يستخدمه كأداة ضغط وابتزاز مالي وسياسي ضد الشعوب والدول التي تقف ضد المصالح والأهداف الأمريكية،لا يمكن أن يكون في يوم من الأيام،قلق على مصير البشر والناس، ولا يمكن ان ينتمي لحضارة تجعل حياة البشر فوق المال والصفقات....وكذلك أرباب العمل الصهاينة، هم جزء من المنظومة الإستغلالية التي ينتمي اليها ترامب وبوريس جونسون،جونسون الذي قال للبريطانيين،استعدوا لموت أحبة لكم،ومجابهة فيروس " لكورونا" الوبائي، لن يكون بالعزل ولا بفرض حظر التجوال ولا بإغلاق المطاعم والفنادق والملاهي ولا بمنع التجمعات ولا بوقف عجلة الإنتاج والإقتصاد،بل ستكون المواجهة ضمن ما اسماه "حصانة" أو مناعة القطيع،وتصنيف الناس الى من يستحقون الحياة ومن لا يستحقونها، ومن وجهة نظره الأشخاص من فوق 65 عام لا يستحقون الحياة،إنه الجشع والطمع والنظريات الإقتصادية والسكانية العنصرية،التي ترى في الكوارث الطبيعية من زلازل وبراكين وفيضانات، وكذلك الأمراض والأوبئة والمصائب،عوامل ايجابية ومفيدة من شأنها ان تعدل ميزان القوى بين الزيادة السكانية وبين توفير الغذاء للسكان،فهم يعتقدون بأنه لا يمكن ان يتزايد عدد السكان بنسبة تساوي نفس نسبة توفر الغذاء ،ولذلك تلك الكوارث والأمراض والمصائب،تفعل فعلها وتحقق هذا التوازن ..ومن هنا وضمن تلك النظريات،الإحتلال الصهيوني ينظُر الى عمالنا وشعبنا ضمن هذه النظريات العنصرية،فالعامل الفلسطيني المستغل من قبلهم من الضفة الغربية،يجري تركه يواجه مصيره على حواجز الذل والموت،دون تقديم أي علاج له او حتى وسائل وقاية وحماية ومعقمات من الفيروس الوبائي،وغير مهم ان مات او نقل الفيروس الى أبناء شعبه،المهم ان لا يصاب بالفيروس أو تنتقل العدوى الى مواطن اسرائيلي،ولذلك لا غرابة في ظل انتشار فيروس " الكورونا" في دولة الإحتلال،ان يدرس وزير الأمن الداخلي الصهيوني أردان عدم السماح لسكان القسم الشرقي من المدينة " السكان العرب" من الذهاب الى القسم الغربي من المدينة،وكذلك عدم السماح للمقدسين من حملة الهوية الزرقاء الإسرائيلية المقيمين خلف جدار الفصل العنصري من الدخول الى داخل نفوذ بلدية الإحتلال - داخل جدار الفصل العنصري والى الداخل الفلسطيني- 48 - .....نعم هي سياسة عنصرية مقيتة،وإستعلاء والتعامل مع الآخر بدونية واحتقار، ودولة الإحتلال أضحت دولة تختنق بعنصريتها،وحياة أبناء شعبنا الفلسطيني بالنسبة لها لا تساوي شيئاً،وهم يعتبروننا بمثابة كم زائد وغدد سرطانية يجب التخلص منها بكل الطرق والسبل ،سواء "مقوننة" و "مدسترة" ومشرعنة،او خارج ذلك ،ولذلك ما نشهده من عمليات نقل لعمالنا العاملين في ورشهم ومصانعهم واقتصادهم بمجرد الإشتباه بإصابتهم بفيروس" الكورونا" دون أي التزام تجاههم بتقديم العلاج لهم،يكشف عن أن عقلية دولة الإحتلال،تنتمي لنفس مدرسة ترامب- جونسون، المال والإقتصاد والجشع والطمع فوق حياة الناس والبشر.ش