ليلى صوان
"أنا عائد لأنشد مع أبناء شعبي في كل مكان نشيد بلادي، نشيد الفدائي… نشيد العودة والتحرير"
ساعات قليلة ودقائق معدودة تفصلنا عن حرية عميد الاسرى "كريم يونس". شتاء هذا العام مختلف عن عام 1983 لكريم (وإبن عمه ماهر) ولآل يونس.. 40 عاماً من لوعة الانتظار والخوف والاشتياق ستنتقل في السادس والثامن عشر من كانون الثاني الجاري الى رفوف الذاكرة، ويتبدل المشهد ليس في عارة التي تنتظره منذ 40 عاما، وإنما في كل الأرض الفلسطينية، من الناقورة الى أم الرشراش ومن البحر الى النهر.
كريم يونس، أسير فلسطيني، سيصبح بعد ساعات الأسير المحرر.. ولد كريم عام 1958 في قرية عارة بالداخل الفلسطيني المحتل. فمنذ ان بزغت عيناه الضوء، كان المحتل الصهيوني يجثم على صدر الوطن، يعربد في انحاء البلاد، فكانت صرخاته الاولى، صرخات مقاوم جديد قادم، فكل طفل فلسطيني هو مشروع مقاوم، حتى زوال هذه الغدة السرطانية. .
في العام 1983 وبالتحديد اليوم السادس من كانون الثاني تم اعتقاله من بين الطلاب فى جامعة بئر السبع. ليلتها جاء الجنود الصهاينة الى بيته وسألوا عنه، ولما لم يجدوه، غادروا المكان، متجهين إلى جامعته واعتقلوه أمام زملائه".
والتهم الموجهة اليه: "مقاوم" ومنتمٍي الى "حركة فدائية" وحيازة أسلحة، وقتل جندي صهيوني محتل، لتصدر المحكمة العسكرية في مدينة اللد حكماً "بالاعدام شنقاً" لكريم وأبناء عمومه ماهر وسامي.. وبعد شهر عادت وعدلت القرار للسجن 40 عاما، وهو ما يعادل مؤبدين.
وتبدأ الرحلة الطويلة الصعبة الممزوجة بروح المقاومة والتحرير، كريم داخل سجون العدو يتنقل بين سجن الجلمة، الرملة، عسقلان، نفحة، بئر السبع، الشارون، مجدو، هداريم.. ووالديه يتنقلان معه، يخرجان من البيت في ساعات الفجر الأولى، ويعودوا منتصف الليل بسبب صعوبة التنقل بالحافلات لزيارته، ويشاركان في الوقفات والاحتجاجات لنضال من أجل الأسرى.
وفي ذكرى الثلاثين لاعتقال عميد اسرانا، توفي والده، وفقدت والدته رفيق دربها، لتكمل المسيرة وحدها في الطرق الشائكة لزيارته.. وتكبر أم كريم بالعمر عاما بعد آخر، وهي تناضل لحرية فلذة كبدها، وحرية اسرنا، حتى وافتها المنية بعد انتظار لما يقارب الـ 40 عامًا، وقبيل حوالي سبع شهور فقط من الإفراج المفترض عنه.
كريم يونس عايش الامل مرات العديدة فقد تم إدراج اسمه فى صفقات عدة قبل ذلك، منها عام 85 وعام 90 وعام 2000 وعام 2014 واستثنائه العدو .
وكتب عميد اسرانا رسالته الاخيرة في السجن متسأئلا على غير عادته كيف سيتعايش مع عالمه الجديد، قائلا "سأترك زنزانتي، والرهبة تجتاحني باقتراب عالم لا يشبه عالمي، وها أنا أقترب من لحظةٍ لا بد لي فيها إلا وأن أمر على قديم جروحي، وقديم ذكرياتي، لحظة أستطيع فيها أن أبتسم في وجه صورتي القديمة".
كريم.. الشعب الفلسطيني وأحرار العالم بانتظارك.
المصدر/ وكالة القدس للأنباء