عبد الستار قاسم بداية لا بد من التأكيد على أن عباس ليس رئيساً لا للسلطة ولا لمنظمة التحرير، وهو لا يملك أي صفة قانونية على الساحة الفلسطينية سوى أنه مواطن كغيره من المواطنين. وهذا يعني أنه لا يمثل الشعب الفلسطيني، وإن تكلم فهو يتكلم باسمه فقط، وهو لا يملك تخويلاً شعبياً. انتهت مدة رئاسته عام 2009،
وهو ليس رئيساً قانونياً لمنظمة التحرير لأن كل مجالس المنظمة وهي اللجنة التنفيذية والمجلس المركزي والمجلس الوطني، ومجالس اللجان الفرعية الأخرى غير شرعية لأنها جميعها تخالف اللوائح القانونية الداخلية المنصوص عليها. ووجوده الآن يشكل فرض أمر واقع على الشعب واغتصاباً للسلطة.
هم يتذرعون أن هناك حالة طوارئ ولا يوجد مجال لعمل انتخابات. هذا قول مردود لأن حالة الطوارئ بدأت عام 1917، وقد أقمنا انتخابات في ظل حالة طوارئ. وواضح أن هناك مزاجية سياسية غير مقبولة في تحديد حالات الطوارئ. والتصنيف هذا يمكن أن يتم قبوله لو امتد على شهر أو شهرين أو سنة، لكن ليس من المعقول أن تمتد حالة الطوارئ على مدى تسع سنوات. هاتوا غير هذا التبرير.
عباس يفرض نفسه رغم أنوفنا ويمسك بزمام السلطات الثلاث: التنفيذية والتشريعية والقضائية. هو يتصرف بتفرد واستبداد وطغيان، وينتهك القوانين الفلسطينية ويعرّض بذلك المجتمع الفلسطيني للانقسامات والاحباطات والفتن. هو يصدر قرارات بقانون في حين أن هناك مجلساً تشريعياً هو يعطل عمله. يصدر قرارات كثيرة بقانون ولا حق له بذلك. المجلس التشريعي هو صاحب الاختصاص وليس السلطة التنفيذية. وآخر قراراته بقانون كان تشكيل محكمة الجنايات الكبرى التي سأمثل أمامها يوم الأحد 4/آذار/2018. وإذا نظرنا إلى هذا القانون نجد أن عباس وحاشيته يجب أن يمثلوا أمام المحكمة بتهمة تعريض أمن الشعب الفلسطيني للأخطار من حيث أن التنسيق الأمني تعاون مع العدو يتناقض مع المصالح الأمنية للشعب الفلسطيني.
يبدو أن المشكلة ليست عند عباس بالدرجة الأولى، فلولا أنه يستصغر الشعب الفلسطيني ويحتقره لما جمع هذه السلطات بيده بصورة صلفة وبعنجهية. الشعب الفلسطيني طأطأ رأسه وانحنى وسلّم رقبته فطغى عباس وغيره عليه. قال عباس إنه سلطة بلا سلطة، وقال عريقات إن رئيس السلطة هو ليبرمان الصهيوني. فلماذا يمارسون التسلط على الشعب الفلسطيني؟ إثأروا لأنفسكم أولاً من الصهاينة لتكونوا فعلاً أصحاب سلطة، ثم تعالوا إلينا لنرى عضلاتكم.
النقابات غائبة والفصائل غير فاعلة. الجميع يرى التجاوزات التي تتم على الشعب الفلسطيني. ويرون الرسوم الباهظة التي تفرضها السلطة على الناس، ويرون الضرائب الثقيلة والأتوات المفروضة، وهم لا يفعلون شيئاً. استسلم الناس خوفاً ورعباً على مصالحهم من رواتب و مناصب وامتيازات، وهرباً من العقوبات.
الاستيلاء على السلطات الثلاث جريمة مدنية وسياسية بحق شعب فلسطين. هذه مهزلة ومسخرة ويجب أن تتوقف، وهي لا تتوقف إلا بإرادة شعبية. وإذا استقامت الأمور القانونية عندنا فإن عباس سيواجه تهماً كثيرة أمام القضاء على رأسها الاستيلاء على السلطات بدون سند قانوني أو شرعي، وكثيرون غيره سيواجهون تهماً متعددة بخاصة الذين يطبقون قوانين لا تستند إلى أسس شرعية.
هذه الفوضى يجب أن تتوقف، وهي تقيم خراباً واسعاً في المجتمع الفلسطيني، وتضعف الشعب وتمكن العدو من رقابنا وأرضنا وإرادتنا. وما أسرع أن يتهموا غيرهم بإشعال الفتن، وهم أصل الفتن ومصدرها والمصرون عليها. فكلما انتشرت الفتن دامت لهم الهيمنة على رقاب الناس.