Menu
فلسطين - غزة °-18 °-18
تردد القناة 10873 v
بنر أعلى الأخبار

لن تقلعنا ريح الاستعمار

فلسطين اليوم

درس لا نمل من تكراره على أسماع وقلوب من ختم الاستعمار على قلوبهم، "لا شيء يكسرنا. سنبقى على أرضنا وفي قلوبنا وفي مستقبل أبنائنا، شوكة في عقولهم، وطوفاناً لا يعرف التراجع."

 

يقول العدو إنه أنجز معظم أهداف حربه، ولم يبق لإنهائها سوى إطلاق سراح أسرى الصهاينة، وعودة المستوطنين إلى مستعمرات شمال فلسطين المحتلة. يهرول بعض الأعراب لتبني هذه الرواية، ليغسلوا أيديهم من دم الفلسطينيين واللبنانيين، ويشهر هؤلاء سلاح المفاوضات في محاولة لتثبيت الرواية الصهيونية، وتجييرها لصالح مشاريعهم الاستسلامية.

مشكلة هذه الرواية أن من صاغها لا يصدقها. كما حدث في السابع من أكتوبر، عندما هرعت دبلوماسية "الناتو" لدعم "إسرائيل" سياسياً وعسكرياً، ها هي الدبلوماسية نفسها تهرع إلى لبنان لتحقيق الأهداف نفسها. من زيارة المبعوث الأميركي آموس هوكستين لبيروت، إلى زيارة وزيرة خارجية ألمانيا التي سبق لها إطلاق تصريحات عنصرية داعمة لجرائم الإبادة الجماعية الصهيونية، وليس انتهاء بمؤتمر باريس المخصص لدعم ما يسمّونه "سيادة لبنان".

كل هذه التحركات تقول إن الكيان الصهيوني يعيش أزمة تشبه ما حدث في السابع من أكتوبر، وأنه يحتاج إلى دعم "الناتو" وحلفائه للخروج من هذه الأزمة.

لا يصدق أحد هذا الحرص الغربي على سيادة لبنان، وحياة شعبه. فهذا الغرب نفسه الذي وقف متفرجاً، لأكثر من عام، على المجازر التي يرتكبها العدو بحق الشعب الفلسطيني في غزّة والضفة الغربية. وهو الغرب نفسه الذي ارتكب بيده المجازر بحق الشعب العربي في العراق وليبيا وسوريا. يعتقد المستعمرون أن استشهاد قيادات في حزب الله، وعلى رأسهم الشهيد القائد سماحة السيد حسن نصر الله، قد أضعف المقاومة، وأن الوقت حان لقطف ثمار جرائمهم، من خلال فرض شروط "السيادة" كما يريدها "الناتو" على محور المقاومة. "السيادة" التي تلحق لبنان بأوهام "الناتو العربي"، وتسحب سلاح المقاومة، وتعيد إلى الواجهة السياسية من أسقطهم تاريخ طويل من العمالة والتآمر على الأوطان.

في الوقت الذي تزدحم فيه الغرف المغلقة بالمؤامرات، قرر الشهيد إبراهيم حيدر تنفيذ وصية الشهيد القائد يحيى السنوار التي كتب فيها: "لا تفاوضوا على ما هو حق لكم... لا تسلموا سلاحكم، ولا تلقوا الحجارة، لا تنسوا شهداءكم، ولا تساوموا على حلم هو حق لكم". خاض الشهيد المشتبك المعركة وكان جيشاً في مواجهة "جيش"، لم تضعفه قلة في العدد، أو نقص في الذخيرة. صد قطعان العدو فانتصر، مقاتلاً وشهيداً. لقد أدرك أن "المقاومة ليست عبثاً، وليست مجرد رصاصة تطلق، بل حياة نحياها بشرف."

قبله بأيام كان الشهيدان حسام أبو غزالة وعامر القواس يعبران الحدود نحو فلسطين، معلنين انخراط جميع الجبهات في المعركة ما استطاعت إلى ذلك سبيلاً، وأن الأوهام التي تداعب بعض العقول حول استسلام أبناء الأمة لمخططاتهم، لا مكان لها في الواقع. لم ينتظر عامر وحسام إنصاف العالم، فكانا المعجزة والإنصاف لقضيتهما وشعبهما. قبلهما كان مسدس الشهيد ماهر الجازي يعقد قمته منفرداً، على معبر الكرامة، منفذاً حكم الشعب بمن احتل أرضه، وممثلاً حقيقياً لموقف الشعب العربي الأردني. 

يعلم الغرب الاستعماري من خبرة عمرها أكثر من قرن من الزمان، أن هذه الأمة لا تستسلم. تهزم أحياناً، ويفرض عليها العدو مشاريعه، لكنها لا تلبث في كل مرة أن تنهض لتصنع مقاومتها، وتواجه أعداءها. الجماهير في شوارع المدن العربية، والمقاومون الذين يعبرون الحدود، والصواريخ التي تنطلق من جبهات الإسناد، كلها تقول إن التقسيم الذي فرضه الاستعمار قبل أكثر من قرن، موجود على الخرائط وفي عقول الحكام فقط، أما الشعوب فما زالت موحدة في سعيها نحو حلمها بالاستقلال والحياة الكريمة. 

المقاومة التي تضرب اليوم في كل أرض عربية يدنسها الاحتلال، تنعى أوهام السلام والتطبيع. نتذكر أوهام المستعمرين بعد خروج المقاومة من بيروت بعد غزو لبنان 1982، كان فيليب حبيب يلعب دور هوكستين، وفرنسا تلعب الدور نفسه اليوم، واعتقدوا أن اتفاقات أيار وأوسلو ووادي عربة ستنهي الصراع مع العدو إلى الأبد. من تحت ركام بيروت المدمرة، نهضت جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية (جمول)، وكانت ولادة حزب الله، لتنتقل المقاومة إلى موقع أكثر تقدماً، فيهرول العدو هارباً من بيروت، ثم من الجنوب، لينتهي مهزوماً في تموز 2006.

من وحل أوسلو، خرجت الانتفاضة الثانية، وأسطورة مخيم جنين، وعرين الأسود، وكتيبة جنين، ومعارك سيف القدس ووحدة الساحات، وطوفان الأقصى. ومن أقذر حروب التاريخ في العراق واليمن، خرجت صواريخ أنصار الله والمقاومة العراقية. 

درس لا نمل من تكراره على أسماع وقلوب من ختم الاستعمار على قلوبهم، "لا شيء يكسرنا. سنبقى على أرضنا وفي قلوبنا وفي مستقبل أبنائنا، شوكة في عقولهم، وطوفاناً لا يعرف التراجع."