أكد الأمين العام لحركة "الجهاد الإسلامي" في فلسطين القائد زياد النخالة، أن حركة "الجهاد" أخذت على عاتقها كل المعركة من البداية حتى النهاية، بالرغم من مشاركات محدودة من "الجبهة الشعبية"، التي استشهد منها 5 مقاتلين، و "كتائب المجاهدين" التي استشهد منها مُقاتلان.
وقال النخالة، في الجزء الثاني والأخير من حواره مع "حياة واشنطن" في بيروت، إن حسابات العدو بالنسبة لحزب الله اللبناني والفصائل الفلسطينية وتدخلها في المعركة، كانت عاملا من عوامل كبح العدو من التغول في المعركة، لافتا إلى أنه لو امتدت المعركة لفترة أكثر لكانت "حماس" وكل الفصائل و "حزب الله" اللبناني جزءا منها، وأوضح أن حركة "الجهاد" لم تتعرض لأي ضغوط للقبول بوقف إطلاق النار.
وأكد القائد النخالة، أن "استشهاد الشيخ خضر عدنان في المعتقل، كان اغتيالا مباشرا"، مؤكداً أن "إسرائيل تعمدت قتله".
وتعهد الأمين العام لحركة "الجهاد"، بقصف تل أبيب في حال استهداف إسرائيل أي قائد، وقال: "اغتيال أي قائد أو عضو سنرد عليه بقصف تل أبيب، وهذا التزام".
وأوضح القائد النخالة، أن "عرين الأسود" تتشكل من كافة أنصار المقاومة الفلسطينية، ويوجد به عناصر من "فتح" و "الجهاد" و "حماس"و "الحركة الشعبية"، فهي تشكيل متنوع من عدة فصائل.
وأشار إلى أن الفلسطينيين فشلوا في تجاوز خلافاتهم السياسية، داعيا المقاومة إلى "الوحدة الميدانية" في خطوة لتحقيق الوحدة السياسية لاحقا.
ووصف القائد النخالة، خطاب الرئيس الفلسطيني محمود عباس في الأمم المتحدة، بأنه "مخز ومخجل"، وقال "ليس مقبولا أن يتعامل الشعب الفلسطيني تحت احتلال كالحيوانات، هذه مقارنة ومقاربة مخزية ومخجلة لا تليق بالشعب الفلسطيني وجهاده"، مضيفا: "هناك ثقب أسود في العقل السياسي الفلسطيني الذي يوصلنا إلى الأمم المتحدة، ونتحدث بهذا الخطاب".
واعتبر أن "السلطة أصبحت تورط فلسطين في مشروع ما يُسمي بالسلام مع العدو الإسرائيلي"، وقال: "السلطة والبرنامج السياسي الحالي لمنظمة التحرير، يعاني من سوء قراءة لماهية إسرائيل"، مضيفا: "العدو الإسرائيلي احتل فلسطين بالقوة ولا يمكن أن يعطونا الضفة الغربية بالحديث السياسي الجميل أو الاستجداء".
واعتبر أن "منظمة التحرير أصبحت هي ختم له وظيفة مجير لصالح برنامج سياسي واضح هو صنع سلام مع العدو الصهيوني"، وقال: "إنه لا اتفاق على البرنامج السياسي ورؤية إدارة الصراع مع المشروع الصهيوني، إذا لا حاجة لإعادة بناء منظمة التحرير".
وقال القائد النخالة، إن الدول العربية والعالم يتعامل مع الأفراد حسب تعاملهم مع إسرائيل، فالذي يتعارض مع إسرائيل، والملتزم بالقضية الفلسطينية له معاملة مختلفة ، بينما الذي يتقارب مع إسرائيل له معاملة خاصة (في آي بي) VIP مضيفا: "السلطة لا تمثل إلا فئة قليلة من الشعب الفلسطيني، وهذه هي الفئة المطلوبة وهي المعترف بها رسميا عربيا وتتعامل معها الدول العربية باحترام، أما الآخرين إما تشكك بهم وقد تتعامل معهم على أنهم إرهابيون".
وقال القائد النخالة: "عندما نذهب للدول العربية ونقول لهم نحن "جهاد إسلامي"، يقولوا لنا: أنتم إرهابيون، وتخالفون إسرائيل وبرنامج الدول العربية، أما جماعة، أبو مازن والبرنامج السياسي، فيقول لهم العرب: أهلا وسهلا".
