أكد رئيس الدائرة السياسية لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، د. محمد الهندي، اليوم الخميس، أن اعتقال الشيخ القيادي بسام السعدي يعكس ارباك الاحتلال من المقاومة، مشيرًا إلى أن اعتقاله حوله من قيادي في الجهاد الإسلامي إلى رمز وطني كبير.
وقال د. الهندي في حديثٍ خاص لـ"قناة "فلسطين اليوم": "ما يحدث في الضفة الغربية من كتائب لسرايا القدس، في جنين ونابلس وغيرها، لم يكن يتوقعه العدو، بعد ممارساته الإجرامية، وتسليطه السيف الأمني طوال سنوات طويلة".
وأشار إلى أن العدو انصدم من خروج أبناء الشعب الفلسطيني بهذا الزخم والقوة والإرادة، مضيفًا "منذ عام 2000 ارتكب الاحتلال جرائم لمنع الوصول لهذه المرحلة".
وبيَّن د. الهندي أن الاحتلال كل يوم يعتقل عشرات الفلسطينيين من أبناء الضفة المحتلة، ويجتاح أي مكان يريد اجتياحه هناك دون أي تدخل من قوات الأمن الفلسطيني، إن لم يكن هناك تسهيلات منها، التنسيق الأمني فعال على مدار الوقت.
وأكمل "العدو فوجئ بهؤلاء المجاهدين، حاملي أرواحهم على أكفهم، ومستعدين للتضحية"، لافتًا إلى أن العمليات الأخيرة في قلب الكيان أظهرت هشاشته، وأنه يمكن اختراقه ويمكن لشاب واحد لا يملك أي سلاح إذا امتلك الإرادة أن يهز هذا الكيان كما فعل رائد وضياء.
وأشار د. الهندي إلى أن العدو كان مرتبكًا، وأنه توهم باستمرار أن باستطاعته جز العشب من الضفة، ليتفاجأ أنه لا يستطيع جز مخيم واحد، لا جذ العشب كما كان يقول.
وأوضح "مخيم جنين على سبيل المثال، العدو يحاول وبالتنسيق مع قوات أمن فلسطينية أن يجتاح المخيم ويفعل ما يريد، ولكن اتضح أنه لا يستطيع فعل شيئًا"، مشيرًا إلى أن هذا العجز دفعه لاعتقال المجاهد الكبير بسام السعدي.
وأكد د. الهندي أنه شكل وطريقة اعتقال الشيخ السعدي عكست مدى الإرباك الذي يعيشه العدو، مبينًا أن السحل والاعتقال للشيخ السعدي أظهرت مدى العنجهية والحقد الذي يكنه العدو للمقاومة.
وأضاف "أعتقد أن الاحتلال الذي يدعي أنه قوي، ويعمل جيشه وفق خطط معينة، حاول تحسين صورة ردعه من خلال اعتقال القيادي السعدي".
واستدرك "العدو بعد هذه الصور أصبح مردوعًا في جنين ومخيمها، ومن قطاع غزة، والكتائب المختلفة لسرايا القدس في مدن الضفة (..) نحن نرى ما يحدث على السياج مع قطاع غزة، وكل هذه الإجراءات التي يتخذها العدو تحت تهديد سرايا القدس".
وبشأن ادعاءات الاحتلال انه كسر هيبة الجهاد الإسلامي في جنين من خلال اعتقال الشيخ السعدي قال د. الهندي: "العدو لا يعلم الدروس، هو يحمل حقدًا تجاه المقاومة الفلسطينية، يمنعه من رؤية الصورة كاملة، هو لم يوجه ضربة للجهاد الإسلامي، وإنما قوة له".
وعاد بالتاريخ إلى ادعاءات الاحتلال أنه باغتيال أو اعتقال قادة المقاومة انهت، مبينًا أنها على العكس تمامًا أصبحت أكثر قوة وصلاة وإصرار على مواصلة طريق الجهاد والمقاومة.
وأضاف الهندي "عشرات من قادة الجهاد الإسلامي، وفصائل المقاومة الفلسطينية في السجون أو استشهدوا، والعدو توهم للحظة من اللحظات أنه وجه ضربات قوية، فإذا بتلك اللحظة تنقلب لتصبح المقاومة تحقق ردعًا بعدما كانت لا تملك أي شيء".
