Menu
فلسطين - غزة °-18 °-18
تردد القناة 10873 v
بنر أعلى الأخبار

جوناثان بولارد: قصة فشل أميركي !!... هاني حبيب

جوناثان بولارد: قصة فشل أميركي !!...  هاني حبيب

  كما هو الحال مع "اتفاق الإطار" صناعة جون كيري، فالأمر مشابه حول ما يجري اليوم حول صفقة عنوانها الأساسي الإفراج عن الجاسوس الأميركي ـ الإسرائيلي جوناثان بولارد،

إذ لا شيء محدد أو واضح، أقاويل وإشاعات وتسريبات، ما يجعل المتابعة للعملية التفاوضية أكر تشويشاً وغموضاً، الأنباء المتضاربة حول شروط هنا وشروط هناك، ونفي هنا يقابله نفي وتأكيد النفي، وسط تحركات محمومة من قبل الراعي الأميركي واجتماعات بين القدس الغربية ورام الله، في ظل غياب المعلومات اليقينية أو حتى شبه المؤكدة، كل ذلك لا يؤهل أي متابع من الوصول أو الاقتراب من حقيقة ما يجري فعلاً.

بعد أن التقى وزير الخارجية الأميركية جون كيري رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، لثماني ساعات على يومين، سيعود كيري اليوم إلى رام الله للقاء الرئيس أبو مازن، وقد تكون هذه الزيارة هي الأخيرة لفتح نافذة الفرص للتمديد للعملية التفاوضية من جديد، إسرائيل متحمسة تماماً لمثل هذا التمديد، في اطار ما يقال عن صفقة "بولارد" بينما على الأرجح أن واشنطن، رغم رغبتها في التمديد للمفاوضات، إلاّ أنها باتت أقل حماساً لمثل هذا التمديد عما كان عليه الأمر قبل بضعة أسابيع، ذلك أنها توصلت إلى قناعة، أن التمديد ما هو إلاّ عنوان آخر لتمديد الفشل الأميركي، وبقول آخر، باتت واشنطن تدرك أن المسألة لا تتعلق بعنصر الوقت، بقدر ما يتعلق بعدم توفر إرادة إسرائيلية حقيقية بالتوصل إلى نهاية ناجحة للعملية التفاوضية، لكن واشنطن من جهة أخرى، لن تقبل بالفشل بسهولة، رغم أن الأمر ليس بالجديد عليها، خاصة فيما يتعلق بوساطتها حول الملف الفلسطيني ـ الإسرائيلي، منذ عهد بوش الأول مروراً بإدارة كلينتون ثم ولاية أوباما الأولى، تم إحياء هذا الملف أكثر من مرة، وبوساطة أميركية، وبرؤية أميركية كانت تسمى سابقاً بخارطة الطريق، والآن اتخذت اسماً آخر، وهو "اتفاق الإطار"، والفشل الأميركي هو ذاته بشكل متكرر، يعود ذلك بالدرجة الأولى، إلى عجز الإدارات الأميركية المتعاقبة، جمهورية وديمقراطية، ان تعلن صراحة عن الطرف الذي أسهم في هذا الفشل، وهو حكومات إسرائيل المتعاقبة، لذلك، إدارة أوباما تخشى الفشل، وتخشى تحميل المسؤولية إلى إسرائيل، وباتت تدرك أن التمديد للعملية التفاوضية لا يعني الوصول بهذه العملية إلى الإنجاز الأهم، والتوقيع على اتفاق سلام، يسجل لحساب هذه الإدارة.

والغريب فيما يقال عن "صفقة بولارد" أن هذه الورقة الكبيرة التي بحوزة واشنطن، يمكن أن تدفع بها إدارة أوباما، في إطار صفقة تتعلق بنهاية العملية التفاوضية، أي عند استعصاء ازمة مقابل نجاح العملية التفاوضية، أما ان تلقي بها الآن، لمجرد التمديد للمفاوضات، فهو ثمن باهظ أولاً، وخسارة الورقة الأهم التي من الممكن أن تدفع بها واشنطن مقابل كل العملية التفاوضية، فإسرائيل إذا تمت صفقة بولارد هذه، تكون قد حققت مكسباً بالغ الأهمية، مقابل تمديد لعملية تفاوضية يشك الجميع في مدى قدرتها على الوصول إلى نهاية ناجحة.

