Menu
فلسطين - غزة °-18 °-18
تردد القناة 10873 v
بنر أعلى الأخبار

الاحتلال يفضح المطبعين العرب وفق رؤية توافقية

بقلم / خالد صادق

التصريح الصادر عن ما يسمى بوزير الخارجية الصهيوني ايلي كوهين حول لقائه بوزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش يأتي في اطار توريط الرسميين العرب بعلاقة معلنة مع الاحتلال, الرسميون العرب يحاولون شراء ود «إسرائيل» سرا يعني على طريقة «الزواج العرفي» او «زواج المسيار» لكن «إسرائيل» تريده زواجا شرعيا معلنا حتى تقيم اعراسها وافراحها, وتسوق لإنجازها, وتبني عليه امام الإسرائيليين, وهم لا يعنيهم ردة الفعل العربية على ما يصرحون به, لان الغرض من التطبيع مع الدول العربية «تسويقي» لإقناع الإسرائيليين ان «إسرائيل» بدأت تخرج من عزلتها وجل الدول العربية تقيم علاقات معها, كما صرح بذلك رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو الذي كشف عن أن «إسرائيل» تفتح حلقات حوار مع جل الدول العربية ما عدا سورية فقط, لإقامة علاقات معها, والتقديرات تشير الى ان السعودية وليبيا وتونس تقف على أبواب التطبيع مع الاحتلال الصهيوني, وبدأت تطرق الباب بكلتا يديها, وتسابق الزمن لأجل إقامة علاقات مع «إسرائيل», صحيح ان هذه المواقف «التطبيعية» لا تعبر عن إرادة الشعوب ولا عن خياراتها, لكنها أنظمة مستبدة وديكتاتورية تعنيها الكراسي والمناصب والاستقرار في الحكم لأطول فترة ممكنة, ولا يعنيها رأي الشارع العربي من قريب او بعيد, وهى تحاول دائما التخلص من عبء القضية الفلسطينية, وزيرة الخارجية الليبية هربت الى تركيا بعد ان افتضح امرها وقابلت المجرم كوهين في إيطاليا لتفتح معه قنوات التطبيع بمباركة مسؤولين ليبيين كبار, وخرج الشارع الليبي في مظاهرات عارمة, وايقنت المنقوش انها ستتعرض للمساءلة والمحاسبة, وقد تقدم للمحاكمة بتهمة الخيانة العظمى, فهربت الى تركيا وسيتبعها اخرون, لان «إسرائيل» قالت ان لقاء نجلاء بكوهين جاء بمباركة رئيس الوزراء الليبي والصهيوني, وان الخطوة لم تكن سرية, وان الإعلان عنها كان توافقيا بين الطرفين الليبي والصهيوني, لكن ردة الفعل في الشارع الليبي هي التي اربكت المطبعين, وفتحت ملفات المحاسبة والمساءلة خاصة ان الشعب الليبي العظيم معروف تاريخيا بمواقفه الداعمة للقضية الفلسطينية وكرهه الشديد «لإسرائيل».

التطبيع العربي الإسرائيلي هدفه الرئيسي والاساسي, ليس فقط فك عزلة «إسرائيل» في المنطقة, والصفقات التجارية والاقتصادية, والتعاون والتنسيق الأمني مع الاحتلال, وتغريب العقول وتجزئة المجزأ والحاق العرب بالتبعية لإسرائيل والإدارة الامريكية والغرب, المسألة باتت لها ابعاد أخرى, وهى التحلل ونفض اليد والتخلي عن فلسطين وقضيتها ووقف كل اشكال الدعم العربي للقضية الفلسطينية, انظروا الى نتائج القمم العربية التي تخرج دائما بعبارات جوفاء عن دعم الحقوق الفلسطينية وتعزيز صمود الشعب في مواجهة المخططات الإسرائيلية التوسعية في الأرضي الفلسطينية المحتلة عام 1976م, هل يتحقق منها شيء, انها تبقى مجرد حبر على ورق, فأمريكا طلبت من الدول العربية عدم تقديم المال للفلسطينيين, وما من دولة عربية قدمت الاستحقاق المالي للفلسطينيين الا الجزائر فقط, اما الدول الأخرى فدعمها للفلسطينيين مرتبط بشروطها, التخلي عن المقاومة, والقبول بقرارات ما تسمى بالشرعية الدولية المنحازة كليا «لإسرائيل», والتخلي عن سياسة الملاحقة لمجرمي الحرب الصهاينة في المحافل الدولية, ووصم حماس والجهاد الإسلامي بالإرهاب, والقبول بما تسمى بصفقة القرن, وتغيير العقيدة الإسلامية بالديانة الابراهيمية, رغم ان الفلسطينيين يدافعون عن هذه الامة من الخطر الصهيوني في المنطقة, والذي يستند الى العقيدة التلمودية القائمة على إقامة ما تسمى بدولة «إسرائيل»  من الفرات الى النيل, والرسميون العرب يقبلون العيش في كنف «إسرائيل» وتحت قيادتها وريادتها للمنطقة, ولكنهم لا يقبلون التعايش مع الفلسطينيين, ولديهم قناعة ان زوال «إسرائيل» واندحارها عن الأرض الفلسطينية المغتصبة يعني زوال ملكهم, وانتهاء حقبتهم لان تحرير فلسطين يعني تحرير الامة من التبعية والتغريب والتجزئة, والتخلص من الاضطهاد والظلم والقهر الذي تعيشه الامة, والدخول في مرحلة النهضة والسيادة والانبعاث لأمجاد هذه الامة من جديد, وهذا لن يأتي الا بزوال أنظمة الاستبداد وعبيد أمريكا و»إسرائيل» والغرب.

ما حدث في ليبيا من تظاهرات شعبية عارمة, ومن احتجاجات امام مجلس رئاسة الوزراء, يدل دلالة قاطعة على حجم الفجوة بين إرادة الشعوب وإرادة الحكام, الشعوب العربية تتوق الى الحرية والانعتاق من عبودية الإدارة الامريكية والاحتلال الصهيوني, والرسميون العرب يقاتلون شعوبهم كي يبقوا عبيدا لهم, ما فعله الشعب الليبي الشقيق اثلج صدور الفلسطينيين, وازعج الاحتلال الذي بدأ يوجه اللوم لوزير الخارجية الصهيوني ايلي كوهين الذي كشف عن فحوى اللقاء, وما حدث في ليبيا قد يحدث في تونس وفي العراق وفي الكويت والسعودية وفي أي بلد عربي يبحث عن التطبيع مع الاحتلال الصهيوني, «إسرائيل» لن تستر عوراتكم, ولن تتكتم على اللقاءات لأنها تريد ان تستثمرها في دعم فرص حكومة نتنياهو بالبقاء, لذلك نحن على يقين ان الحكومة الليبية ستسقط وتدفع ثمن سياستها الخرقاء التي تناقض قناعات وقرارات الشعب الليبي الذي يرى في «إسرائيل» العدو المركزي لهذه الامة, والتي يجب ان تتكاتف وتتعاضد دفاعا عن فلسطين وقضيتها, خاصة ان مواقف حكومة الصهيونية الدينية باتت معلنة بالسيطرة على المسجد الأقصى قبلة المسلمين الأولى, وإقامة الهيكل المزعوم على انقاضة, لكن هناك من الرسميين العرب من يقف بغبائه على اعواد المشانق متحديا إرادة الشعب ورغباته.