وكان الأمين العام لحركة "الجهاد الإسلامي" زياد النخالة، اعتبر في الجزء الأول من حواره مع "حياة واشنطن"، أن التسهيلات التي تقدمها إسرائيل إلى قطاع غزة، ما هي إلا "محاولة لرشوة" القطاع لإسكاته، ورد على تهديدات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، باستهداف قيادات "الجهاد" في ساحات أخرى، بالتأكيد على قدرة الحركة على قصف إسرائيل من ساحات أخرى، معربا عن الترحيب بالتفاهم السعودي الإيراني، وتوقع أن تكون له تداعيات إيجابية على القضية الفلسطينية، واصفا التطبيع بأنه "خيبة ثقيلة"، وشدد على أن دعم إيران للمقاومة غير مشروط، كما جزم النخالة، بأنه لا يوجد اختراق وراء استشهاد قادة حركة "الجهاد" في قطاع غزة في العدوان الأخيرة، عازيا الأمر إلى "تهاون بالنسبة لاستخدام وسائل الاتصال".
وفيما يلي نص الجزء الثاني والأخير من حوار "حياة واشنطن" مع الأمين العام لحركة "الجهاد الإسلامي"، زياد نخالة:
ماذا لو امتدت المعركة الأخيرة في قطاع غزة، هل المقاومة كانت جاهزة لمعركة طويلة؟
أنا على يقين من أنه لو كانت المعركة امتدت لكان الوضع الفلسطيني الداخلي سيلقى حضورا أكبر، ولأصبحت كل القوى الفلسطينية جزءا من المعركة، استطيع أن أقول بكل قوة إن "سرايا القدس" (الجناح العسكري لحركة الجهاد) أخذت على عاتقها المعركة، بالرغم من مشاركات محدودة من بعض الأخوة من "الجبهة الشعبية"، التي استشهد منها 4 أو 5 مقاتلين، و "كتائب المجاهدين" التي استشهد منها أيضا مُقاتلان ، لكن أقول إن "سرايا القدس" أخذت المعركة على عاتقها، لكن البيئة الحاضنة، والتي تضم كل القوى الفلسطينية، كانت حاضنة جدية لأجواء المقاومة والصراع مع العدو الإسرائيلي، لكن أقول جازما أخذنا على عاتقنا كل المعركة من البداية حتى النهاية.
عدم مشاركة "حماس" في المعركة الأخيرة أثارت بعض التساؤلات؟
ربما عدم مشاركة حماس لها جوانب إيجابية، فالعدو الإسرائيلي أصبح لديه أهداف أقل، والعدو اختار أن يقول إنه لا يريد مواجهة مع "حماس" بل يريد مواجهة مع "الجهاد"، لأن مشاركة الكل الفلسطيني في الحرب يخل بميزانه العسكري، إذ أن فصيلا واحدا أحدث هذا الضغط على إسرائيل، وبالتالي من المؤكد لو كان الكل الفلسطيني شارك في المعركة لكانت النتائج أفضل بكثير، لذلك الناس كانت تتمنى أن يشارك الكل في المعركة، لكن نقول دائما "عسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون"، ففي هذه المعركة عدم مشاركة "حماس" كانت لها إيجابيات، وهو عدم إعطاء العدو أهداف أكثر، و"حماس" أيضا كانت حاضنة وحكومتها تُغطي حاجات الناس وتتابع شؤونهم، فحماية الجبهة الداخلية جزء مهم من المعركة، والأخوة في حماس قاموا بدور مهم في حماية المجتمع والتسهيلات والإدارة المدنية، والتأييد المعنوي كان حاضرا من الشعب الفلسطيني، بما فيه القوى السياسية.
لو امتدت المعركة لفترة أكثر كان من الممكن أن يكون الأخوة في "حماس" وكل قوى الفصائل جزءا منها، والسيد حسن نصرالله (الأمين العام لحزب الله اللبناني)، أشار إلى إمكانية دخول حزبه في المعركة، فحسابات العدو الإسرائيلي بالنسبة لحزب الله والقوى الفلسطينية وتدخلها في المعركة كانت عاملا من عوامل كبح العدو من التغول في المعركة.
