نبيل سالم
الحرب التي يشنها الاحتلال «الإسرائيلي»، على الشعب الفلسطيني المقاوم، لا تستهدف أحداً بعينه، وإنما تستهدف كل أبناء هذا الشعب المقاوم، حتى إنه من الممكن القول، إن أي فلسطيني هدف للاغتيال في المفهوم «الإسرائيلي» العنصري.
حيث لم يستثن رصاص الاحتلال الطواقم الطبية وسيارات الإسعاف، والتلاميذ والمفكرين والعلماء وحتى رجال الصحافة أيضاً.
وآخر الجرائم «الإسرائيلية» بحق الصحفيين هي قتل الصحفي الفلسطيني ياسر مرتجي، الذي أضيف إلى قائمة شهداء الصحافة من الفلسطينيين؛ حيث اغتاله جنود الاحتلال عن سابق إصرار وتعمد، عندما كان يصور تظاهرات سلمية عند حدود وطنه المحتل.
ومع أن هذه الجريمة ليست الأولى ولن تكون الأخيرة في سجل الجرائم «الإسرائيلية»، إلا أن ما يدعو إلى الغرابة هو محاولة قادة الاحتلال تبرير جرائمهم، بأكاذيب مفتعلة، لا تقنع حتى مروجيها، ففي تبريرها للجريمة زعمت سلطات الاحتلال أن الشهيد الصحفي ياسر مرتجي، قام بأعمال عرضت الجنود «الإسرائيليين» للخطر. فأي خطر يمكن أن يتأتى من كاميرا؟
وفي الوقت الذي رفضت فيه «إسرائيل» فتح تحقيق في ملابسات اغتيال قناصة الاحتلال الصحفي ياسر مرتجي، واصل وزير الحرب «الإسرائيلي»، أفيغدور ليبرمان، التحريض على الفلسطينيين في قطاع غزة، متوعداً القطاع بالقصف، زاعماً وبعنصرية فجة أنه «لا يوجد أبرياء في غزة وأن مرتجي قام بتشغيل طائرة مسيرة فوق الجنود الإسرائيليين وعرض حياتهم للخطر»!.
وفي محاولة منه للتهرب من المسؤولية، اختار الوزير «الإسرائيلي» المقارنة بين ما تشهده الأراضي الفلسطينية المحتلة والحروب التي تشهدها بعض الدول العربية، قائلاً إنه «ليس هناك أي اهتمام مماثل لإراقة الدماء الأسوأ كثيراً التي تشهدها سوريا أو دول عربية أخرى؛ لذلك يتعلق الأمر بنفاق محض».
وتأتي هذه التصريحات في وقت تواجه فيه «إسرائيل» انتقادات دولية كثيرة؛ بسبب استخدام جنود الاحتلال الرصاص الحي والقوة المفرطة، ضد متظاهرين فلسطينيين عزل، في خرق واضح للمواثيق والقوانين الدولية.
ولو توقفنا أيضاً عند جريمة اغتيال عالم الطاقة الفلسطيني فادي محمد البطش في العاصمة الماليزية كوالالمبور، يوم السبت الماضي، والتي تشير أصابع الاتهام فيها إلى الموساد «الإسرائيلي»، وهو ما ألمحت إليه الحكومة الماليزية على لسان وزير الداخلية أحمد زاهد حامدي، عندما قال: إن البطش «مهندس كهربائي وخبير في صناعة الصواريخ». ويشتبه في أنه أصبح عقبة أمام دولة معادية لفلسطين»، موضحاً أن البروفيسور كان سيتوجه السبت إلى تركيا للمشاركة في مؤتمر دولي.
فيما اتهمت أسرة البطش في قطاع غزة في بيان «جهاز الموساد بالوقوف وراء اغتيال ابنها، وطالبت السلطات الماليزية بإجراء تحقيق عاجل لكشف المتورطين بالاغتيال قبل تمكنهم من الفرار».
جرائم «إسرائيلية» كثيرة ومتلاحقة، إن دلت على شيء فإنما تدل على أن «إسرائيل» تعلن حرباً مفتوحة على كل الشعب الفلسطيني، ولا سيما أصحاب الفكر والطاقات العلمية الفلسطينية، لا سيما وأن المحتلين «الإسرائيليين» يدركون جيداً أن الحرب مع الشعب الفلسطيني، حرب طويلة، وهي حرب وجود ومصير، وأن الشعب الفلسطيني، لن يعلن استسلامه للمشروع «الإسرائيلي» مهما طال الزمن، وما الأعوام ال70 الماضية من عمر النكبة الفلسطينية إلا دليل على استحالة الاستسلام الفلسطيني، وبالتالي فإن قادة «إسرائيل» يسعون بكل ما لديهم من قوة، إلى استهداف أي فلسطيني، تحت أية ذريعة يختلقها العقل «الإسرائيلي».
أخيراً، لابد من القول إن عمليات الاغتيال التي قامت بها الطغمة العسكرية «الإسرائيلية»، والتي طالت العشرات من رجال السياسة والفكر والعلم والصحافة وغيرهم من أبناء الشعب الفلسطيني، إن دلت على شي فإنما تدل على قلق قادة الاحتلال تجاه أي ملمح للقوة أو المعرفة العلمية في صفوف الشعب الفلسطيني، رغم ما تمتلكه «إسرائيل» من ترسانة عسكرية، وما تحظى به من دعم قوي من القوى الاستعمارية الغربية؛ لأنها تدرك أن حركة الشعوب ونضالها لا يمكن أن توقفها أية آلة عسكرية مهما عظمت، والتاريخ خير دليل على أن الاستعمار زائل لا محالة وإن طال ليله.