انتهت الحرب البشعة الضروس التى شنتها "إسرائيل" على قطاع غزة والتي استمرت على مدار 51 يوماً وتم الإعلان عن وقف إطلاق النار بتاريخ 26-8-2014 وتوقع الجميع بانتهاء حصار قطاع غزة الظالم وفتح كافة المعابر التجارية والبدء بعملية شاملة وسريعة لإعادة إعمار وتنمية قطاع غزة،
لكن للأسف الشديد وبعد مرور ثلاث شهور على إعلان وقف إطلاق النار لم يتغير أي شيء على أرض الواقع، فكافة معابر قطاع غزة التجارية مغلقة باستثناء معبر كرم أبو سالم وهو الوحيد الذي يعمل حتى اللحظة وفق الالية السابقة لما قبل الحرب على قطاع غزة، فلم يتغير أي شيء على آلية عمل المعبر من حيث ساعات العمل، عدد الشاحنات الواردة، نوع وكمية البضائع الواردة، ومازالت "إسرائيل" تمنع دخول العديد من السلع والبضائع والمواد الخام والمعدات والآليات والماكينات وعلى رأسها مواد البناء والتي تدخل فقط وبكميات مقننة وفق خطة روبرت سيري (الإسمنت – الحصمة – الحديد – البوسكورس).
ومن خلال رصد حركة الشاحنات الواردة عبر معبر كرم أبو سالم وأيام الإغلاق خلال الفترة من 27-8-2014 حتى 27-11-2014، فقد بلغ عدد أيام إغلاق المعبر 32 يوماً خلال الفترة السابقة وهي تمثل 34% من إجمالى عدد الأيام في تلك الفترة، وبلغ عدد الشحنات الواردة خلال تلك الفترة 13322 شاحنة منها 10419 شاحنة للقطاع الخاص، 2903 شاحنة مساعدات إغاثية للمؤسسات الدولية العاملة بقطاع غزة وهي تشكل 21% من إجمالى الواردات، وبلغ متوسط عدد الشاحنات اليومية الواردة إلى قطاع غزة (141) شاحنة خلال تلك الفترة، كما تم توريد كميات قليلة من الاسمنت لم تتجاوز 6919 طن للمؤسسات والمشاريع الدولية و2402 طن للقطاع الخاص لإعادة إعمار قطاع غزة وتم توزيع تلك الكميات على أصحاب المنازل المتضررة وفق آلية الكوبونة المدفوعة الثمن، ومجمل ما تم توريده من الاسمنت للمؤسسات الدولية وللقطاع الخاص لإعادة إعمار قطاع غزة 9321 طن خلال ثلاث شهور من إعلان وقف إطلاق النار وهذه الكمية تساوي احتياج قطاع غزة ليوم واحد من مادة الإسمنت.
وهنا يجب التوضيح بأن استمرار منع دخول مواد البناء وعلى رأسها الإسمنت إلا وفق الية روبرت سيري لن يؤثر فقط على إعاقة عملية إعادة الإعمار وجعلها تطول لتأخذ سنوات، لكنة سوف يؤثر على العديد من المشاريع الاستثمارية الخاصة في قطاع الإسكان، حيث يوجد ما يزيد عن 500 عمارة وبرج سكني في قطاع غزة متوقف العمل بهم، لأنهم يحتاجون إلى الآلاف من أطنان الاسمنت ويمثلون آلاف الوحدات السكنية الكفيلة بحل مشكلة الاسكان لو بشكل جزئي ومؤقت، هذا علاوة على الخسائر الفادحة التى سوف يتكبدها المستثمرين في تلك العمارات والابراج السكنية نتيجة لتجميد ملايين الدولارات.
وهنا نعيد الأسئلة المطروحة منذ شهرين و للمرة المليون لعلنا نجد إجابة:
• كيف يحصل المواطن العادي غير المتضرر على كيس الإسمنت؟
• كيف يحصل المستثمرين في العمارات والأبراج السكنية وتجمدت لهم أموال بملايين الدولارات نتيجة عدم تشطيب تلك المشاريع على كيس الإسمنت.
