Menu
فلسطين - غزة °-18 °-18
تردد القناة 10873 v
بنر أعلى الأخبار

سدي تيمان مرآة محدبة تعكس انحطاط المجتمع الاسرائيلي

يقول جدعون ليفي في صحيفة هآرتس الإسرائيلية 8/8/2024 في مقاله اليومي ان التقرير الذي قدمته منظمة بتسيلم عما يجري في السجون الإسرائيلية هو التعبير الاصدق عما يجري في إسرائيل وهو تقرير عن مسلكية إسرائيل ككيان. فحسب الاستطلاع الذي أجرته القناة 12 الإسرائيلية في نفس اليوم والذي أظهر ان 47%من الإسرائيليين يؤيدون اغتصاب السجناء الفلسطينيين.

انها نتائج مرعبة رغم ان النسبة اعلى بكثير مما نشر إذا ما اخذنا بعين الاعتبار عدم مشاركة 22 % من المجتمع الاسرائيلي في الاستطلاع فهذا يرفع النسبة الى أكثر من 60% من الإسرائيليين اليهود. فهل هذا الانحراف عفوي ام يأتي ضمن الاستراتيجيات العشرة التي تحدَّث عنها المُفَكِّر الأمريكي ناعوم تشومسكي والتي تَبَنَّاها واعتمدها أصحاب النُّفوذ العالمي من ساسَة ورأسماليين منذ عام 1979 في وثيقة سرية تم اكتشافها صُدْفة عام 1986 بعنوان (الأسلحة الصامِتة لِخَوْض حرب هادِئَة)، وهو دليل للسيطرة على عقول ومُقَدَّرات وأموال الشعوب، وبالتالي توجيه سُلوكهم والسيطرة على أفعالهم.

هل سيكون بالإمكان تصويب الانحراف السلوكي والقيمي المرعب في المجتمع الإسرائيلي والذي من غير المستبعد ان يكون ضمن الاستراتيجيات الواردة في الوثيقة السرية آنفة الذكر إضافة الى عدة عوامل مرتبطة بمجملها بالنظرة الفوقية التي يتبناها صناع القرار في إسرائيل وربطها بنصوص دينية لا أحد يعرف من اين أتت والتي يتم استثمارها في التحريض واقتناص غلاة الفكر الصهيوني أي فرصة لتعزيز الكراهية والحقد ضد الآخر حتى وان كان يهوديا.

ومن اجل وضع الأمور في سياقها الصحيح فان علينا الاسترشاد بتعريف عالم النفس الاجتماعي هــــــاري ستاك سوليفـان لسلوك الافراد والذي اسماه (وهم الفردية). حيث الرواية التي تبنتها الحركة الصهيونية وما اوجدته من مسوغات لهذه الرواية أحيانا بالاستناد الى نصوص دينية تتناقض بالمطلق مع طبيعة وروح الأديان كافة مأخوذة من تفسيرات تخدم الهدف الاساسي للحركة الصهيونية وهو السيطرة على العالم.

سأسترشد هنا بما كتبه المؤرخ الإسرائيلي إسرائيل شاحاك في كتابه الديانة اليهودية وطأة ثلاثة آلاف عام حول نص ديني مفاده (إذا وجدت اغيارا يحفرون بئرا ولديهم سلم للصعود والهبوط لا تقتلهم بل انزع السلم فسيموتون وحدهم.). وفي مكان اخر من نفس الكتاب وبعد استفسار من الحاخامات الذين أكدوا له ان من واجب اليهودي إذا استشعر خطرا مستقبليا من طفل رضيع فلا باس من قتله.

ان إشارة نتنياهو الى نبوءة إشعيا وحديث رئيس جهاز الامن القومي الاسرائيلي السابق بان ليس هناك أبرياء في غزة ومطالبة وزير التراث بمحو غزة عبر قنبلة نووية وقيام بن غفير بتسليح المستوطنين وقبلها المطالبة بحرق القرى الفلسطينية تدفع باتجاه مزيد من الانحراف السلوكي للفرد والمجتمع في اسرائيل. ومن اجل انحراف سلوكي وقيمي واخلاقي بلا عودة عمد صناع القرار في إسرائيل الى اختراع روايات عن فظائع قام بها الفلسطينيون في غلاف غزة لتعزيز روح الانتقام داخليا ولاستعطاف العالم خارجيا.

وكاستنتاج فقد نجح نتنياهو في جر غالبية المجتمع الإسرائيلي الى تبني فكر انتقامي سيصبح من مركبات الشخصية اليهودية عند انتهاء الحرب. حيث ان من يرى ممارسات الإسرائيليين تجاه الفلسطينيين في الضفة الغربية وغزة ومن يتابع التصريحات من شخصيات دينية ومجتمعية وسياسية في إسرائيل يستطيع ان يدرك كيف سيكون هذا المجتمع الإسرائيلي بعد الحرب.

وهنا سنعود الى السؤال الى أي مدى سيسهم مستقبلا هذا الانحراف في تقويض المجتمع الإسرائيلي من الداخل عبر صراع بين مكونات المجتمع بما فيهم فلسطينيي الداخل؟ وهل بالإمكان فعل شيء خاصة بعد تفعيل بروتوكول هاني بعل والذي سيضع الجيش في مواجه اهل المختطفين الذين تعرضوا لخطر الموت وفعلا مات غالبيتهم على يد الجيش في غزة والايحاء بان ارهابيي حماس هم المسؤول الأول عن حياة المختطفين مما سيعزز الكراهية والحقد الذي تشكل عبر تاريخ الحركة الصهيونية ضد الاغيار وبالأخص الفلسطينيين مما سينتج زيادة مضطردة في وتيرة العنف الإسرائيلي ضد الفلسطينيين والرد عليه بمقاومة أكثر عنفا من قبل الشعب الفلسطيني.

في الختام اعتقد جازما ان قيادات إسرائيل وعبر كل ما سلف سيأخذون مشروعهم، كيانهم حقدهم وانحرافهم الى الهاوية غير مأسوف عليهم.