نحن في حركة "الجهاد" و "سرايا القدس" كانت لدينا الجهوزية والاستعداد للاستمرار في المعركة لأسابيع، فقدرتنا تؤهلنا لذلك، حققنا شيئا على المستوى المعنوي، هناك قيمة معنوية لقبول العدو الصهيوني، بوقف اطلاق نار متوازن ومتبادل على الأقل، وأن يكون نصاً صريحاً وواضحا يؤكد أنه يوجد طرفان ونحن كنا حريصين أن يكون الاتفاق باسم الشعب الفلسطيني وليس باسم حركة "الجهاد"، بالرغم من أن "الجهاد" هي من كانت تفاوض وحدها في القاهرة وهي التي كانت تقاتل في الميدان، لكن كان هناك دعم وتأييد معنوي من كافة الفصائل الفلسطينية واحتضان شعبي للمقاومة في الميدان، وكل هذه العوامل مجتمعة رسمت هذه الصورة.
هل تعتبر أن "الجهاد" انتصرت في المعركة الأخيرة؟
لا استطيع أن أقول إننا انتصرنا، لكن حققنا انجازا مهما وسجلنا حضورا مهما كحركة مقاومة، وكانت رسالة قوية للعدو الإسرائيلي بأنه ليس سهلا أن تدخل إسرائيل في معركة كبيرة في غزة أو في المنطقة، فما حدث أن إسرائيل قاتلت فصيلا واحدا، فماذا لو افترضنا أن كل الفصائل شاركت وعلى وجه الخصوص الاخوة في "حماس"، ولو أن "حزب الله" كان جزءا في المعركة، وسوريا أيضا رغم الأوضاع التي تمر بها، إذا المعادلة ستكون مختلفة، لذلك نحن في قادم الأيام أو السنوات أمامنا أفق مفتوح للانتصار على المشروع الصهيوني.
نحن دائما نراهن على قوة وشجاعة الشعب الفلسطيني الصابر ، وعلى مقاتلينا الشجعان، رغم امتلاك العدو في الجبهة الأخرى وسائل التكنولوجيا والقتال والدعم لكن نحن نمتلك الانسان المختلف، فهو العمود الأساسي والاستراتيجي في أي صراع مع العدو، وهو الذي أجبر 3 ملايين مستوطن على الاختباء في الملاجئ، نتيجة صواريخ وامكانيات متواضعة، فماذا كان سيحل بهم لو أن هناك إمكانيات أكبر، ولو أن كل قوى المقاومة شاركت في المعركة برفقة محور المقاومة، لكان المشهد أصعب عليهم، لذلك نحن على يقين وثقة في أن السنوات القادمة ستشهد آفاقا مهمة لهزيمة المشروع الصهيوني واستعادة القدس كعاصمة لفلسطين، وسيعود الشعب الفلسطيني إلى أرضه، وهذا سيتحقق بالمقاومة والجهاد والقوة
كيف سارت مفاوضات التوصل إلى الهدنة، وهل تعرضتم لضغوط؟
عندما نكون في ميدان القتال لا أحد يستطيع أن يضغط علينا، فلا يوجد أكبر من ضغط صواريخ العدو الإسرائيلي، لكن هناك جهود تُبذل لاعتبارات سياسية معنوية بدوافع مختلفة، مصر لم تضغط و حتى قطر أيضا لا تضغط ، وإذا كنا نعتبر أن هناك ضغطا، فهو الإلحاح في الاستجابة لتلك الجهود، لاعتبارات كثيرة، منها أن لديهم مصالح عديدة مع الأمريكان، ويريدون أن يعطوا رسائل بأن لهم تأثير على الساحة الفلسطينية، لكن ضغط بمعنى الضغط أنا لا أستطيع أن أقول إنه تم الضغط علينا لوقف إطلاق النار.
الجميع كان يتحدث عن تهدئة مقابل تهدئة، وبالمجمل العام هذا مصطلح يتم استخدامه دائما. نحن في مرحلة مقاومة مستمرة والتهدئة ليست هدفا، فواقع الحل أن الصراع مفتوح مع إسرائيل، ويمر بأوقات وقف إطلاق نار، لكن لا استطيع أن أقول إن هناك تهدئة وهدنة بمعنى أن هناك طرفين استطاعا أن يصلا إلى وقف إطلاق نار مفتوح، فهذه جبهة مفتوحة، ونحن كمقاومة حقوقنا مسلوبة وأهدافنا دائما مفتوحة في القتال، ففي الضفة لا يحتاج هذا القتال إلى أي إجراء أو سبب، وفي الحدود مع قطاع غزة هو مفتوح عندما يكون هناك سبب للاشتباك، وغزة أيضا موجودة وحاضرة للدفاع عن القدس والضفة بحكم امكانياتها الأفضل من الضفة، لكن في المجمل العام تمر أوقات فيها تهدئة وأوقات المقاومة تصعد.
