بقلم/ أسعد جودة
اسم مدينة غزة مشتق من صد الغزاة على مدار التاريخ.
حديثا، غزة بعد نكبة ١٩٤٨م وقفت موقفًا ثابتًا أصيلا، دفعت دماءً وعذاباتٍ ضد مشروع توطين الكم الأكبر من اللاجئين في شمال غرب سيناء، هذ البرنامج المقدم آنذاك للحكومة المصرية في العام ١٩٥٣م بداية حكم الراحل جمال عبد الناصر من قِبَل الخارجية الأمريكية بعثة جونسون ومفوض عام الأونروا نيابة عن الأمم المتحدة.
وكان فشل مشروع التوطين انتصارًا للإرادة الفلسطينية التي حافظت على نتائج النكبة "المخيمات وأجبرت وكالة الغوث الدولية الأونروا على الاستمرار"، ذلك يسجَّل لغزة بأنها قاطرة وحامية المشروع الوطني، منها انبثقت كل الحركات الثورية بكل تلاوينها.
غزة التي حكمها العدو الصهيوني بعد هزيمة النظام العربي الرسمي في العام ١٩٦٧م وتنازله عن بقية فلسطين التاريخية" الضفة الغربية وغزة" بعد قبوله قرار وقف إطلاق النار القرار الأممي ٣٣٨ وانصاع للقرار الأممي الكارثي ٢٤٢ الذى تم الالتزام خلاله بالتخلي عن الأرض مقابل سلام وتطبيع ودمجه ليصبح كيانًا طبيعيًا؟!.
هذا الكيان كان يحكم القطاع ببضع مئات مما يسمى بجيش الدفاع الإسرائيلي، وفي أقل من عام اندلعت المقاومة بفضل الله ثم بهذه الروح الثورية الجهادية المستمرة والمتواصلة، في نهاية المطاف أجبرته على الهروب تحت الضربات الموجعة بعد احتلال دام ثمانٍ وثلاثين عاما.
بعد توقيع اتفاق السلام المشؤوم (أوسلو) المصمم لقتل تلك الروح الثورية وانتزاعها خصوصًا بعد انتاج ظاهرة ثورية وانتفاضة في العام ١٩٨٧م ليس لها مثيل إلا إضراب العام ١٩٣٦م الشهير الذي لولا تنفيسه عربيًا عبر وعود مخادعة لفشل الانتداب البريطاني بالكلية.
اليوم غزة المحررة الصامدة والشامخة برغم الحصار والعذاب تعيد رسم ملامح المستقبل للقضية الفلسطينية برمتها ، اليوم غدت قاعدة للمقاومة قولاً وفعلاً تنازل أعتىٰ قوة في المنطقة، هذا ليس من قبيل المبالغة.
الكيان الصهيوني هو قلب المشروع الغربي الاستعماري وقاعدته المتقدمة وحامي مصالحه في المنطقة.
غزة اليوم بمقاومتها المظفرة وسراياها المغوارة وغرفتها المشتركة والرد المبارك بعملية "ثأر الأحرار" تلقن هذا الكيان المتغطرس دروسًا لم تكن يومًا في حساباته، في الوقت الذى كان يتخيل أنه سيندمج في المنطقة ليصبح جزءًا فاعلاً ومؤثرًا عبر عمليات التطبيع مع أنظمة أعلنت إفلاسها وانسحابها من حلبة الصراع مبكرا ، يعيش مأزقًا وجوديًا، كل هذا الكيان المزعوم السارق للأرض والتاريخ تطاله الصواريخ المباركة المصنعة والمقذوفة بأيادى أطهر رجال الأرض.
اليوم ونحن نعيش لحظات حاسمة في تاريخ الصراع الوجودي مع هذا الكيان العنصري الكولونيالى المجرم ، نعم وعبر آلته الحربية الجهنمية والمصنعة حديثًا أمريكيًا ينال من دماء قادتنا وأبنائهم ومن العزل المدنيين ، عاد مسخًا وأضحوكة وهو يرى نفسه يستجدى كل قوى الأرض لإخراجه من ورطته.
حجم القوى العالمية والإقليمية الداخلة على خط وقف المعركة لتعرف حجم المأزق الحاصل له.
إن استجداء وقف إطلاق النار في حد ذاته إنجاز كبير.
وفي التاريخ مشاهد بائسة القوى المنتصرة كانت بعد نتائج الحرب تفرض شروطًا مذلة ومخزية قد تمتد لمئات السنين ، والأمثلة كثيرة منها على سبيل المثال لا الحصر تركيا، معاهدة مدتها قرن كامل منذ العام ١٩٢٣م، شروطها قاتمة ومذلة.
اليوم قلب المشروع الاستعماري في منطقة سمّيت بالشرق الأوسط لاستيعابه بدل اسم الحوض العربي الاسلامي اليوم يستجدى "وقف إطلاق النار"
هذا هو الانتصار والظفر والتأييد والمدد الإلـٰهي، هذا صراع طويل ومعقد وجولات نحن نعيش مرحلة انكفاء هذا الكيان المسخ، ودورنا أن نظل نشاغله على مدار الساعة في كل الساحات: الضفة والقدس والداخل ال٤٨ وفي غزة العزة، ومعنا الأحرار في محور المقاومة.
"وَإِنْ عُدتُّمْ عُدْنَا"