توافق يوم الأحد، الذكرى السنوية السابعة لجريمة إحراق عائلة دوابشة في قرية دوما قضاء نابلس شمالي الضفة الغربية المحتلة على أيدي مستوطنين متطرفين، في مجزرةٍ بشعةٍ هزت العالم.
ففي 31 تموز/يوليو من العام 2015، ألقى مستوطنون تسللوا إلى قرية دوما تحت جنح الظلام، زجاجات حارقة داخل منزل عائلة دوابشة وهم نيام، ما أدى لاستشهاد الرضيع علي، وإصابة والداه وشقيقه أحمد بجروح خطيرة، إلى أن أعلن عن استشهاد الوالد سعد بعد أيام من إصابته، والوالدة ريهام عقب الجريمة بأكثر من شهر.
استشهد الوالدان سعد وريهام وطفلهما الرضيع علي، نتيجة إصاباتهم بحروق بالغة، في حين نجا طفلهما أحمد الذي كان يبلغ عمره حينها أربع سنوات، وأصيب بحروق تصل لـ60%، ويحتاج سنوات للتعافي منها.
جريمة بشعة
وبقي أحمد الشاهد الوحيد على جريمة حرق عائلته، والذي ما زال يعاني من آثارها النفسية والجسدية بسبب الحروق، حيث أجريت له العديد من العمليات الجراحية، وسيتم إجراء عمليات تجميلية له مستقبلًا.
وأثارت تلك الجريمة غضبًا عالميًا وعربيًا واسعًا واستنكارًا من كبار الشخصيات والمسؤولين الدوليين، وأدت إلى اندلاع مواجهات في كافة مدن الضفة الغربية، موجة عمليات فلسطينية متسارعة بدأت بمقتل مستوطنين اثنين بعملية إطلاق نار شرقي نابلس وامتدت بعدها لانتفاضة سكاكين استمرت قرابة العام.
الجريمة التي هزت العالم لم تأخذ العدالة مجراها فيها، وأطلقت محاكم الاحتلال سراح جميع القتلة، باستثناء المتهم الرئيس المستوطن عميرام بن اوليئيل من جماعة "تدفيع الثمن".
وفي أكتوبر/ تشرين أول 2019، برّأت المحكمة المركزية للاحتلال في اللد مستوطنًا متهمًا بإحراق عائلة دوابشة، وأدانت المستوطن "القاصر" بالعضوية في تنظيم إرهابي والتآمر لإحراق منزل العائلة.
وفي 14 أيلول/ سبتمبر 2020، أصدرت محكمة الاحتلال حكمًا على المجرم عميرام بن اوليئيل بالسجن المؤبد ثلاث مرات و20 سنة إضافية، بعد إدانته بارتكاب جريمة قتل عائلة دوابشة.
وكانت المحكمة أدانت المتهم بن أوليئيل، بالتسبب بقتل ثلاثة من عائلة دوابشة، وكذلك بمخالفتي إشعال النار العمد وبمحاولتين للتسبب بالقتل العمد والتآمر لتنفيذ جريمة عنصرية.
وحينها، اعتبرت عائلة دوابشة الحكم الصادر ضد المتهم الرئيس، غير كاف، وتعهدت بمواصلة سعيها لإدانة المنظومة الإسرائيلية الداعمة للمستوطنين.
ورأت أن القضاء الإسرائيلي اضطر لإصدار هذا الحكم، الذي هو أقل حكم يمكن أن يجنبهم الضرر والإحراج أمام المجتمع الدولي، مؤكدة أن هذا الحكم لن يكون نهاية المطاف بالنسبة لعائلة دوابشة.
تصاعد الاعتداءات
وتأتي هذه الذكرى الأليمة، فيما تتصاعد جرائم واعتداءات المستوطنين ضد الفلسطينيين وممتلكاتهم في القدس والضفة الغربية المحتلتين، من خلال الاستيلاء على منازل فلسطينية، وتنفيذ عمليات دهس وإلقاء حجارة على مركبات المواطنين، وإطلاق النار المباشر عليهم، وتجريف أراضي وحرق الأشجار وغيرها.
وانعكس ذلك على نتائج تلك الاعتداءات على المواطنين وممتلكاتهم، والتي ترقى لمستوى جرائم الحرب، في ظل غياب المساءلة القانونية والدولية حيال تلك الجرائم.
ومؤخرًا، كشفت وزارة الجيش الإسرائيلي وجمعيات استيطانية، وبلدية الاحتلال، عن تشكيل ميليشيا مسلحة من المستوطنين للقيام بمهام وصفت "بالأمنية" على حد قولها، للتدخل عند وقوع أي عمليات في المستوطنات أو في القدس المحتلة.
وفي وقت سابق، أكدت منظمة "بتسيلم" الإسرائيلية الحقوقية أن عُنف المستوطنين هو جزء من سياسة حكوميّة القوّات الرسميّة لـ"إسرائيل" تسمح به وتُتيح تنفيذه وتشارك فيه، وذلك كجزء من استراتيجيّة نظام الأبارتهايد الإسرائيليّ السّاعي إلى توسيع واستكمال عمليّة الاستيلاء على الأراضي الفلسطينية.
ولفتت إلى أن نظام الأبارتهايد الإسرائيلي يقوم على العُنف المنظّم والمنهجيّ تجاه الفلسطينيّين، وهو عُنف يتعدّد الوكلاء القائمين على تنفيذه: (الحكومة والجيش والإدارة المدنيّة والمحكمة العليا والشرطة وجهاز الأمن العام "الشاباك" ومصلحة السّجون وسُلطة الطبيعة والحدائق، وغيرها).
وأضافت أن" المستوطنين يشكلون عاملًا إضافيًا في هذه الشبكة التي تديرها الدّولة، والتي تسخّر لتحقيق أهدافها عُنف المستوطنين مضافًا إلى عُنف أجهزتها الرسميّة، وأحيانًا يظهر عُنفهم كنُذر تسبق عُنف سُلطات الدّولة الرسميّ، وأحيانًا يأتي مدمجًا معه".
وقالت: إن" الجيش الإسرائيلي يعطي للمستوطنين الضوء الأخضر ليمارسوا بدورهم العُنف اليومي ضد الفلسطينيين وتنغيص حياتهم وعرقلة كل النشاطات الاقتصادية والاجتماعية في هذه المناطق التي ينتشر فيها الجيش والمستوطنون معًا".