Menu
فلسطين - غزة °-18 °-18
تردد القناة 10873 v
بنر أعلى الأخبار

حول انعقاد «الوطني الفلسطيني»

فضائية فلسطين اليوم

يونس السيد

تجري الاستعدادات لعقد دورة جديدة للمجلس الوطني الفلسطيني في رام الله نهاية الشهر الحالي بعد انقطاع استمر أكثر من عشرين عاماً، جرت خلالها تطورات خطيرة في المنطقة والعالم وسالت فيها أنهار من الدماء، وصلت معها القضية الفلسطينية إلى مفرق طرق هو الأخطر منذ إنشاء «إسرائيل»، ما يجعل من انعقاد المجلس ضرورة وطنية لمواجهة التحديات ومحاولات تصفية القضية الوطنية. 


ومع أن التفكير في عقد المجلس الوطني جاء متأخراً جداً نظراً للمخاطر الجمة التي تتهدد القضية الفلسطينية، إذ إن آخر دورة للمجلس (الحادية والعشرين) عقدت في غزة عام 1996، وتم فيها إلغاء الميثاق الوطني بكلمة «كادوك» استجابة للمطالب الأمريكية و«الإسرائيلية»، إلا أن عقد دورة جديدة من دون التحضير الجيد (تشكيل لجنة تحضيرية) ومن دون توافق وطني، بمعنى تحقيق المصالحة وإشراك كل الفصائل والقوى والاتحادات الشعبية الفلسطينية، سيجعل من عقد المجلس عملاً انفرادياً من شأنه تعميق الانقسام، ويترك تأثيراً مدمراً على القضية ومجمل العمل الوطني لسنوات طويلة، ناهيك عن أنه سيضعف التمثيل الفلسطيني وأية قرارات يمكن أن يتخذها باعتبارها لا تمثل عموم الفلسطينيين. 


فالمجلس الوطني هو البيت الجامع لكل الفلسطينيين، وهو في الأصل برلمان الفلسطينيين في المنفى، وتتصدر جدول أعماله قضايا في غاية الخطورة، على رأسها الوحدة الوطنية ومعالجة المصالحة وإنهاء الانقسام، إلى جانب رسم الاستراتيجية الفلسطينية، وفي مقدمتها قضية اللاجئين وحق العودة، واتخاذ القرارات المناسبة لمواجهة «صفقة القرن» وقرارات ترامب بالاعتراف بالقدس عاصمة ل «إسرائيل» ونقل السفارة الأمريكية من «تل أبيب» إليها، علاوة على قرارات أخرى مصيرية تحتاج إلى موقف فلسطيني جامع. ولا أحد يريد العودة إلى بعض المحطات (الدورات) التي كرست واقعاً انقسامياً، كما حدث عام 1974 عندما أدى تبني البرنامج المرحلي آنذاك إلى ظهور «جبهة الرفض»، أو في الدورة 17 التي عقدت في الأردن، ونجم عنها مجلسان وطنيان أحدهما في دمشق والآخر في عمان.


ومع الإقرار بالأهمية والحاجة لعقد المجلس الوطني لأسباب داخلية، منها التجديد بعد أن شاخ المجلس وتوفي عدد كبير من أعضائه وأعضاء اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، فيما معظم الأعضاء الآخرين يعانون من أمراض، إلا أن الإصرار على عقده بواقعه الحالي، وتمسك الجهات المتنفذة بتعيين أعضاء جدد بدل المتوفين، ناهيك عن اختيار المكان وعدم قدرة أعضاء في الخارج على الوصول إلى رام الله، واستبعاد جزء مهم من الفصائل بذريعة الخلافات، وممارسة ضغوط مالية من دون وجه حق على فصائل أخرى لثنيها عن مواقفها المعارضة.. كل ذلك سيجعل من عقد المجلس عملاً منفرداً يهدف إلى توظيفه في تمرير سياسات معينة تتساوق مع الطروحات والأفكار الأمريكية و«الإسرائيلية» الهادفة إلى تصفية القضية الفلسطينية تصفية نهائية، مستفيدة من حالة الانقسام المحلي والواقع الإقليمي والدولي.