فوجئت مصر العام 2008 بقطع الكابلات البحرية في المتوسط لأكثر من مرة وترتب على هذا القطع، قطع خطوط الإنترنت عن البلاد، وأثيرت تساؤلات عديدة حول أسباب هذا القطع، بعض الخبراء أشاروا إلى أن أسباب القطع تعود إلى تنقيب الإسرائيليين عن النفط في قاع البحر المتوسط في "المنطقة الاقتصادية" التابعة للمياه الإقليمية المصرية!!
بعد سنوات قليلة، أعلنت كل من قبرص و"إسرائيل" عن اكتشاف حقول نفطية للغاز باحتياطات تقدر بأكثر من 200 مليار دولار، هي حصة "إسرائيل" وحدها من هذه الاكتشافات، على الأثر رفع بعض الخبراء المصريين بالتعاون مع عدد من المحامين، دعاوى أمام القضاء المصري، لبحث الأمر باعتبار أن هناك عملية سطو "إسرائيلي" على الغاز المصري، إذ إن هذه الاكتشافات في معظمها، تمت في أعماق "المنطقة الاقتصادية" المصرية، مع استمرار "إسرائيل" في بناء منصات الإنتاج المتعددة في الوقت الذي أشارت فيه وسائل الإعلام "الإسرائيلية"، إلى أن الدولة العبرية ستصدر الغاز إلى جمهورية مصر العربية.
إلا أن القضاء المصري، لم يبحث بصورة جدية، أمر هذه الدعاوى، وصدرت تصريحات تشير إلى أن الاتفاقيات المعقودة مع جزيرة قبرص حول الحدود، لا توفر دليلاً على نهب للغاز المصري، المرة الأخيرة التي عالج فيها القضاء المصري هذه الدعوى، كانت في تموز الماضي، عندما قررت الدائرة الأولى بمحكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة برئاسة المستشار محمد قشطة، نائب رئيس مجلس الدولة، تأجيل الدعوى التي أقامها المهندس محمود حمزة واللواء أركان حرب صلاح الدين سلامة وعادل شرف المحامي، للطعن على قرار وزير البترول الصادر في الأول من كانون الثاني 2012 باعتبار حقل الغاز "افروديت" يقع في المياه الاقتصادية لقبرص، وتأجلت الجلسة لحين ورود تقارير المفوضين.
يشار إلى أن الطعن تضمن أخطاء فادحة في اتفاقية ترسيم الحدود بين مصر وقبرص، ما يوجب إعادة ترسيم الحدود بما يضمن الحقوق المصرية في "المنطقة الاقتصادية" الخاصة بها!
الدكتور رمضان أبو العلا، الخبير البترولي وأستاذ هندسة البترول بجامعة قناة السويس ورئيس اللجنة الشعبية للدفاع عن حقوق مصر البترولية، أكد أن لديه من الوثائق ما يثبت بشكل قاطع أن الاكتشافات الغازية "الإسرائيلية" في البحر المتوسط تقع في نطاق "المنطقة الاقتصادية" المصرية، باحتياطات تصل قيمتها إلى 700 مليار دولار وليس 200 مليار دولار كما أشيع في بعض التصريحات لمسؤولين مصريين.
أخيراً، وزارة الخارجية المصرية، أشارت إلى أنها بصدد دراسة مسألة سطو "إسرائيل" على الغاز المصري، غير أن تحركاً بهذا الصدد لم ير النور بعد، مع أن هناك من يدعو إلى التقدم إلى مجلس الأمن بشكوى حول هذا السطو، مع أن مصدراً مسؤولاً في مجلس الوزراء المصري، أكد أن مصر سوف تلاحق "إسرائيل" قضائياً بتهمة سرقة نصيب مصر من غاز المتوسط، وقال المصدر إن مجلس الوزراء طلب من وزارتي الدفاع والخارجية إرسال ملف غاز البحر المتوسط بالكامل لدراسته بهدف رفع دعوى قضائية أمام المحاكم الدولية ولإعادة ترسيم الحدود مع قبرص و"إسرائيل"!
قبل عامين تقريباً، وتحديداً في 18-10-2012، ناقشت في مقال نشر في موقع "زمن" في نفس التاريخ، مسألة سطو "إسرائيل" على الغاز المصري، وتطرقت بالتفصيل إلى مواقع الآبار والمواقع المكتشفة، ومدى قربها من الحدود المصرية مقارنة مع حدود كل من إسرائيل وقبرص، مستنداً إلى وثائق تقدم بها خبراء مصريون ودوليون، ومفنداً تصريحات المسؤولين المصريين، خاصة وزير البترول في ذلك الوقت، التي أشارت دون أي جهد إلى أن ليس لمصر الحق في المطالبة بحقوق في هذه المكتشفات.
والآن، وعلى ضوء ما أشارت إليه وزارة الخارجية المصرية، وما صدر عن مجلس الوزراء المصري مؤخراً حول ملاحقة "إسرائيل" قضائياً في المحكمة الدولية باعتبارها قد قامت بعملية نهب واسعة النطاق لمقدرات وحقوق الشعب المصري، في حقول الغاز المكتشفة، خاصة وأن "إسرائيل" ستبيع هذا الغاز لمالكيه من الشعب المصري الشقيق، الآن، نقول لماذا لم تحاول الجهات المسؤولة في جمهورية مصر العربية، وفي وقت مبكر، تناول الشكاوى والدعاوى من قبل الخبراء والمتخصصين، أن تدرسها بعمق وتتعامل معها بجدية عالية، باعتبار أن المسألة تتعلق بالحقوق أولاً، وبالأمن القومي المصري ثانياً، ودون ترتيب، ولماذا تلكأت وماطلت هذه الجهات طوال الوقت في التعامل مع مسألة هي من أخطر المسائل، ولعلّ تعدد الحكومات والوزارات منذ حكم مبارك وحتى الآن، كان أحد أسباب هذا التلكؤ والمماطلة، غير أن مسألة بهذه الأهمية، كان يمكن تداركها من خلال القضاء المصري، ومن خلال أطقم هذه الوزارات المتخصصة.
يقول أحد الخبراء، إنه بحث عن مواقع هذه الاكتشافات على خرائط غوغل، إلاّ أنه لم يجد أي شيء حولها في هذه الخرائط، مع أن أسماء ومواقع هذه الاكتشافات باتت معروفة، ويشير إلى عدم وجود هذه الخرائط في غوغل يثبت أن "الإسرائيليين" وراء إخفاء هذه الخرائط والضغط على غوغل كي لا تنشر، كونها تدرك أن مثل هذه الخرائط، قد تشكل دليلاً على سرقتها وسطوها على الغاز المصري!