بشهادة الطيار السابق في سلاح الجو الإسرائيلي يوناتان شابيرا خلال لقاء صحافي إن الجيش الإسرائيلي هو “منظمة إرهابية وقادته مجرمو حرب”. وأكد شابيرا: “الجيش الإسرائيلي هو منظمة إرهابية وقادته مجرمو حرب.. والحكومة الإسرائيلية هي حكومة يهودية عنصرية وتجر المنطقة كلها إلى كارثة”، وتابع “أنا أؤمن بهذا وهناك الكثير ممن يؤمنون بذلك، لكن الجميع لا يرغبون في قوله، هذه حقيقة يجب أن أقولها -وكالات- 16/05/2021 – ”كما هاجمت زعيمة حزب ميرتس اليساري السابقة زهافا غلئون جيش الاحتلال الإسرائيلي واصفة إياه بأنه ”عصابة-عن هآرتس” 24/8/2021، بينما كانت شولميت ألوني وزيرة التعليم سابقا قد وصفت المستوطنين بالشعب الشرير قائلة: "نعم نحن شريرون، ما نفعله في الضفة هو قمة الشر وهو يفوق ما صنعه الآخرون باليهود- يديعوت أحرونوت- 30/11/2009".
وعلى ذلك، ونحن اليوم أمام هذا الهجوم البربري الصهيوني المرعب الذي شنه مئات المستوطنين على بلدة حوارة الفلسطينية والذي ارتقى إلى مستوى"بوغروم" كما وصفه الكثيرون، وأمام مطالبات من وزراء وقادة المستوطنين بمحو حوارة عن وجه الأرض، دعونا نوثق ونضع هذه الوثيقة بين يدي المنظات والهيئات الأممية، فبشهادة الطيار الإسرائيلي شابيرا وهناك عشرات الشهادات المشابهة، فإن “إسرائيل” دولة مجرمة”، والجيش الإسرائيلي منظمة إرهابية، وهذه هي الحقيقة الكبرى في المشهد الفلسطيني والإقليمي منذ ما قبل النكبة، ف”إسرائيل” هي الدولة المجرمة التي يعج فيها لصوص التاريخ والأوطان والحقوق، وهي دولة السطو المسلح والإرهاب والإجرام في وضح النهار، وهي الدولة التي تحوي وتحمي أكبر عدد من جنرالات وقادة الإرهاب والإجرام في العالم، وكل ذلك بالمعطيات والاعترافات والشهادات الموثقة حتى على ألسنتهم، فمن أفواههم ندينهم والأهم أن يعتبر العرب المهرولون من مثل هذه الاعترافات والشهادات إن بقيت لديهم “بقية مية وجه عروبية”، ويجب أن يدينهم العالم والأمم المتحدة أيضا، بل إن اعترافاتهم تستدعي جلبهم إلى محكمة الجنايات الدولية…! فهل هناك يا ترى من يقرع الجرس ويحمل كما هائلا من الوثائق والاعترافات والشهادات الى المنابر والمحاكم الأممية…؟!
لا يستهين أحد بهذا الكلام، فنحن أمام أكبر وأخطر دولة خارجة على كل القوانين والتشريعات الأممية… فلدينا اليوم إضافات نوعية توثق تلك الحقيقة الكبيرة، ولدينا اعترافات موثقة عن أبشع المجازر والإبادات وعن أكبر عملية سطو مسلح في التاريخ، فالعصابات الصهيونية مارست التطهير العرقي والمجازر والتهجير الجماعي والسطو المسلح على كل الممتلكات الخاصة بالشعب الفلسطيني برمته، من الوطن والأرض والمدن والبلدات والقرى والمزارع والمقتنيات العائلية والشخصية على اختلافها.
وفي ضوء هذه الحقيقة الكبيرة، من المفيد تسليط الضوء على إرهابية ”اسرائيل” على مدى أكثر من أربعة وسبعين عاما وصولا إلى الراهن الماثل اليوم أمامنا: فالكيان الصهيوني يشن حربا مفتوحة لا هوادة فيها على فلسطين والشعب العربي الفلسطيني، ينفذ فيها على مدار الساعة سياسات التطهير العرقي، كما يقترف فيها منذ بدايات الصراع وحتى اليوم، إبادة استراتيجية شاملة، يتفرع عنها/منها ثلاث إبادات كبيرة تستهدف إختطاف فلسطين من بحرها إلى نهرها، فالنكبة الفلسطينية وما يجري هناك على امتداد الوطن المحتل، تقدم لنا نموذجا لثلاثة أنماط من الإبادة، فالبداية كانت احتلالا واستيطانا تحول إلى استحلال، أي شرعنة السطو ونيل الاعتراف الدولي به، وتحويل المسلوب إلى استحقاق، ثم كانت المرحلة الثانية وهي إذابة الهوية القومية من خلال الثقافة والفولكلور، لأن استيطان الأرض يتطلب استيطانا موازيا للذاكرة، وهذا ما يفسر سطو الصهاينة على مظاهر فولكلورية في فلسطين، والزعم بأن أشكال التعبير والطقوس الشعبية في مختلف المناسبات هي ذات جذور يهودية، فالطارىء غالبا ما يكون مسكونا بالريبة لهذا يسعى إلى نيل الاعتراف بما اقترف، لأن مثل هذا الاعتراف في حال تحقق هو الضمانة الوحيدة للفرار من المساءلة، في بعديها السياسي والأخلاقي.