وبمقارنة عدد الشاحنات الواردة خلال ثلاث شهور من وقف إطلاق النار مع الفترة المناظرة من العام الماضي 2013 نجد انخفاض إجمالي الواردات بنسبة 10% حيث بلغ عدد الشاحنات الواردة في تلك الفترة 14506 شاحنة.
وبالرغم من احتياج قطاع غزة الملح للعديد من السلع والبضائع خصوصاً بعد الحرب الأخيرة إلا أننا نشهد انخفاض في حركة الواردات وذلك نتيجة للعديد من الاسباب والتي من أهمها:
• استمرار الحصار الظالم على قطاع غزة.
• استمرار منع إدخال مواد البناء لإعادة إعمار قطاع غزة إلا بنظام الكوبونة.
• فرض قيود و شروط و تراخيص خاصة من قبل "إسرائيل" لإدخال العديد من السلع.
• استمرار أزمة الكهرباء الخانقة والتي تستنزف موارد المواطنين المعدومة.
• تدمير البنية الاقتصادية لقطاع غزة في الحرب الأخيرة.
• ارتفاع معدلات البطالة والفقر في قطاع غزة.
• ارتفاع معدلات الفقر.
• ضعف القدرة الشرائية لدى المواطنين.
وكل ذلك تسبب بركود تجاري واقتصادي حاد وغير مسبوق وبأوضاع كارثية لم يشهدها قطاع غزة منذ عام 1967.
وهنا يجب التنويه بأن الادعاءات والتصريحات الإعلامية الإسرائيلية المستمرة بوجود تسهيلات على المعابر لا أساس لها من الصحة على أرض الواقع فالمعبر الوحيد الذي يعمل هو معبر كرم أبو سالم وكل ما يدخل إلى قطاع غزة هو عبارة عن سلع تموينية واستهلاكية وإغاثية.
أما صعيد المنتجات التى تم تسويقها بالضفة الغربية منذ إعلان وقف إطلاق النار وإدعاء "إسرائيل" بالسماح بتسويق منتجات غزة الزراعية والصناعية بأسواق الضفة الغربية فهي عبارة عن فرقعات إعلامية، حيث أن الكميات التي تم تسويقها خلال تلك الفترة لا تذكر وهي 27 طن بطاطا حلوة، 144 طن خيار، 43 طن بندورة، 30 طن تمر، 18 طن كوسا، 12 طن فراولة، 2.7 طن سمك وبعض الخضروات الأخرى التي لا تذكر كمياتها، بالإضافة إلى شاحنتين أثاث وكمية قليلة من الملابس وهي عبارة عن 16 كرتونة.
كما يواجه المصدرين والمسوقين من قطاع غزة العديد من المشاكل أثناء خروج بضائعهم من قطاع غزة و منها عدم توفر الإمكانيات في معبر كرم أبو سالم لخروج المنتجات الزراعية والصناعية إلى الخارج، تنزيل وتحميل البضائع لعدة مرات مما يؤثر على الجودة خصوصاً في السلع الزراعية، شروط "إسرائيل" بأن تتم عملية نقل البضائع إلى الضفة الغربية والخارج في شاحنات مغطاة (ثلاجات) وأن لا يتجاوز ارتفاع الطبلية عن متر هذا بالإضافة إلى مواصفات خاصة بالتغليف والتعبئة، مما يساهم في مضاعفة تكاليف النقل على التاجر وبالتالي على المستهلك.
أما بالنسبة لمعبر معبر بيت حانون والتسهيلات الخاصة به فقد قلنا مراراً وتكراراً بأن 95% من سكان قطاع غزة لا يحق لهم التنقل عبر معبر بيت حانون حيث تفرض "إسرائيل" قيوداً شديدة لتنقل الأفراد عبره حتى وإن كان هدفهم الضفة الغربية، والمطلوب إيجاد آلية للربط الجغرافي بين قطاع غزة والضفة الغربية تكفل حرية حركة المواطنين دون تدخل "إسرائيل" بذلك.
وهنا لابد من التساؤل إلى متى سوف يبقى الصمت الدولي والأممي على حصار قطاع غزة؟
* مديـر العلاقات العامة في الغرفـة التجارية الفلسطينية - غزة