بقلم/ د. أسعد جودة
اليوم هذا المصطلح هو الأكثر تداولا فى الخطاب الإعلامي الفلسطيني سواءا على مستوى المرئي والمسموع والمكتوب ،ةوعلى لسان القيادات والنخب لدرجة ان ذكره يثير الاشمئزاز والضجر، لأن ماترسخ على الأرض من أحداث ووقائع ومحطات تجعل شريحه كبيرة تنظر له أنه مصطلح للمتجارة والمزايده وليس أكثر.
بالعودة الى جذور القضية الفلسطينية ومآساتها وجرحها النازف ليومنا هدا لأكثر من قرن ويزيد، من هو المسؤول الأول عن هده الكارثة هي الإمبراطورية الإستعمارية البريطانية ومعها عصبة الأمم المتحدة وزعماء الحركة الصهيونية أصحاب الشعار "أرض بلا شعب لشعب بلا أرض " وأداتهم السمية القاتلة، (فرق- تسد).
للأسف اليوم مصطلح فرق -تسد، أصبح يمثل نهج وسلوك لضحايا هذا الإستعمار ليس على مستوى فلسطين فقط بل على مستوى الأمة .
الأصل في كتاباتنا وتحليلاتنا وتقيماتنا أن ننهل ونستظل ونسترشد بهدي القرآن الكريم وسنة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم، ولا نستحي او نخجل من هذا النهج القويم.
الوحدة تمثل الركيزة وحجر الأساس فى رسالة الإسلام العظيم الذي بشر به نبينا محمد صلى الله عليه وسلم
وتعني الوحدانية لله والاستسلام والإنقياد له في كل ما أمر به والبعد عن كل مانهى عنه، وبيت التوحيد هى الكعبة المشرفة الذي نتوجه لها في كل صلاة،
لذا من يغادر مفهوم الوحدة قولا وعملا من حيث يدري أو لايدري يرتكب جرما كبير و مخالفة شرعية، لذا نقيض الوحدة هو التمزق والتشرذم والتفرق والمحصلة الضعف والتآكل والتراجع.
عودة لصلب الموضوع المسألة لاتحتاج الى شرح أو تنظير أو تفصيل بقدر ماتحتاج الى الشجاعة والجرأة والصدق والأمانة وقبلها حسن التوكل على الله الواحد الأحد الفرد الصمد.
الشعب الفلسطيني بمجموعه وبكل تلاوينه وأطيافه السياسية والفكرية عليه أن يتذكر أن أول شرط للإنتصار والتمكين بنص القرآن،
"الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِى الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ"
والانطلاق تجاه نصرة دين الله .
"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْسًا لَهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ "
إذا الوحدة ليس ترفا ولاخيار بين الخيارات ولامجرد توصية من ضمن توصيات مؤتمر هنا أو لقاء هناك ، بل هي الممر الإجباري والوحيد إن كنا حقا نريد وطن حر تكون لنا فيه سيادة حقيقية.
إن الوحدة بين أهل فلسطين هي مقدمة للوحدة بين كل مكونات هده الأمة للتخلص من الهيمنة الإستعمارية واستئناف الدور المعطل فى ممارسة دورها الرسالي .
إن الفهم العميق لمآساءة فلسطين أنها نتيجة لمؤامرة كونية كبرى لزرع جسم غريب استئصالي كولنيالي شيطاني استعماري تلموذي عنصرى صهيوني في قلب الحوض العربي الاسلامي،ليشكل سد منيع وحاجز بشرى
يحول دون ترابط بين المشرق والمغرب حتى يسهل تدمير وحدة الأمة ومستقبلها ونهب ثرواتها وتعطيل دورها الرسالي ،ولذا إتفق على تسمية المنطقة بأكملها "الشرق الأوسط "حتى تغيب عن المنطقة أى صبغة ثقافية أو دينية أو عربية إسلامية لتصبح ما يسمى باسرائيل أمر مستوعب والله اعلم كم كيان على غرار الدولة اللقيطة سيولد لاحقا فى المنطقة .
اليوم وبعد قرن هاهم الصهاينة يبشرون بالدين الابراهيمى لتكتمل عملية الطمس الكامل لهوية وثقافة ومعتقد هذا الحوض الموجود على الشواطئ الشرقية والجنوبية للبحر المتوسط .
