رسالة الأسير القائد محمود العارضة في ذكرى عملية "نفق الحرية"
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
إلى شعبنا العظيم، تحية من عند الله مباركةً طيبةً مثل طيبة أرض فلسطين ومباركة ببركة المسجد الأقصى.
إلى شعبنا في الشتات أصحاب الأخدود الذين عبروا الحدود قسراً وتركوا خلفهم آمالهم وأحلامهم. إن وحوش الغرب دمرت الأرض، الموارس والحواشي والحواكير والدور تنادي عجول الأرض، فابقوا عازمين على العودة.
إلى القدس وغزة وجنين، إلى المرابطين في المثلث والجليل والنقب تحية، إلى الضفة وقلاع المقاومة تحية، إليكم ومن أجل اَمالكم بالخلاص، حباً وكرامة نجود بالأرواح والأنفاس حباً، وصعب الشوك والمرار والحنظل حباً. خذوا من دمنا واجعلوا جماجمنا كسروج تتوقد وأضيئوا درباً للحرية ودرباً للعودة ودرباً إلى القدس يبدد الظلام.
لقد ساءهم أن يجترح هذا الشعب هذه الملحمة الإنسانية، وظنوا أن الجدران والأملاك نالت من عزيمتنا، وأن خيط الدم الممتد من القسام السوري، إلى ضياء حمارشة الفلسطيني قد انقطع، ولكن الله خيب اَمالهم وأذل كبرياءهم بجنده وحطم عقيدتهم. عقيدة الورد في بيسان وعين جالوت. قتال هولاكو العصر صفعة في وجهه كشفت زيفه وبدا جلياً أنه وهمٌ من غبار، وإنه بقعة من سراب حتى لو جاءه طفل لم يجده شيئاً.
إن هذه الشجرة الخبيثة التي تسمى إسرائيل ليس لها قرار واجتثاثها سهل المنال، وهي أوهن من بيت العنكبوت، وبقاؤها مرهون بحبل مشدود من الناس، ومنا نحن أصحاب الأرض خاصة، وهي نبتٌ خبيث لا ينمو إلا في بيئة موجودة بالانقسامات، فالانقسام الأول عام 1937م هو ما أقامها واستمرت قائمة بالخلافات والانقسامات العربية والفلسطينية، وقد توغلت في العقود الثلاثة الأخيرة بفعل الانقسام الفلسطيني والعربي، وإن استمر الحال الفلسطيني والعربي على هذا النحو فسنشهد نكبة جديدة عنوانها المسجد الأقصى وهذا ليس ببعيد.
رسالتنا إلى الأخوة في فتح وحماس، أن تتحملوا مسؤولياتكم التاريخية وتتقدموا نحو خطوات جدية لإنهاء الانقسام بدءاً بوقف التراشق الإعلامي الذي لا يزيدنا إلا تشرداً وتمزقاً.
إننا بحاجة لثورة وانقلاب في المفاهيم والتصورات، فالله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم. إن مشكلتنا مع هذا العدو في هذه الأزمة التاريخية هي في الأساس إشكالية في الداخل في الوضع الفلسطيني غير المهيأ لحل أزمته التاريخية، والانهيار المعنوي والاسلامي نحو التطبيع في الأساس هو اشكالية فلسطينية، ولا يعطي ذلك أي مبرر لأي كان نحو الانهيار.
نحن والعرب والمسلمون مختلفون على هذا الكيان أهو عدو أم صديق، ومختلفون على اَلية التعامل معه، إن الخطوة الأولى تبدأ بالاعتراف، على المريض أن يعترف بدائه ولا ينبغي له إلا الأخذ بالدواء الأنسب بدائه.
رسالتنا إلى أهلنا في الداخل المحتل عام 48، أن هذا العدو يعتبركم كتلة سرطانية في جسده لذلك لا يدخر وسيلة من أجل اقتلاعكم واجتثاثكم من الأرض، وهناك مؤامرة كبرى تحاك من سنوات طويلة وهي تقترب من أن يأتي أكلها. يريدون أن يكون في كل بيت فلسطيني شجار وقتل كي تقع حرب أهلية نهايتها الإبادة والترحيل.
أوقفوا هذا النزيف وهذا الدمار قبل الفتنة الكبرى، وأعيدوا الدين إلى مدارسكم ورياضكم ومؤسساتكم، وعلموا النشء القيم الدينية والوطنية التي يشن عليها العدو حرباً بلا هوادة.
إن عملية التصحر للقيم الدينية والأخلاقية من مناهجنا التعليمية في فلسطين عامة، تسلخ الفلسطيني عن قيمة الانسانية، ومن حقنا أن نتساءل لمصلحة من يحدث ذلك. هذه هي الأسباب الحقيقية لظاهرة التوحش في قرانا ومدننا بفلسطين التاريخية.
شعبنا الفلسطيني، إن الحركة الأسيرة ليست بخير وتلعب دورها التاريخي والانساني الذي تلعبه كل حركة أسيرة لدى الشعوب التي تتعرض للاحتلال.
إن الانقسام زاد الحركة الأسيرة تشرذماً وهناك مأساة في السجون، وانقسام وهذا في الأعم الأغلب كي لا نكون سوداويين. وإدارة السجون تتوحش كما تتوحش حكوماتهم.
والأسرى يعجزون عن وقف الهجمة بسبب الانقسام والسجان يقوم بقهر الأسرى، لأن الدارة مستمدة من عقيدة قتالية صحيحة ولكن الأسرى يعتبون عتبآ كبيرآ، وهذا العتب مرده العجز الفلسطيني عامة عن تحريرهم. فقد حطم مئات الأسرى أرقام فلكية في السجون وهذه مأساة كبرى تستدعي الوقوف وقفة تاريخية ومحاسبة للذات الفلسطينية.
رسالتنا إلى أمتنا العربية، أن عدونا إسرائيل هي من تقتل الشعب الفلسطيني، وهي من تحتل الجولان وجيشها من يدنس الأقصى، ويمارس القتل والدمار، وليست ايران المسلمة التي تحاصر من أربعة عقود نتيجة دعمها لفلسطين والقدس.
إن التطبيع مع اسرائيل واستعداء إيران هو خيانة الدين والتاريخ وطعنه في صدر الأمة. أوقفوا هذا العار قبل أن يلعننا التاريخ.
شعبنا الأبي أمتنا العظيمة من كنتم معنا سنداً منذ خروجنا وحتى اللحظة شاركتمونا في الفرحة والسعادة والحزن والألم فكان حق علينا وواجب منا أن نشارككم تلك المرحلة بداية من التخطيط والعمل والتنفيذ مروراً بانتزاع حريتنا وصولاً إلى العزل.