المعركة الأخيرة اندلعت بشكل مفاجئ، هل توقعتوها؟
قبل المعركة كان هناك استشهاد الشيخ خضر عدنان في المعتقل، وهو ما اعتبرناه اغتيالا مباشرا، فالاستفراد بسجين داخل معتقل، غير مسلح، هو اغتيال، ولدينا اعتقاد كبير بأنهم تعمدوا قتله، فهو رجل قائد ومهم كان يعترض على اعتقاله بالإضراب، هم تركوه في زنزانة معتمة مظلمة دون رعاية طبية وصحية حتى قُتل، لذلك اعتبرناها عملية قتل متعمد، ولاعتبارات عملية ومعنوية تدخلت غزة وتم قصف مستوطنات محيطة بغزة انتقاما لاستشهاده، وتدخل المصريون وتم ضبط الجبهة والميدان.
وبعد فترة قام العدو الإسرائيلي بعملية اغتيال القادة الثلاث خليل البهتيني وطارق عز الدين، و جهاد الغنام، على قاعدة أن هؤلاء هم من قادوا بإطلاق الصواريخ ردا على اغتيال الشيخ خضر عدنان، وعلى هذا الاعتبار كانت رسالتنا أن غزة غير مستباحة وأن استهداف أي قائد سيلقى ردا، وأنا قلت قبل ذلك أن اغتيال أي قائد أو عضو سنرد عليه بقصف تل أبيب، وهذا التزام، وأكرر هذا الالتزام، وليعلم العدو أن أي استهداف لأي قائد أو عنصر في فلسطين فإن كل المدن الفلسطينية المحتلة ستكون ضمن عملياتنا وتحت مرمى صواريخنا.
هل طُرحت مسألة استعادة جثمان الشهيد خضر عدنان أثناء مفاوضات الهدنة؟
نحن لم نشترط استعادة جثمان خضر عدنان، لكن كان هناك جهد مواز من مندوب الأمم المتحدة للإفراج عن جثمان خضر عدنان. العدو الإسرائيلي يحتجز جثامين أكثر من 300 شهيد ومقاتل، لكن خصوصية جثمان الشيخ خضر عدنان أنه ليس مقاتل بالميدان، هو كان سجين غير محكوم، واستشهد وبالتالي كانت التوقعات أن يتم تسليم جثمانه إلى عائلته لتقوم بمراسم دفنه، لكننا لم نضعه شرطا، غير أنه توجد اتصالات وجهود مع الأمم المتحدة وهناك وعود باستعادة الجثمان، لكن العدو الإسرائيلي يستخدم الجثامين بهدف الابتزاز، وأنا أقول يجب أن نصبر ونحتسب، ورغم القيمة المعنوية للأمر الذي يجب ألا نفرط فيه، حتى يتم تقديم الاحترام للشهداء في لحظة وداعهم، لكن يجب عدم إعطاء الفرصة والقدرة للاحتلال لابتزازنا بمسألة احتجاز جثامين الشهداء.
كيف ترى ظهور مجموعات جديدة على ساحة المقاومة، مثل "عرين الأسود"؟
"عرين الأسود" تشكيل من كافة أنصار المقاومة الفلسطينية، يوجد به عناصر من "فتح" و "الجهاد" و "حماس" و "الحركة الشعبية"، أخذ هذا النوع من التسمية، ليكون غير محدد الهوية، وما يعنينا هو وحدة العمل المقاوم في الضفة، إلى جانب ذلك "الجهاد" شكلت الكتائب المختلفة والمتعددة على طول الضفة، وفي كل منطقة هناك كتيبة محسوبة على "الجهاد"، أما "عرين الأسود" فهي تشكيل متنوع من عدة فصائل.