إلى كل ذلك، يشن الاحتلال حربا من نوع خاص وخطير لشطب مظاهر الحضور العربي الفلسطيني التاريخي عبر عبرنة التضاريس الفلسطينية، وما أسماء المدن والمعالم سوى مقدمة لإقصاء اللغة العربية عن الأماكن الممهورة بها، ويسعى الاحتلال هنا إلى أن تتحول الثقافة العربية إلى ثقافة أقلية تنتهي إلى فولكلور وطقوس موسمية، ولذلك فإن ”العَبرنة والتهويد هما مستويان من الإبادة، يستكملان ما بدأت به الأَسرَلة، فالاستيطان بدأ بالارض ثم تمدد إلى اللغة واخيرا الى الثقافة كلها “.
وكل ذلك من خلال:
أولا: تهديم المشهد العربي الفلسطيني برمته لصالح مشهد صهيوني بالكامل مدعما بنصوص توراتية.
ثانيا: العمل على خلخلة الرواية التاريخية العربية الفلسطينية حول عروبة فلسطين، وإبادتها لصالح رواية صهيونية مزيفة تدعي “أن فلسطين يهودية وأنها أرض الآباء والأجداد “، بل ويرتقي فكر الإبادة إلى مستوى عقيدي، حيث يوثق” اميتاي بن أبا” على سبيل المثال قائلا: ”بصفتي يهودياً إسرائيلياً من نسل ناجين من الهولوكوست، أعتقد أن المقارنة بين الظروف في فلسطين وتلك التي سبقت المحرقة ليست مبررة فحسب، وإنما ضرورية أيضاً. فقد أصبحت إسرائيل مستعدة إيديولوجياً لتنفيذ عملية إبادة جماعية ضد الفلسطينيين في الوقت الحالي. وإذا لم نتحرك ونفعل شيئاً، فإن هذه العملية سوف تسير إلى مرحلتها الحاسمة الجديدة –لتصل إلى 6 ملايين فلسطيني وأكثر، مضيفا: ”الجانب الدموي بين السياسيين الإسرائيليين -عضو الكنيست سموتريتش، وزير التعليم بينيت، عمدة القدس بركات وأمثالهم- أصبحوا يدعون في الوقت الحاضر إلى الانتقال إلى ما يسمى “المرحلة الحاسمة” في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، إلى تخطي الوضع الراهن إلى “سلام دائم” (بالمناسبة، هذا هو عنوان الكتاب الوحيد لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو): “حل نهائي للقضية الفلسطينية”. هذه الرؤية، على طريقة سموتريتش، مأخوذة من سفر يشوع، حيث يقوم الإسرائيليون الغزاة بتنفيذ عملية إبادة ضد الكنعانيين الأصليين، حتى لا تُترك روح واحدة تتنفس، باقتباس توصيف الحاخام موسى بن ميمون. وبحسب المدراش، كانت هناك ثلاث مراحل لهذه العملية. أولاً، أرسل يشوع إلى الكنعانيين رسالة نصحهم فيها بالفرار. ثم، يمكن للذين بقوا أن يقبلوا بمكانة المواطنة الدنيا وباستعبادهم. وأخيراً، إذا قاوموا، سوف تتم إبادتهم. وقدم سموتريتش هذه الخطة علناً باعتبارها التحول المطلوب إلى المرحلة الحاسمة من الصراع. إذا لم يهرب الفلسطينيون ورفضوا القبول بمواطنة أدنى، كما يفعل أي شخص ذي كرامة، “سوف يعرف جيش الدفاع الإسرائيلي ما الذي يجب عمله” كما يقول- أميتاي بن أبا – (كاونتربنتش) 21/5/2018."!
