لم يكن متوقعاً أن تعترف إسرائيل بالمسؤولية عن تنفيذ عملية اغتيال الشهيد حسان اللقيس. العادة المتبعة في مواجهاتها الأمنية مع المقاومة طوال السنوات الماضية، كانت تقضي بالصمت المطبق، أو الرفض المعلن للتعليق، إلا أنها هذه المرة، حرصت على نفي مسؤوليتها،
وعلى لسان مسؤوليها ومصادرها الرفيعة المستوى، وحاولت دفع الاتهام باتجاهات بعيدة عنها، مع التهديد الاعتيادي بأن ردها سيكون موجعاً، إن أقدم حزب الله على الرد.
النفي الإسرائيلي الرسمي، جاء بلغة إنكليزية واضحة، يفهمها إضافة إلى حزب الله، العالم الغربي أيضاً، وقد يكون موجهاً إلى مرحلة ما بعد الاغتيال وردود الفعل عليها. النفي صدر عن وزارة الخارجية في تل أبيب، على لسان الناطق باسمها، يغال بالمور، في حديث مع مراسل وكالة الصحافة الفرنسية، الذي أكد أن لا علاقة لإسرائيل بعملية الاغتيال، وقال إن «اتهام حزب الله هو رد فعل تلقائي، وهو يطلق اتهاماته التلقائية، حتى قبل أن يتمكن من معرفة ما الذي حدث»، فيما أكد بالمور في اتصال آخر مع الإذاعة العبرية، أن «حزب الله درج على اتهامات كهذا، وعلى تحميل إسرائيل المسؤولية عن كل شيء».
بدوره، شدد الوزير سيلفان شالوم، في اتصال مع إذاعة الجيش، على النفي المطلق لمسؤولية إسرائيل، وقال: «بشكل قاطع لا علاقة لنا بالاغتيال، إنهم السلفيون، وهم من قام بتنفيذ ذلك». وأضاف: «بغض النظر عن مدى ومستوى قلقنا مما حدث، وبغض النظر عن سعادتنا، إلا أنه لا دخل لنا بما جرى، وحزب الله تلقى ضربة قوية ويحاول أن يظهر أن عملية الاغتيال جزء من الحرب ضد إسرائيل، كي يحرف الأنظار عن الانتقادات الداخلية ضده في الساحة اللبنانية».
من جانبه، تكفل نائب وزير الدفاع، داني دانون، بتوجيه التهديدات لحزب الله، وتوعد برد قاس جداً، إن أقدم على شن هجوم ضد إسرائيل. ورداً على سؤال مراسل الإذاعة العبرية حول تعليقه على بيان حزب الله واتهامه إسرائيل بالمسؤولية، أجاب دانون أنه «إذا هاجم حزب الله الأراضي الإسرائيلية، فسيكون ردنا أكيداً ومؤلماً».
وعلى خط موازٍ للنفي الرسمي، كانت التغطية الإعلامية العبرية لافتة جداً، واحتلت خبر الاغتيال صدارة العناوين، مع جهد لافت لمعظم المراسلين والمعلقين لمجاراة المقاربة الرسمية لتل أبيب، محاولين جاهدين إبعاد إسرائيل عن التهمة، ووضعها ضمن دائرة التساؤلات بالحد الأدنى، مع رميها باتجاه أعداء آخرين لحزب الله، بدءاً من الجهاد العالمي، وصولاً إلى الداخل اللبناني. مع ذلك، أكدت تقارير المراسلين العسكريين على وجود منسوب مرتفع من الفرح باغتيال اللقيس، إضافة إلى القلق السائد لدى المؤسسة الأمنية في تل أبيب، حيال إمكانات إقدام رد حزب الله على الرد، وما سموه «تسخين» الجبهة على الحدود مع لبنان.
ونقلت القناة العاشرة العبرية عن مصادر أمنية تساؤلها وخشيتها من الآتي، وبحسب هذه المصادر فإن السؤال المطروح على طاولة التقدير هو: هل سيحاول حزب الله في أعقاب عملية الاغتيال الرد، وبالتالي التصعيد الأمني على الحدود الشمالية؟
مع ذلك، أشار موقع صحيفة هآرتس، بصورة شاذة، إلى «الفرضية الإسرائيلية» وإمكان أن تكون تل أبيب هي التي تقف وراء الاغتيال، وذلك ضمن فرضيات أخرى، وكتب معلق الصحيفة للشؤون العسكرية، عاموس هرئيل، أنه «إذا كانت إسرائيل هي التي نفذت عملية اغتيال اللقيس، فمن الممكن أنها استغلت الاضطراب الحاصل في لبنان، بتأثير من الصراع الدائر في الساحة السورية، من أجل توجيه ضربة إلى حزب الله». وأضاف أن «سياسة الإنكار أو النفي التي تعتمدها إسرائيل تجاه ما ينسب إليها في السنوات الأخيرة، سواء في سوريا أو في لبنان، تهدف إلى إيجاد حالة من عدم اليقين والضبابية لدى الطرف الآخر، الأمر الذي من شأنه أن يؤدي إلى عدم رده فوراً على إسرائيل».