تقوى المجموعات أحيانا وأحيانا تضعف، نتيجة الجهود المحيطة، من السلطة مثلا، فهي تبذل جهودا لتُخفف من حدة التوتر مع العدو على قاعدة عدم فقدان هيبتها في ضبط الشارع بما يوحي أنها سلطة وطرف يمثل الشعب الفلسطيني، أنا هنا لا أحسب مساوئ السلطة، إذ أصبحت مقتنعا أن الجدل الداخلي لا يخدم المزاج العام، لذلك أفضل أن نركز على الصراع مع العدو وأن يكون إخواننا في الميدان أكثرا تماسكاً وانفتاحاً بين المقاتلين بغض النظر عن أسمائهم وتنوعاتهم، وعليهم أن يتراصوا وأن يبقوا مترابطين وأن يتجاوزوا الخلافات، فالوحدة الوطنية والميدانية مهمة، وتصيغ برنامجا سياسيا للشعب الفلسطيني.
السلطة لها نشاطات معرقلة لكن ليست بنفس القوة قبل سنوات من متابعات وملاحقات، فهناك بيئة قوية ونشطة في الضفة تدافع عن المقاتلين، وأشكر إخواننا في قواعد حركة "فتح" الذين يشاركونا كتف بكتف في المقاومة، وإخواننا في حماس حاضرين أيضا، و"الجبهة الشعبية"، وكل الفصائل، ونلاحظ على امتداد الضفة الغربية أن هناك نشاطا وفعالية من الشباب والمقاتلين والجميع يحتضن المقاومة، وأسجل تحية وتقدير كبير لكل إخواننا المقاتلين في الضفة الغربية سواء من "سرايا القدس" أو الفصائل الأخرى.
نحن الفلسطينيون فشلنا في أن نتجاوز خلافنا السياسي، وإذا استطعنا على مستوى المقاومة والميدان أن نصيغ وحدة ميدانية ووحدة المقاتلين في الميدان سيساعدنا ذلك لاحقا في تحقيق وحدة سياسية أيضا، لكن الآن عنواننا الأساسي مقاومة العدو في كل مكان .
كيف تقيمون استراتيجية أداء السلطة الفلسطينية في المرحلة الحالية ؟
لا أقبل خطاب أبو مازن بصفته رئيس السلطة الفلسطينية، الذي يتحدث فيه عن أننا لا نستطيع أن نقاتل إسرائيل، عدم الاستطاعة لا يعني أن نقول في خطاب في الأمم المتحدة "اعتبرونا حيوانات"، هذا خطاب مخز، حتى لو لم تكن تستطع أن تقاتل يجب أن يرتقي الخطاب عن الشعب الفلسطيني، الذي يقاتل منذ عقود، إلى مستوى تضحياته، فالشعب الفلسطيني لا يستحق هذا الخطاب المخزي، ويستحق خطابا وتعبيرا واحتراما أفضل.
لا أنوي فتح معركة جانبية لأن معركتنا الأساسية مع الاحتلال، لكن يجب أن نصوب أوضاعنا، القوانين الدولية تقول إن الشعب الذي يكون تحت الاحتلال من حقه المقاومة، لكن ليس مقبولا أن يتعامل الشعب الفلسطيني تحت احتلال كالحيوانات، هذه مقارنة ومقاربة مخزية ومخجلة لا تليق بالشعب الفلسطيني وجهاده.
لا تستطيع أن تقاتل فلتبحث عن خطاب لائق بالشعب الفلسطيني، الذي يسجل في غزة بطولة في مواجهة العدو الإسرائيلي. هناك ثقب أسود في العقل السياسي الفلسطيني الذي يوصلنا إلى الأمم المتحدة، ونتحدث بهذا الخطاب، الذي لا يليق في حق الشعب الفلسطيني ويجب أن تتغير هذه الخطابات.
أنا أقول إن السلطة أصبحت تورط فلسطين في مشروع ما يُسمي بالسلام مع العدو الإسرائيلي، السلطة ومنظمة التحرير وبرنامجها السياسي، تعاني من سوء قراءة لماهية إسرائيل، وعلينا في هذا الصراع أن نفهم إسرائيل قبل أن نتقدم في أي خطوة، فالمشروع اليهودي قائم على أن تكون هناك دولة لليهود في فلسطين، ونحن نرفع "راية بيضاء" للجهة التي قالت إن فلسطين وطن للشعب اليهودي، ونقول أعطونا الضفة الغربية التي تعتبر قلب فلسطين، بأي مقاربة يعتقد الفلسطيني أن العدو الإسرائيلي يمكن أن يعطيه هدية مجانية؟، للأسف كل البرنامج السياسي الفلسطيني قائم على فكرة أنه يمكننا إقناع العالم بأننا يمكن أن نعيش إلى جانب الإسرائيليين، وأن يعطونا قلب فلسطين كي نستطيع أن نعبر أننا شعب مقبول، ونحن نغفل ما هو المشروع الصهيوني.