واليوم ونحن في القرن الحادي والعشرين تطور الفكر الإرهابي الإبادي الصهيوني ليستخدم أدوات القرن الحادي والعشرين في التنفيذ، وليصبح فكرا مجتمعيا شاملا، فكتب الكاتب الإسرائيلي المعروف كوبي نيف في هآرتس 3/6/2020 يقول: ”إن استمرار قمع (أو إبادة أو شطب) الشعب الفلسطيني، بطرق أكثر وحشية أو أقل، هو في الحقيقة البرنامج الموحد لكل الأحزاب الصهيونية، وهذا تحت كل أنواع الشعارات – «فصل»، «انفصال»، «القدس الموحدة»، «دولتان»، «كتل الاستيطان»، «استمرار اللكمات». كل هذا الهراء له معنى واحد، استمرار قمع الشعب الفلسطيني «على الأقل في المئة عام القادمة”، ويضيف: “من يمسك طوال الوقت بشاكوش في يده فإنه ينظر لكل مشكلة كمسمار»، ولهذا يعرف الجنرالات فقط أن يضربوا وأن يقتحموا ويغزوا ويقتلوا ويدمروا، وعندما سيكون غانتس ويعلون فاو غيره وغيره في الحكم فإن هذا ما سيفعلونه، لأن هذا ما يعرفون عمله. فقط هذا ما يعرفون فعله”.
وعلى خلفية كل ذلك وهناك الكثير الكثير من الوثائق والأدبيات التي تتحدث عن الفكر الإبادي الإرهابي الصهيوني، يواصل الاحتلال نهج الإبادة الشاملة ضد الشعب والقضية الفلسطينية على مدار الساعة معتبرا بالإجماع السياسي والأمني الإسرائيلي “أن الصراع مع الوجود الفلسطيني هو الجذر والأساس”، منفذا هذه الإبادة الشاملة عبر ثلاثة أشكال من الإبادة هي:
الإبادة الأولى: -البشرية -الدموية- التهجيرية التي بدأتها التنظيمات الإرهابية الصهيونية بالمجازر الإبادية الجماعية والتهجير الجماعي قبل وخلال النكبة ويواصلها جيش الاحتلال وأجهزته الاستخبارية حتى اليوم، وتشتمل هذه الإبادة على مسلسل طويل من الجرائم والمجازر الجماعية وعمليات التهجير الجماعي المبيتة المنهجية المتصلة على مدى عمر النكبة، وذلك في إطار سياسات التطهير العرقي التي يواصل العدو تنفيذها، في سياق مخطط كبير يعتمد استراتيجية ”إما نحن أو هم في هذه البلاد”.
الإبادة الثانية: السياسية –القانونية -الحقوقية- حيث يشن الكيان حربا نفسية -معنوية وحملة دولية إعلامية-سياسية- ثقافية عبر كل المنابر الأممية والإعلامية والثقافية وعبر اللوبيات اليهودية الصهيونية المتنفذة في الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي تستهدف شطب المطالب السياسية والقانونية-الحقوقية المشروعة للشعب الفلسطيني، وما صفقة القرن إلا محاولة صهيوأمريكية في هذا السياق، وتشتمل هذه الإبادة على سلسلة طويلة من المشاريع والخرائط الصهيونية والأمريكية والأوروبية وغيرها، التي تستهدف الاجهاز تماما على القضية والمطالب والحقوق العربية الفلسطينية، وتمتد هذه المشاريع والخرائط على امتداد المساحة الزمنية ما بين هرتزل ومؤتمر كامبل بنرمان وصولا الى صفقة القرن التي اعلنها الرئيس الامريكي ترامب .
الإبادة الثالثة: وهذه أخطر الإبادات، ومضمونها أن الكيان –وانضم إليه في الآونة الأخيرة بعض المثقفين والإعلاميين والسياسيين العرب من دول الخليج وغيرها- يشن حرب إبادية شاملة ضد الحقيقة والسردية التاريخية الفلسطينية المتمثلة بأن فلسطين عربية الجذور والتاريخ والحضارة والتراث والمعالم على اختلافها، لتحل محلها الرواية الصهيونية التي تزعم “أن فلسطين يهودية وهي أرض الآباء والأجداد”.
نأمل أن تصل هذه الوثيقة الهامة إلى أوسع نطاق ممكن من المؤسسات والمنظات والهيئات الدولية/الأممية لتضاف إلى جملة الوثائق التي بين ايديهم لتشكل كلها معا لائحة اتهام ضد ”إسرائيل” تسمح بجلبها إلى الجنايات الدولية حينما يأتي يوم الحساب... نتفاءل بأن يأتي هذا اليوم-يوم الحساب- قريبا إذا جدَ جد العرب والعالم...!