Menu
فلسطين - غزة °-18 °-18
تردد القناة 10873 v
بنر أعلى الأخبار

غور الأردن ومطامع «إسرائيل»

pU1G7.png
وكالات

محمد خليفة

«إسرائيل» لن تتخلى عن منطقة الغور إلا بالقوة، وهي لن تقبل أبداً إقامة دولة فلسطينية متصلة بحدود مشتركة مع الأردن، لأنها تخاف أن يصبح للفلسطينيين ظهير يستندون إليه.


في خطوة تعكس حقيقة «إسرائيل» العدوانية، وطمعها بالأرض العربية، أعلن رئيس الوزراء «الإسرائيلي» بنيامين نتنياهو أنه سيضم غور الأردن إلى «إسرائيل» في حال أعيد انتخابه كرئيس للوزراء، وقد سارع الحزب المنافس له، وهو «أزرق أبيض» إلى القول إنه سبق نتنياهو بالزعم أن غور الأردن يعتبر جزءاً من «إسرائيل».


وتسمى منطقة غور الأردن «وادي الشريعة»، وهي تبدأ من بحيرة طبرية في الشمال، وتنتهي عند البحر الميت في الجنوب، وهي منطقة منخفضة عن سطح البحر، ويبلغ أقصى انخفاض لها في البحر الميت، حيث يسجل الانخفاض 400 متر. وقد فرضت «إسرائيل» سيطرتها على الضفة الغربية في حرب عام 1967، وتغطي منطقة غور الأردن وشمالي البحر الميت ما يقارب ثلث مساحة الضفة الغربية، ويقع معظمها على طول الجانب الشرقي من الأراضي القريبة من الحدود الأردنية. وكان اتفاق أوسلو الثاني الذي وقعته «إسرائيل» ومنظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن عام 1995، قد أنشأ ثلاثة أقسام إدارية مستقلة مؤقتة في الضفة الغربية، وهي المناطق «أ، ب، ج» حتى يتم وضع اتفاق نهائي لهذه الحالة. وهذه المناطق غير متجاورة، ولكنها مجزأة حسب المناطق السكنية المختلفة، فضلاً عن المتطلبات العسكرية «الإسرائيلية».

وتقع معظم أراضي غور الأردن في المنطقة المصنفة (ج) والتي تملك «إسرائيل» سيطرة مدنية وأمنية كاملة عليها، ما عدا على المدنيين الفلسطينيين الموجودين فيها، ويسكن في هذه المنطقة حالياً نحو 65 ألف فلسطيني، ونحو 11 ألف مستوطن، بحسب مركز معلومات «بتسليم» «الإسرائيلي».
وتقسم الأراضي في غور الأردن والبحر الميت إلى محميات ومناطق عسكرية «إسرائيلية» ومستوطنات، وتسيطر «إسرائيل» على 90% منها فعلياً. وتبقى تحت سيطرة السلطة الفلسطينية مساحة تقدر ب10% من تلك الأراضي، وهي تشمل قرى ومدناً عربية مثل مدينة أريحا.


إن «إسرائيل» لن تتخلى عن منطقة الغور إلا بالقوة، وهي لن تقبل أبداً إقامة دولة فلسطينية متصلة بحدود مشتركة مع الأردن، لأنها تخاف أن يصبح للفلسطينيين ظهير يستندون إليه، ويطورون بالتالي أدوات مقاومتهم ضدها. ولذلك فهي ستحتفظ بالغور ما دامت موجودة على قيد الحياة. والواقع أن إعلان نتنياهو الآنف الذكر لا يأتي بجديد، لكنه يعيد إلى الأذهان العديد من الخطط التي طرحها مسؤولون «إسرائيليون» قبل عقود طويلة، ومنها خطة آلون، التي منحت منطقة غور الأردن أهمية استراتيجية، باعتبارها تشكل عمقاً أمنياً شرقياً ل«إسرائيل». ورغم أن الأردن أبرم اتفاقية سلام مع دويلة الاحتلال وأقام علاقات دبلوماسية ثابتة معها، لكن تلك الدويلة المعتدية تتخوف دائماً من أن يرتد عدوانها عليها في المستقبل، ولذلك فهي معنية بأن تحيط نفسها بجدر عالية ومناطق شاسعة منزوعة السلاح وبحقول ألغام وأغوار وأهوار، اعتقاداً منها أن ذلك يضمن لها البقاء، متناسية أن خصمها بات يمتلك تقنيات عسكرية متطورة، أهمها الصواريخ البالستية التي تحلق عالياً في الفضاء قبل أن تنقض ّعلى هدفها على الأرض بدقة عالية. وبالتالي فإنها ستكون في أية حرب مقبلة مع العرب عرضة لآلاف الصواريخ والقذائف، وبما يؤدي إلى تدمير بنيتها التحتية وإجهاض أفكارها حول السياج الأمني والجدار الواقي والمنطقة المنزوعة السلاح.


ولا شك أن دوائر صنع القرار في «إسرائيل» باتت تدرك هذه الحقيقة، وهناك من المستوطنين العقلاء من يتشاءم من المستقبل المظلم الذي ينتظر دويلتهم، لكن رغم ذلك، فإن الأجيال الصهيونية الشابة الطامحة إلى تحقيق الحلم ببناء «إسرائيل الكبرى» من الفرات إلى النيل، تمثل الوقود الدائم لمشروع الاستيلاء على أرض فلسطين، ولذلك فالسلام كان وسيبقى وهماً، لأن السلام بالنسبة ل «إسرائيل» يشكل نهاية لها، فمشروعها القائم على التوسع لا يمكنه أن يتوقف في بقعة صغيرة هي حدود فلسطين، بل يطمح للسيطرة على مساحات واسعة من الأرض العربية، حتى يضمن لها البقاء لمئات السنين، وتصبح أمة قائمة على قدم سواء مع الأمم الأخرى في الأرض. ومشروعها يترسم خطى المشروع الاستعماري البريطاني الذي ابتدأ على شكل مستوطنات صغيرة على شواطئ المحيط الأطلسي في أمريكا الشمالية في القرن السابع عشر، لكنه ما لبث أن توسع نحو الغرب حتى وصل إلى شواطئ المحيط الهادئ مبتلعاً ملايين الكيلومترات المربعة من مستعمرات فرنسا والمكسيك وإسبانيا في تلك الأصقاع، وهكذا فإن «إسرائيل» تمشي بخطى مدروسة لكل مرحلة من مراحل تطورها واستمرارها.