بقلم د.عامر خليل
لافت أن وسائل الإعلام الإسرائيلية خلال الأسابيع الماضية خاصة القنوات الفضائية 11 و12 و13 بثت أفلاما تستعيد فيه عمليات الاغتيال التي نفذتها الأجهزة الأمنية الإسرائيلية خلال العقود الماضية ضد قيادات فلسطينية في الداخل والخارج واستقرائها للشخصيات التي شاركت في اتخاذ القرار والمصوغات التي بررت ذلك والسؤال الذي يطرح نفسه لماذا هذا الاستحضار وقبل الإجابة على ذلك لا بد من إلقاء نظرة سريعة على مضمون المواد التي بثتها القنوات الإسرائيلية.
في الثاني عشر من تموز الماضي بثت القناة الثالثة عشرة فيلما أعاد تمثيل اغتيال مؤسس حركة الجهاد الإسلامي الدكتور الشهيد فتحي الشقاقي وهو لم يضف جديدا لتفاصيل الاغتيال سوى تذكير الإسرائيليين بتفاصيل غابت عن جيل من الإسرائيليين ولد ولم يعاصر حدث الاغتيال وما سبقه وتلاه من عمليات فدائية هزت الإسرائيليين والمؤسسة الأمنية والسياسية التي وقفت عاجزة أمام عمق فكرة المقاومة وسط اعتقاد ان عملية بيت ليد التي كانت سببا قي قرار اغتيال الشقاقي ستوقف مسيرة الجهاد الإسلامي لكن جاءت زقاق الموت بعد سبع سنوات في ظل قيادة الأمين العام الثاني الدكتور رمضان شلح اشتباكا مسلحا وليس عملية استشهادية مزدوجة مخلفة 12 قتيلا ضابطا وجنديا بينهم قائد منطقة الخليل العميد درور فاينبرغ لتؤكد ان الاغتيال لا يوقف مسيرة العمل المقاوم.
منذ الرابع والعشرين من الشهر الماضي بدأت القناة 13 بث خمس حلقات مساء كل يوم احد عن عمليات الاغتيال تناولت الحلقة الأولى اغتيال الشهيد يحيي عياش، وقد تزامن البث مع الأجواء التي سادت بعد اغتيال القيادي في سرايا القدس الشهيد بهاء ابو العطا واتت الحلقة الثانية على محاولة الاغتيال الفاشلة لقائد حماس خالد مشغل وجاءت الحلقة الثالثة بتاريخ 8-12 على اغتيال القائد الفتحاوي خليل الوزير وهو استعادة لأمجاد الماضي في وقت تستعصي الآلة العسكرية الإسرائيلية على وقف عمليات المقاومة وتقف أمام سؤال تعاظم قوتها وأدواتها وارتدادات أي تصعيد إسرائيلي جديد.
القناة 11 بثت فيلما باسم فرصة ضائعة حول محاولة الاغتيال الفاشلة لاغتيال قيادة حركة حماس أثناء اجتماعها في احد المنازل بمدينة غزة في ايلول 2003 فيما استعرضت صحيفة معاريف في نفس السياق الاغتيال الفاشل للقائد الفتحاوي علي حسن سلامة في 1973، حين أطلق اثنان من عملاء جهاز الموساد النار ضد أحمد بوشيكي، النادل من أصول مغربية يعمل في أحد شوارع مدينة ليلهامر النرويجية باعتقاد أنه سلامة.
من جهتها بثت شبكة "نت فليكس" مسلسل فوضى الإسرائيلي الذي تناول الصراع بين الاحتلال والمقاومة وعمليات الاغتيال التي تمت في هذا السياق وحتى الآن بثت جزئين من المسلسل فيما تعد لبث جزء ثالث منه حيث يجري تمثيله الآن وهو يعظم الوحدات الخاصة الإسرائيلية ويبرز قدراتها على التتبع والاغتيال ويخلط الإنساني بالسياسي فالإسرائيلي هو الإنسان والفلسطيني هو الشر ولكونه مسلسلا مترجما لكل لغات العالم فان تأثيره بنقل الرواية الإسرائيلية يبدو كبيرا على المشاهد في وقت تغيب الرواية الفلسطينية أمام العالم عن الصراع بلغات العالم المختلفة وقريبا من موضوع الاغتيالات بثت القناة 11 الإسرائيلية تحقيقا من عدة اجزاء عن عمل وحدة دوفدوان الخاصة المتخصصة في الاغتيالات والاعتقالات والتي قتل 20 من افرادها منذ بدء عملها عام 1986.
لا تخفى أهداف هذا الزخم من الاستعراض في وسائل الإعلام الإسرائيلي لعمل أجهزة الأمن الإسرائيلية وهنا يمكن رصد العديد من النقاط التي يمكن تسجليها:
1- يعاني الجمهور الإسرائيلي عقد الأمن في ضوء ضرب العمق الإسرائيلي من قبل المقاومة على فترات متباعدة وتتصاعد الشكاوى من فقدان الأمن واستحضار الاغتيالات إيحاء بتوفر وسيلة لتحقيق الأمن
2- استعادة الردع الإسرائيلي في ظل اعتقاد ان الاغتيال عامل مهم في هذا الاتجاه وبث الاغتيالات السابقة تحمل رسالة بهذا المعنى.
3- التردد الإسرائيلي في تنفيذ الاغتيالات كما في السابق مناطه قيود حدود القوة الإسرائيلية.
4- الرد على كشف الوحدة الخاصة شرق خانيونس من قبل كتائب القسام والوقوف على مخططها وما تركته من تداعيات سلبية.
5- إشباع رغبة الانتقام لدى الجمهور الإسرائيلي الذي ينتظر تحقيق الأمن المفقود
6- إشاعة أجواء الخوف لدى قيادات المقاومة وكوادرها من خلال تذكيرهم بان مصيرهم سيكون مشابها لسابقيهم
7- نشر معلومات جديدة عن التفاصيل الدقيقة للاغتيال لم تكن متاحة من ذي قبل.
8- استخلاص العبر من الاغتيالات الفاشلة وأسباب ذلك.
9- التوثيق الإعلامي لعلميات الاغتيال وتحقيق نسب مشاهدة عالية.
تضع تفاصيل عمليات الاغتيال التي نفذتها أجهزة امن الاحتلال من خلال بث الأفلام الوثائقية عنها مادة مهمة بيدي المقاومة وأجهزتها الأمنية في معرفة الملابسات التي رافقت هذه العمليات والمعلومات التي يجري الكشف عنها لتصبح بيدها مادة مهمة في استخلاص الدروس منها ومنع أي اغتيالات مستقبلية في وقت تتبدى أهمية ودور التكنولوجيا في مسار الاغتيالات وضرورة اتخاذ الاحتياطات المناسبة لإفشال مخططات الاغتيال القادمة.