حمدي فراج
كنت خلال أيام العدوان الخمسة مسكونا بالقلق و الحزن و الخوف من أن ما حصل مع خضر عدنان سيحصل مع حركة الجهاد، يتم الاستفراد به ثلاثة أشهر بلياليها جوعا وعطشا حتى فاضت روحه إلى باريها، و من قبله الاستفراد بأبطال نفق الحرية الذين حفروا الاسمنت المسلح بملاعقهم واصابعهم ، و عندما خرجوا إلى النور و عانقوا الحرية لم يجدوا يدا واحدة تمتد اليهم بكسرة خبز او شربة ماء
في الاستفرادات الثلاثة ؛ أبطال النفق و بطل اعتماد الجوع لكسر السجن والسجان ، و القضاء على أبطال سرايا الجهاد ، قررنا بالمجموع الوطني تركهم يواجهون مصيرهم وحدهم مع سبق الإصرار و التعمّد ، معتمدين على لساننا وحده يلهج لهم بالدعاء ولا شيء آخر غير الدعاء ، (أكثروا لهم من الدعاء) حتى شعرت أننا الأمة الوحيدة في العالم التي تعتمد هذا الإجراء ، تحريك اللسان فقط ، هذا على افتراض أننا كنا كلنا صادقين في أدعيتنا ، و تلهج ألسنتنا بعكس ما تضمر قلوبنا.
وبعيدا عن التطويل ، والانجاز الكبير الذي حققته الجهاد بمنع السماح لإسرائيل تحقيق أهدافها ، قررت المشاركة في إيقاد شعلة العودة الخامسة والسبعين ، انتصارا للجهاد و سراياها و شهدائها و مقاتليها و صمودها ، وليس لإيماني بأن إيقاد الشعلة سيقود إلى تحقيق العودة ، فهذه الشعلة يتم ايقادها منذ 75 سنة دون أن نتقدم نحو العودة أنملة واحدة ، بل إن الكثيرين ممن يتصدروا الموقف على المنصات المحلية و العربية والعالمية ، هم لا يؤمنون بهذه العودة ، و هم أشبه بجماعة "أكثروا من الدعاء" بألسنتهم فقط ، في حين تضمر قلوبهم و أفعالهم مناهضة هذا الحق و هذه العودة . ليس بخافٍ على أحد أن اتفاقية أوسلو أسقطت هذه العودة رغم أنها أبقت عليها لفظة بدون مضمون ، كما حصل مع مواضيع الحل الدائم التي أودت بها كلها إلى سلة المهملات ، كقضية القدس ، التي أصبحت بشقيها عاصمة موحدة أبدية للكيان الغاصب ، ومع ذلك ترى هذا البعض يثور من أجل حي او مسجد او كنيسة في القدس، متناسيا أن القدس أصبحت كلها ، باستثناء سكانها ، خارج البحث، و تأجيل الانتخابات الفلسطينية التي تم التوافق على اجرائها ، أبطلت بهذه الذريعة ، ذريعة أن إسرائيل ترفض منح المقدسيين حق الاقتراع و الترشح . و إبعاد المحامي المقدسي صلاح الحموري الى باريس بدعوى جنسيته الفرنسية ، كان ذلك قبل حوالي ستة أشهر ، أي في حكومة لابيد، أي قبل مجيء بن غفير وأضرابه من اليمين الفاشي ، الامر نفسه ينسحب على عدم تسليم جثمان الأسير الرمز ناصر حميد بعد ربع قرن من الاسر.
بصمود الجهاد الأسطوري ، و تطورها من حركة صغيرة إلى عملاقة تحتل قلوب الناس، شعرت و لأول مرة أن العودة أقرب من أي وقت مضى.