نحن ذهبنا باتجاه أنه يمكن بالخطاب والبرامج السياسية أن نغير شيئا، وفي الحقيقة نحن خلقنا الوهم لأنفسنا وصدرناه للعالم، وصدقنا أن هذا يمكن أن يحقق لنا شيئا، والحقيقية أن العدو الصهيوني بمؤامرة ودعم وترتيبات دولية احتل فلسطين، لذلك لن يعطينا أي شبر من فلسطين مجاناً، فالعالم قائم على موازين القوى، وطالما ليست هناك معارك وحروب يتحدثون عن القيم، لكن في الحروب يتغير كل شيء، ونحن نرى ماذا يحدث في المشهد بين أوكرانيا وروسيا يوجد اصطفاف وموازين قوى ولا يوجد حقوق إنسان، فموازين القوى تفرض نفسها على الأرض.
عندما تنتهي المعارك يبدأ الحديث عن القيم الإنسانية، وفي الحروب لا توجد قيم إنسانية، لاحقا الدولة القوية هي التي تفرض ارادتها، فأمريكا هي من تتحكم بالاقتصاد والقوة، وتمتص خيرات دول كثيرة بنفوذها وترسل قوات عندما ترى أن مصالحها مهددة، واليوم أمريكا تقوم بحرب عالمية ضد روسيا وكل أوروبا متدخلة بالحرب بشكل منخفض حتى اللحظة، والعدو الإسرائيلي احتل فلسطين بالقوة ولا يمكن أن يعطينا الضفة الغربية بالحديث السياسي الجميل أو الاستجداء، لذلك إذا اثبتنا نفسنا بالميدان وخلقنا تهديدا جديا للطرف الآخر، فإنه سيعيد حساباته وسينظر إلى الثمن الذي سيدفعه، وقيمة الخسائر الذي سيتكبدها، وغير ذلك أنا أقول إن الحديث في السياسية ثرثرة سياسية وتعبئة مجالس لا قيمة لها لدى المجتمع الدولي، والحاصل الآن أن الدول سعيدة بأن هناك فلسطين ورئيسا فلسطينيا يستقبلوه وهذا موجود لأكثر من 3 عقود، لكن جوهر القضية الفلسطينية، أن العدو الصهيوني يمارس كل ما يريد بالضفة من استيطان، وهناك مليون إسرائيلي يسكنون في الضفة وأصبحوا يستولون على نصف الأراضي، فضلا عن محاولة تقسيم المسجد الأقصى جغرافيا.
كيف ترى دور منظمة التحرير الفلسطينية في المرحلة القادمة؟
منظمة التحرير أخذت شرعية من شعبنا، لكن الدول العربية لا تتعامل معنا، ولم تعطينا أية شرعية ولا المجتمع الدولي أيضا. منظمة التحرير أصبحت مجرد ختم له وظيفة مجير لصالح برنامج سياسي واضح هو صنع سلام مع العدو الصهيوني، وبدون هذه المهمة لن تكون منظمة التحرير ولن يعترف بها أحد، فالمجتمع الدولي اعترف بمنظمة التحرير بناء على اعترافها بإسرائيل، وليس من منطلق اقتناعهم بنا.
يجب أن نُعيد المفاهيم، منظمة التحرير ليست بناء، بل هي برنامج سياسي، نحن اليوم غير متفقين على البرنامج السياسي ورؤية إدارة الصراع مع المشروع الصهيوني، إذا لا حاجة لإعادة بناء منظمة التحرير، لأنه طالما لا يوجد توافق على مشروع سياسي ورؤية مشتركة موحد ستبقى مشلولة.