مسألتان رئيسيتان، ورقتان أميركيتان، لا تزالان بجعبة واشنطن في مواجهة إسرائيل، الاعتراف بالقدس المحتلة عاصمة للدولة العبرية، وإطلاق سراح الجاسوس جوناثان بولارد. معظم الرؤساء الأميركيين تلاعبوا بهاتين الورقتين في كل حملة انتخابية رئاسية، إلاّ أن أحداً من الرؤساء، لم يتمكن من إهدارهما، أو إهدار إحداهما، بعد أن يصل إلى البيت الأبيض، ومعنى أن تهدر واشنطن ورقة جوناثان بولارد، الآن في وسط عملية تفاوضية مشوبة بالفشل المؤكد، فهذا يعني شيئاً واحداً، وهو أن إدارة أوباما قد فقدت البوصلة تماماً، ووصلت قدراتها للعب دور حيوي، في الشرق الأوسط، وفي أي مكان آخر في العالم، إلى نهايتها!!

أما قصة جوناثان بولارد، فهي قصة فشل أميركي من نوع آخر، فقد تم رفضه من قبل وكالة الاستخبارات الأميركية للانضمام إلى صفوفها، بعدما كشف جهاز كشف الكذب عن عدم مصداقيته، فانضم إلى جهاز المخابرات البحرية، دون علم هذه الأخيرة عن رفض الـ C.I.A طلبه بالانضمام إليها، وكانت هذه إحدى سقطات أجهزة المخابرات الأميركية التي تلاعب بها بولارد، قبل أن يصبح عميلاً لإسرائيل واختراقاً أمنياً من قبلها لدى أجهزة المخابرات الأميركية.. وبالمقابل كان سقوط هذا الجاسوس على يد مكتب التحقيقات الفيدرالي، سقوطاً سهلاً يدل على غباء هذا الجاسوس. أحد المحققين مع بولارد، رونالد اوليمب، كتب كتاباً بعنوان "القبض على جوناثان بولارد" قال فيه إن أحداً لم يكن متأكداً في مكتب التحقيقات الفيدرالي أن بولارد جاسوس إسرائيلي، لكن ذهابه وزوجته إلى السفارة الإسرائيلية بعد ملاحقته مع زوجته، جعل الأمر مؤكداً، وهذا يعني أن بولارد تصرف بغباء وكشف عن نفسه وبات المحققون أكثر تأكيداً وقناعة بأنه بالفعل جاسوس إسرائيلي.. خاصة أنه اعترف بذلك فور الإمساك به!! لكن سفارة إسرائيل في واشنطن كانت أكثر ذكاء، إذ انها طردته مع زوجته، لكن مجرد سعيه للهرب من خلال السفارة الإسرائيلية في واشنطن، كان كافياً لتأكيد قيامه بالتجسس على بلاده لصالح إسرائيل التي حاز على جنسيتها فقط بعد عشر سنوات من سجنه في الولايات المتحدة.

قصة جوناثان بولارد، هي قصة نجاح إسرائيلي في ابتزاز الإدارات الأميركية، لكن كافة هذه الإدارات لم تخضع لهذا الابتزاز، حتى الآن، وإذا ما تضمنت مساعي كيري مثل هذه الصفقة بإطلاق سراح بولارد، فتكون هذه الإدارة قد وصلت إلى الحضيض، خاصة وأن الإفراج عن بولارد، لا يوازيه تراجع إسرائيل عن سلسلة إجراءاتها لإفشال المساعي الأميركية الرامية لنجاح العملية التفاوضية!!