وأكد أن العدو اعتقد باعتقاله للسعدي وجه ضربة للجهاد الإسلامي، مشددًا على أن الضربة كانت مرتدة له من خلال الجماهير التي خرجت بعشرات الآلاف لمنزل الشيخ السعدي.
ولفت إلى أن هذه الجماهير لم تكن من أبناء الجهاد الإسلامي لوحده، وإنما هم جمهور جنين والشعب الفلسطيني.
وقال الهندي: "بهمجية الاعتقال تحول الشيخ بسام السعدي من قائد في الجهاد الإسلامي إلى رمز وطني كبير"، ذاكرًا أن تضحياته التي قدمها عبر عشرات السنين من الأسر والاعتقال والمطاردة وأبنائه الشهداء، لم يكن يعلمها سوى القليل وأبناء الجهاد الإسلامي.
وأردف حديثه "اليوم كل الشعب الفلسطيني، وأنصار المقاومة في الأمة، أصبحوا يعلمون من هو الشيخ بسام السعدي، وزاد رصيده ورصيد جنين والجهاد الإسلامي، ولم يشكل العدو ردعًا للشعب الفلسطيني ولا للجهاد الإسلامي".
اتصالات التهدئة
وبشأن الاتصالات الجارية مع الحركة لتهدئة الأوضاع في قطاع غزة، قال عضو المكتب السياسي للجهاد الإسلامي: "الاتصالات من أجل التهدئة مستمرة، ولم تتوقف مع مصر، وهناك حديث إيجابي".
وأشار إلى أن الجهاد الإسلامي تعامل بإيجابية مع الجهود المصرية، مضيفًا "ننتظر نتائج هذه الوساطات".
وأضاف "هناك مفاوضات ووساطة مصرية ولكن من السابق لأوانه الحديث أن هناك نتائج محددة، إجراءات وزير حرب العدو وتصريحاته هي للضغط والاستمرار في موضوع الوساطة".
وشدد على أنه من واجب الجهاد الإسلامي أن يعلن الاستنفار أمام العملية العنصرية التي ظهرت مع اعتقال شيخ كبير بالسن وبهذه القامة الوطنية والاعتداء عليه.
كيان منهار
وذكر د. الهندي أن التعزيزات في غلاف غزة، ليست مؤشرات على فشل المفاوضات وإنما هي محاولة للرعب.
وأشار إلى أن معنويات العدو في غلاف غزة تحديدًا منهارة، مضيفًا "عشرات الآلاف من المستوطنين يهربون ويخرجون من طرق التفافية لوجود منع تجول".
وذكر أن هذا الخوف والتعزيزات يعكس الصورة الحقيقية للكيان الذي يرعب المنطقة، وكيف هو مردوع أما استنفار فصيل فلسطيني.
وتسائل د. الهندي: "كيف لو توحد الشعب الفلسطيني على خيار المقاومة، وكيف لو توحدنا مع كل الفصائل والشعب الفلسطيني في جبهة واحدة؟".
وبحسب ما يرى القيادي في الجهاد الإسلامي فإن العدو بإجراءاته في غلاف غزة يعطي رسالة أنه مردوع، والفصائل الفلسطينية هي التي تأخذ المبادرة وتستطيع تحديد الخيارات.
رسالة لأهل الضفة
ووجه د. الهندي رسالة لأهالي الضفة، داعيًا إياهم لتوطين أنفسهم على مواجهة مستمرة وطويلة.
وقال: "لا يوجد لنا حياة إلا بالمقاومة، بدون شك ليس فقط لأهلنا في الضفة أو غزة أو الـ48 ولكن لأي شعب تحت الاحتلال لا يوجد حياة سوى بالمقاومة".
وتساءل د. الهندي: "ماذا سنخسر الآن؟، ليس هناك شيء نخسره سوى الذل والاجتياح الصهيوني لمنازلنا دون إذن، سوى وقف الاستهداف في القدس"، مضيفًا "ليس هناك أسوأ اليوم حتى نفكر مرتين".
وقال: "أهلنا في الضفة يجب أن يكون لديهم نفس طويل والتفاف حول المقاومة بكل أشكالها".
رسائل حزب الله
وفي سياق آخر وبشأن ما يجري على الحدود البحرية اللبنانية، شدد د الهندي على أن المواقف التي أعلنها حزب الله مؤخرًا هي تصب في مصالحه، وتمارس على العدو وعلى الوسيط الأمريكي ضغطًا حقيقيًا، من أجل نيل لبنان حقوقه البحرية في شواطئه.