ماذا حل بفلسطين بعد قرن من الزمان على ضياع قضيتهم وماذا جنوا سوى الحصاد المر والموت البطئ والتمزق ويتسولون الفتات من على موائد اللئام ،وكلما ظهرت بارقة لإعادة الأمل نحو إستئناف المقاومة لمواصلة النضال يتم التآمر وتصاغ كل الخطط للإجهاز علي أى محاولة بألف حجة وحجة وأقلها ما أسسه التمزق ونهج التفرد الذى أفرز سلطة فلسطينية غائبة ومغيبة وحاضرة فقط فى الملاحقة للمقاومين تحت حجج وذرائع باهتة بأن ذلك يدمر المشروع الوطني ويقتل الحلم الفلسطيني حتى وإن وصلت المطاردة ونتج عنها أى فعل مشين هو التزام بالاتفاقيات الموقعة حتى عاد التعاون والتنسيق الأمنى مع العدو مقدس مقدس ومن أعلى مرتبة قى السلطة ؟!
وعلى الجانب الآخر ماذا جنت الأمة من هذا التمزق وهذا التقسيم الفسيفسائي سواء تعدد الرايات والأعلام والحدود المصطنعة التي شكلت فيما بينها منظومة أزمات مزمنة ،وحروب وإقتتال فيما بينهم وضياع للثروات وتحويل بلادهم الى قواعد للطواغيت المستعمرين المستكبرين.
بعض أفكار لعلها تشكل مدخل أولى لمعالجة الواقع الفلسطيني بهدف بناء الوحدة الوطنية .
أولا:
عدم التسليم والإقرار بالفرضية التى أقرها العالم بأن اسرائيل جزء أصيل من هذه المنطقة
وترسيخ قناعة أن هذا قدرا غير قابل للتغيير،بل اليقين بالتغيير هو المحرك والباعث لاستمرار نضالنا وجهادنا لتغيير هذا الواقع المفروض بقوة الحديد والنار والخيانات وكل الاتفاقات التى اعترفت للعدو بفلسطين هى باطلة شرعا وعرفا والى زوال ولا تعبر عن ارادة الشعب الفلسطيني ولا إرادة الأمة .
تانيا:
مايمر به العالم اليوم من أحداث جسام قد تلقي بظلالها على البشرية جمعاء عامل إيجابي ويستفاد منه ويوظف لخدمة القضية ، وما الحرب الروسية الأوكرانية بدون تهويل أو تهوين إلا مؤشر يقود لهدا الاستنتاج وهو بروز أقطاب عالمية جديدة ومحاور من خلال صدام غير مألوف وهذا بدوره سينعكس مباشرة على المنطقة والعالم والكيان الصهيوني الذي بدات تظهر عليها علامات الشيخوخه وحديثها عن البقاء والوجود ،هذا يؤكد ان سنن الله ماضية وان عصر الإمبراطوريات الظالمة الى زوال .
-الفرصة اليوم مواتية في ظل التحولات العالمية والإقليمية والتجربة المريرة التي مرت بها القضية وتنكر العدو وحلفائه لإعطاء أي حق من الحقوق بل شجعوا الأنظمة للقفز عن القضية وتصفيتها بل تشجيع التطبيع والهرولة وبناء الأحلاف .
- روح المقاومة تسري من جديد في شرايين أبناء الشعب الفلسطيني في كل أماكن تواجده وما الاعتصامات والصدامات فى المسجد الأقصى والعمليات النوعية فى عمق الكيان، وبروز الكتائب الجهادية فى مدن الضفة والاشتباكات والمشاغلات اليومية مع الجنود والمستوطنين الا بداية الغيث لحدوث متغير كبير فى المكان الذى يعتقدوا بدونه لم يكتمل الحلم الصهيوني بيهودية الدولة وعاصمتها أورشليم.