قديما العالم والأنظمة كانت مختلفة، الآن لا مكان لأحد إلا لغرض سياسي، لا يوجد مكان لمقاوم فلسطيني ليمكث فيه إلا لغرض في نفس يعقوب لأية دولة، لذلك نريد أن يرى المشهد كما هو، نحن لا نعارض منظمة التحرير، لكن اجلبوا برنامجا سياسيا تحت أي عنوان يهدف لاستعادة الحق الفلسطيني في فلسطين، وطالما لم نتفق على البرنامج إذا هي عبارة عن نشاطات تحشد حالة فلسطينية جيدة تركز على الثقافة والشباب في المهجر والشتات ليكون لديه حماس ورؤية، ولاحقاً يكون هناك برنامج سياسي لهذه القوى
منظمة التحرير اسم موجود، والأن صفتها الرسمية في العالم أنها هي التي اعترفت بإسرائيل، ورئيسها هو الذي اعترف بإسرائيل وهو المعترف به دوليا، ويسافر من رام الله بطائرة، وإسرائيل تقدم له التسهيلات، لأنه معترف به، وفي المقابل تقصف فلسطيني آخر صاروخ، ونتساءل لماذا هذه التفرقة؟، والإجابة لأن هناك تمييزا بين برامج الفلسطينيين ورؤيتهم في التعامل مع الملف الصهيوني، لذلك الدول العربية والعالم يتعامل مع الأفراد حسب تعاملهم مع إسرائيل، فالذي يتعارض مع إسرائيل له معاملة، والملتزم بالقضية الفلسطينية له معاملة أخرى، والذي يتقارب مع إسرائيل له معاملة خاصة "VIP".
لكن السلطة لا تمثل إلا فئة قليلة من الشعب الفلسطيني، وهذه الفئة هي المطلوبة وهي المعترف بها رسميا عربيا وتتعامل معها الدول العربية باحترام، أما الآخرين تتعامل معهم على أنهم إرهابيون.
هناك حراك شعبي فلسطيني منتشر حاليا، هل يمكن أن يكون مؤثرا؟
هو مهم، لكن حتى الآن لم يعطينا تأثيرا، في أوروبا الحراك الشعبي يُقيم في الانتخابات والبرلمان والبنية السياسية والهيكلية، أما عندنا ليس له أي قيمة في البنيان السياسي، فحتى اللحظة لم نصل لمرحلة نقول فيها إن هذا الحراك تجسد في الانتخابات وأفرزت لنا قيادات متفق عليها ومنتخبة، فهذا حتى اللحظة لم يحدث.
عندما نذهب للدول العربية ونقول لهم نحن "جهاد إسلامي"، يقولوا لنا: أنتم إرهابيون، وتخالفون إسرائيل وبرنامج الدول العربية، أما جماعة، أبو مازن والبرنامج السياسي، فيقول لهم العرب: أهلا وسهلا.
وماذا عن سوريا؟
سوريا حليفة للمقاومة وقاعدة مقاومة مهمة تاريخيا، لكنهم يتعاملون مع منظمة التحرير على أنها هي الممثل الشرعي للشعب الفلسطيني، فما بالك بمصر التي صنعت اتفاقية "كامب ديفيد"، الدول العربية لا ترحمنا أبدا وهنا المشكلة.
في بيروت هناك مساحة للفلسطينيين لم يجدوها بأية دولة عربية أخرى، حتى في الجزائر لا توجد تلك المساحة، كونها متفقة مع نظام منظمة التحرير الفلسطينية.
أمامنا تحديات كبيرة ثقافية وسياسية وأمنية وعسكرية ولها ثمن، وكل خيار له ثمنه، من يذهب للمقاومة تقتله إسرائيل، أو يضعه النظام العربي على قوائم الإرهاب.
خلاصة القول أن المسار السياسي الفلسطيني المعترف به ويتعامل رسميا هو مسار التسوية مع إسرائيل، وبحده الأقصى هو مسار مبادرة السلام العربية، وحتى لو قال كل الفلسطينيين نحن ملتزمون بمبادرة السلام العربية، سيظل العدو الإسرائيلي هو المشكلة، لأنه ينفي وجود شعب فلسطيني له حقوق، والعدو الإسرائيلي يقول للنظام العربي، مهما فعلتم ستأتون للتطبيع معنا ولا توجد قضية فلسطينية، وبالتالي نحن ندفع فاتورة عالية.
نحن شعب تحت الاحتلال ومن حقه أن يقاوم، ولسنا إرهابيين. انتم تتحدثون عن دولة فلسطينية، نحن نريد جلب دولة فلسطينية بالمقاومة، ونفرضها بالمعادلة على الأرض، لا يعفي العرب أي مبرر من المبررات لعدم دعم الشعب الفلسطيني، ويجب أن ينتقلوا من الحالة السلبية إلى الحالة الإيجابية في مسألة دعم الشعب الفلسطيني.