وقال: "بغير القوة ورسائلها لا يمكن للعدو ولا أمريكا أن يعطي أي شيء، ممكن أن تستمر المفاوضات عشرات السنين ولكن دون جدوى".
السيطرة على المنطقة
وفي موضوع آخر أشار د. الهندي إلى أن كيان الاحتلال يعتبر ذراع الغرب للسيطرة على المنطقة وسلب خيراتها.
وقال: "كيان العدو ليس كيان أو دولة لليهود، وإنما مشروع استعماري لنهب المنطقة وخيراتها كما تستهدف الأرض الفلسطينية، فهي تستهدف المنطقة، باعتداءات شملت على مدار الوقت كل الوطن العربي".
وبحسب اعتقاده فإن كل الإجراءات على الأرض من هجمة على الفلسطينيين وسرقة خيرات الأمة، ومحاولات توسيع التطبيع، وزيارة بايدن للمنطقة، مسائل مترابطة، وتستدعي وقفة ضد الكيان الذي يمثل الغرب ومآلاته.
وقال: "هناك حرب عالمية تدور الآن بين الغرب وروسيا في أوكرانيا، وآثارها ونتائجها ستحدد مستقبل القوى التي ستحكم العالم لعقود".
ولفت إلى أن هذه الحرب لها تداعيات من أهمها تأمين الطاقة التي تُأثر على الاقتصاد العالمي بما فيه الاقتصاد الأمريكي، مشيرًا إلى أن زيارة بايدن للمنطقة جاءت لتأمين الطاقة لحلفائه الأوروبيين.
ويرى د. الهندي أن زيارة بايدن للكيان كانت على هامش زيارة المنطقة، مبينًا أن إعلان القدس لم يحمل أي جديد سواء فيما يتعلق بالحفاظ على أمن الكيان وسيطرته على المنطقة، أو ما يتعلق بمنع النووي الإيراني، أو تعزيز وتوسيع التطبيع مع الدول العربية.
ولفت إلى أن هذه المواقف ليست جديدة، وإنما معلنة منذ عهد ترامب وتم تجيدها من قبل بايدن.
وقال: "الزيارة لتأمين مصادر الطاقة، وعلى هامشها عقدت بعض المسائل ربما يكون لها دواعي لانتخابات التجديد النصفي بالكونجرس، أو الانتخابات لدى العدو، هذه مسائل جانبية"
واستبعد د. الهندي في ذات الوقت نجاح أي حلف في المنطقة تكون ضمنه "إسرائيل".
وأرجع ذلك إلى أن أي حلف بحاجة إلى تحديد أهداف، واتفاق عليها وتحديد أولويات، مضيفًا "العدو وأمريكا لديهم مشروع وفكرة، عن حلف المنطقة ضد ايران، وهذه ليست أهداف مشتركة بين الاحتلال والدول العربية لأنه ليس من مصلحة الدول العربية استعداء إيران، كونها موجودة في المنطقة، وستبقى"
وتابع "ليس من مصلحة هذه الدول أن تستعدي أي قوة موجودة في المنطقة، موجود هنا العرب والأتراك والفرس، كل هذه القوى موجودة لا يمكن أن تكون طارئة على المنطقة مثل إسرائيل"، مذكرًا بتصريحات قادة الاحتلال وخبرائه عن عقدة الثمانين.
كما أرجع د. الهندي فشل محاولات دمج "إسرائيل" في المنطقة إلى الشعوب الحية حتى في الخليج، ذاكرًا الشيخة البحرينية التي رفضت التطبيع، وما أعطته استطلاعات الرأي بأن أكثر من 75% من الشعوب الخليجية ضد التطبيع، رغم كل هذه الأضواء الداعية له.
وأكمل "مصر أكثر من 40 سنة طبع من خلال اتفاقية كامب ديفيد ولكن الشعب المصري لديه موقف ثابت لا يحيد عنه".
وختم د. الهندي حديثه "دمج إسرائيل في المنطقة لا ينجح والمصالح متناقضة والشعوب حية، والمقاومة الفلسطينية المستمرة تعطي أملًا لشعبنا ولكل الشعوب أن هذا الكيان سيتفكك".