فى إطار هذه القناعات يصبح لزاما على القوى الفلسطينية أن تتداعى لعقد حوارا وطنيا شامل لا يستثنى أحد للخروج بتقويم أمين لكل المحطات التي مرت بها قضيتهم ليصلوا الى
مرحلة ماذا بعد ؟
إن السعي الجاد والأمين وراء إنجاز تحقيق الوحدة والشراكة الوطنية الأمينة قد يصل الى مرتبة المقدس ولايسمو فوقه أي عمل وأي جهد بل إن كل الجهود يجب أن تتوجه لهدا الهدف الٱستراتيجي، عدا عن كونه فريضه شرعيه وواجب وطني وأخلاقي وهو الضامن الوحيد وأقصر الطرق للتحرير والعودة مهما بلغت درجة الخصومه السياسية وحجم الخراب والتفسخ المجتمعى والعداوة والبغضاء ،وهنا تبرز قيمة سنن التدافع والتوجيه الرباني "
"ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك و بينه عداوة كأنه ولي حميم"
أفكار قد تعين وتساعد وتشكل بداية إنطلاقة لورش عمل ،الأصل فيها بذل جهد إستثنائي من كل التنظيمات والقوى والعلماء والمثقفين والحقوقين والأكاديميين للتداول بشكل موسع للوصول لتوافقات وقرارات مصيرية تساعد على الخروج من هذا النفق المظلم.
مجموعة نقاط ممكن تشكل مدخل للتداول .
- الدعوة العاجلة من المستوى الرسمي الفلسطيني صاحب التعاقدات والإتفاقيات للإطار القيادي المؤقت لمنظمة التحرير ولشخصيات إعتبارية وازنه من كل ما ذكر من شرائح إضافة لهيئات فلسطنية مستقلة للاعلان عن تطبيق قرارت المجلسين الوطني والمركزي التي تنص على سحب الاعتراف بالعدو والغاء العمل باتفاق أوسلو الذى بالأساس عطله العدو وداس علية بجنازير الدبابات واغتال الراحل ابو عمار ودمر كل المؤسسات .
-توجيه دعوة لجامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الاسلامي الى إجتماع عاجل للمصاداقة على القرار الفلسطيني الموحد ،بعد تنكر العالم والمجتمع الدولي والرباعية على مدار ثلاثة عقود لتقديم أي حل بل كل ما قدم هو وصفات للاقتتال الفلسطيني - الفلسطيني وتصفية القضية والغاء الأونروا وتضيق الخناق والحصار القاتل والموت البطئ، ومازيارة بايدين الى تتويج لهذا التقويم .
- المجموع الوطني الفلسطيني مطالب باعتماد الواقع بلا أى تزييف أن المرحله لازالت مرحلة تحرر وطني ،لذا يصبح من الضرورة والواجب الوطني استعادة الميثاق القومي الفلسطيني
لعام ١٩٦٤ واجراء تعديل عليه بإضافة البعد الإسلامي وأهميته ليكون جزء من الميثاق ،والعمل الجاد لبناء مجتمع مقاوم بكل ما تعنى الكلمة ويكون القادة نموذج فيه .
- تفعيل منظمة التحرير الفلسطينية وإعادة كل دوائرها والتفكير بانتخابات مجلس وطني جديد بدماء شابة على كفاءة والحفاظ على الطاقات الكبيرة صاحبة التجرية لتكون صمام الأمان كمجلس للخبراء والحكماء وله صلاحيات .
المدخل لتحقيق ذلك.
-إعلان قطاع غزة منطقة محررة ولاية إدارية عليها وولاية قانونية على كل ما تبقى من فلسطين، وتكون مقر لمنظمة التحرير الفلسطينية المؤقت لحين إنتقالها للقدس بعد التحرير والعودة ان شاء الله، وتشكل حكومة إنقاذ وطني من الجميع ويسحب مصطلح السلطة من التداول تكون مسوؤلة عن التواصل الدولى والعربى وتعمل على تأمين حياة كريمة للشعب فى كل اماكن تواجده، ويشكل مجلس قيادة عسكرى يشرف على كل الدعم والإسناد للمقاومة فى كل ربوع فلسطين .
-اعتبار بقية فلسطين من البحر الى النهر مغتصبة من قبل الكيان الصهيوني ولاتنازل عن شبر ولاذرة تراب .
الحق الكامل في المقاومة الشاملة بكل أشكالها في كل ربوع فلسطين حق ثابت وأصيل .
فى حال تطوير المقترحات وإعتمادها وإقراراها ستشهد فلسطين والمنطقة تحولا درامتيكيا سيجعل من كل محاولات التطبيع والهرولة وبناء الأحلاف خياتة لله وللرسول وللأمة في نظر الشعوب العربية والإسلامية .
- تعود القضية الفلسطنية هي القضية المركزية للأمة العربية والإسلامية والمدخل الوحيد لإعادة إستئناف الدورة الحضارية للأمة وتكون القدس العاصمة الرمزية لكل الأمة الاسلامية .
"إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا وَنَرَاهُ قَرِيبًا"