Menu
فلسطين - غزة °-18 °-18
تردد القناة 10873 v
بنر أعلى الأخبار

السلطة بين الفعل الواجب والفعل المضاد

قلم/ خالد صادق

اثناء العدوان الصهيوني الاجرامي على مخيم جنين اجتمعت قيادة السلطة برئاسة محمود عباس واتخذت عدة قرارات «شكلية» منها وقف التنسيق والتعاون الأمني مع الاحتلال الصهيوني, وهذا هو الفعل الواجب, اما الفعل المضاد فهو ان التنسيق الأمني لم يتوقف لحظة واحدة حسب تصريحات الاحتلال, وكانت مهمة عناصر امن السلطة الموكلة اليها من الاحتلال افراغ المخيم من بعض مقاوميه, حتى يتسنى للجيش الصهيوني دخول المخيم وضبط مستودعات السلاح, وافشال محاولات تصنيع واقتناء المقاومة لصواريخ محلية الصنع, وفي اعقاب انتهاء عدوان الاحتلال على مخيم جنين, عقد رئيس السلطة محمود عباس اجتماعا مع قادة أجهزة امن السلطة, واعتقدنا ان الاجتماع لتوبيخهم بعدم الالتزام بقرار السلطة بوقف التنسيق الأمني مع الاحتلال, لكننا فوجئنا ان رئيس السلطة يوبخ قادة الأجهزة الأمنية من عدم قدرتهم على السيطرة على المخيم, وان حماس والمقاومة توشك على التحكم فيه تماما الامر الذي يحرجه امام إسرائيل والإدارة الامريكية, ويضعه في دائرة الضعف وعدم القدرة على القيام بالدور المنوط به بالسيطرة على الأوضاع في الضفة الغربية, خوفا من تكرر مشهد «الانقسام» الذي حدث في قطاع غزة, وأصبحت غزة بمقاومتها شوكة في حلق الكيان, واليوم باتت ترتفع أصوات داخل الحكومة الصهيونية بضرورة تقوية السلطة, ودعمها اقتصاديا, حتى تستطيع السيطرة على الأوضاع في مدن وبلدات ومخيمات الضفة, الامر الذي يعارضه قادة الصهيونية الدينية من أمثال ما يسمى بوزير المالية الصهيوني بتسلئيل سموتريتش, وما يسمى بوزير الامن القومي الصهيوني ايتمار بن غفير, مؤكدين انهما لن يسمحا بذلك مطلقا, وان السلطة بمثابة سلطة إرهاب, ولا يمكن الثقة بها حسب وجهة نظرهما, والحقيقة ان السلطة تمتهن بجدارة مسار «الخسارة» على كل المستويات, وكأنها خلقت لتخسر وتتلقى الصفعات تلو الصفعات من الاحتلال.

السلطة التي تعيش حالة تناقض مستغربة استمرت في مواقفها بين الفعل الواجب الذي دعت فيه الى ضرورة التحاور والشراكة الفلسطينية داخليا, وترتيب البيت الداخلي الفلسطيني, وبعد ان التقطت حماس والجهاد الإسلامي هذه الدعوة, وطالبت باجتماع الاطار القيادي على مستوى الأمناء العامين, اخذت السلطة خطوة نحو الفعل المضاد, وتراجعت سريعا عن خطوتها الداعية للحوار الداخلي الفلسطيني, وقامت بملاحقة المقاومين الفلسطينيين من أبناء حماس والجهاد الإسلامي واعتقالهم والتحقيق معهم, حتى انها منعت تجمعاً لاستقبال القيادي في حركة حماس حسن يوسف الذي من المفترض ان يفرج عنه من سجون الاحتلال امس الاحد, والسلطة ترد من خلال ذلك على منع أهالي جنين لأعضاء اللجنة المركزية لحركة فتح، عزام الأحمد وصبري ومحمود العالول بالإضافة لقيادات من السلطة من المشاركة في تشييع شهداء معركة مخيم جنين, بعد اعتقال السلطة للمجاهد مراد ملايشة، والمجاهد محمد براهمة، والاعتداء عليهما هما وثلّة من إخوانهما المجاهدين الذين كانوا في طريقهم لمساندة إخوانهم في كتيبة جنين، وشهدت الجنازة، حسب مقاطع الفيديو المتداولة، شدًا وجذبًا بين أهالي المخيم والمسؤولين والحراس الشخصيين لهم، حتى تم طردهم نهائيًا من موقع الجنازة, كما يأتي رفض الأهالي وجود مسؤولي السلطة، كاحتجاج منهم على موقف السلطة تجاه العدوان الصهيوني على جنين الذي وصفوه بـ ”المخزي”. وردت أجهزة السلطة الفلسطينية، بقمع أهالي مخيم جنين لاحتفالهم بخروج قوات الاحتلال من المخيم، لتضع السلطة نفسها في موضع الاحتلال، وهي تمارس القمع والقوة ضد أهالي مخيم جنين، وتصدر مشهدا مخزيا سيبقى عارا يلاحقها وأجهزتها الأمنية وقادتها، وسيزيد من حجم الفجوة التي صنعتها السلطة بينها وبين أهلنا في الضفة بإصرار غريب على انكار حقهم في مواجهة الاحتلال وافشال مخططاته العدوانية.

في النهاية السلطة فضلت ان تنحاز الى الفعل المضاد في مواجهة الشعب الفلسطيني ومقاومته, على الفعل الواجب بإعادة ترتيب البيت الداخلي الفلسطيني, وهذا الامر له أسباب عديدة, منها أسباب شخصية متعلقة بنمط تفكير نفر من السلطة الفلسطينية لا يؤمن بالمقاومة, ولا يعتبرها خيارا في مواجهة الاحتلال, وعلى رأس هؤلاء النفر رئيس السلطة محمود عباس, وهناك مواقف أخرى متعلقة بارتباط نفر من السلطة بجهات خارجية سواء عربية او دولية, خاصة دول التطبيع العربي مع الاحتلال, والإدارة الامريكية, وهذا النفر لا يرى ان الشعب الفلسطيني بحجم «إسرائيل», ولا يستطيع أحد هزيمتها, ولا يؤمن بقدرة الشعب الفلسطيني على تحدي الاحتلال ومواجهته, وان الحلول مرتبطة برضا الإدارة الامريكية والمجتمع الدولي عنهم, لتحقيق بعض المكاسب الاقتصادية للفلسطينيين حتى وان كانت مجرد مكاسب شكلية, وان عليك ان تبقى مرتبطاً كليا بالإدارة الامريكية والمجتمع الدولي, وان ترتهن قراراتك السياسية بهم, وان تقبل بأي شيء يعرض عليك, فالحل السياسي حسب قناعتهم مستحيل, والحل الاقتصادي لتحسين أوضاع الفلسطينيين هو المخرج من المعضلات التي تواجه القضية الفلسطينية, وهؤلاء النفر من ازلام السلطة يمثلهم وزير الشؤون المدنية حسين الشيخ ومدير المخابرات ماجد فرج ومحمود العالول وعزام الأحمد ومحمد اشتية, وجبريل الرجوب وغيرهم الكثير من قيادات السلطة, فهم مرتبطون بالإدارة الامريكية وملتزمون بأجندتها السياسية تماما, ويدورون حيث تدور أمريكا, لأن كلا منهم يطمح ان يكون خليفة لمحمود عباس وهذا لن يأتي الا بنيل رضا ومباركة الإدارة الامريكية والاحتلال الصهيوني.