أغلقت الشرطة الخاصة الفلسطينية بوابة مجمع المحاكم في مدينة البيرة الملاصقة لرام الله وسط الضفة الغربية قبل ساعتين ونصف من موعد انتهاء الدوام الرسمي استباقا لاعتصام نقابة المحامين رفضا لإنفاذ قرارات بقانون تتعلق بعمل المحاكم والقضاء، داخل مقر مبنى محكمة بداية رام الله.
وبرر رئيس محكمة بداية رام الله في بيان قراره بإغلاق المحكمة بسبب عدم تمكن الطاقم الإداري المساند من الوصول إلى مبنى لتعطل المواصلات العامة، وعدم وجود إمكانية لانعقاد جلسات محاكمة بعد قرار نقابة محامي فلسطين تعليق العمل وتنظيم اعتصام مركزي في مبنى المحكمة والمبيت فيه، معتبرة أن ذلك لا يستقيم مع ظروف مبنى المحكمة وطبيعة عمل المحاكم في ظل وجود ملفات ووثائق ومستندات وأمانات عينية وأخرى نقدية ومضبوطات تخص المواطنين، وبسبب الخشية من تلف هذه الوثائق أو ضياعها في حال بقاء المبنى مفتوحا.
وفي المقابل اعتصم عشرات المحامين أمام مبنى مجمع المحاكم وسط تواجد أمني من الشرطة الخاصة، الذين قاموا بتشكيل جدار بشري أمام البوابة الرئيسية للمبنى، تنفيذا للخطوات التصعيدية التي أقرها مجلس النقابة والذي كان قد بدأ الاحتجاجات في الخامس من الشهر الجاري بمسيرة نحو مقر المقاطعة (الرئاسة الفلسطينية) وتسليم رسالة احتجاج لمكتب ديوان الرئاسة للمطالبة بوقف نفاذ التعديلات القانونية كونها صادرة عن الرئيس عباس في ظل عدم وجود مجلس تشريعي، ليتسنى للمجلس التنسيقي لقطاع العدالة نقاشها والحوار حولها.
وفي حين اعتبر عضو مجلس نقابة المحامين محمد الهريني أن قرار رئيس المحكمة بمثابة خطوة استباقية لإفشال الاعتصام؛ قال نقيب المحامين سهيل عاشور إنه وبغض النظر عن سبب إغلاق المحكمة؛ فإن قرار النقابة لم يكن التواجد داخل أروقة المحكمة بعد الساعة الثالثة عصر أي وقت انتهاء الدوام، كونه يوجد ملفات ومصالح وأمور هامة داخلها، مؤكدا أن المبيت كان مقررا أن يكون أمام المحكمة، مشيرا إلى أن احتجاجات نقابة المحامين سلمية لا تصطدم بأحد، وهي مطالب مهنية فقط تنحصر بوقف نفاذ مجموعة من القرارات بقانون، ويأتي حديث النقيب رغم أن بيان النقابة كان قد أعلن الاعتصام داخل المحكمة مع المبيت فيها.
وكشف عاشور عن وصول رد من الرئيس عباس قبل اعتصام المحامين بساعة تقريبا ردا على الرسالة التي سلمت لديوان الرئاسة يوم الثلاثاء الأسبوع الماضي، وقال إن عباس قد أشر على الكتاب بعرضه على المجلس التنسيقي وإحالته للمستشار القانوني للرئاسة، وهي الإشارة ذاتها التي كان قد أشر بها بتاريخ 4 شباط فبراير الماضي إلا ان المجلس التنسيقي لم ينعقد ولم يناقش التعديلات حتى اللحظة ولم تبلغ النقابة بموعد انعقاد المجلس.
ومن المنتظر أن تقدم النقابة على خطوة احتجاجية كبيرة مع نهاية الشهر الجاري، بدعوة الهيئة العامة للانعقاد من أجل اتخاذ قرار بنقل المحامين إلى سجل المحامين غير المزاولين، ما فسره قانونيون على انتهاء مهنة المحاماة تماما.
وقال عاشور إن القرارات بقانون التي تحتج عليها النقابة قد مست المحامي وجعلت منه متهماً، وأخرجت مهنة المحاماة ونقابة المحامين مما أسست عليه، وخالفت قانون نقابة المحامين سنة 1999، وتابع: "وحيث لم يعد للمحامين اي أهمية في هذه القرارات فلا داعي لوجود محام مزاول، وانما سيتم إحالة المحامين وبشكل طوعي إلى محامين غير مزاولين، ولن يستطيع أحد فرض غرامات عليهم (في إشارة إلى الغرامات التي فرضت على المحامين الأسبوع الماضي بسبب تعليقهم الدوام)، وفي المقابل لن يكون هناك سير في الدعاوي كون هناك مجموعة منها لا يمكن السير فيه إلا من خلال وجود محامين".
واعتبر الهريني أن هذا القرار يهدف إلى تمكين المحامين في المحاكم الفلسطينية، ولتفويت أي فرصة للي ذراع النقابة باستخدام الغرامات.
أما المحامي فراس كراجة فاعتبر أن تعديلات القوانين بالأساس يجب أن يمر عبر الطرق القانونية التي رسمها القانون الأساسي، وأن اعتماد سياسة تعديل القوانين بموجب قرارات بقانون (أي تصدر عن الرئيس وليس عن مجلس تشريعي منتخب)؛ هو اعتداء حقوق المواطن وحرياته وتمثيله من خلال مجلس تشريعي يمثل وجهة نظره في كل القوانين والنصوص، وهذا منبع التخوف الأول لأن الاستثناء أصبح دارجا حسب تعبيره.
وتابع أن التعديلات التي تمت على القوانين الأساسية؛ تمس حياة المواطن كقانون الإجراءات الجزائية، وقانون أصول المحاكمات المدنية، وقانون التنفيذ، وهي التعديلات خطيرة لأنها تمس حقوقه المالية وحريته، وتمس حقه في التقاضي ومدد التقاضي وتوقيفه وإخلاء سبيله.
وقال كراجة إنه سيكون من الملتزمين بقرار النقابة بإحالة المحامين المزاولين إلى سجل المحامين غير المزاولين، معتبرا أنه قرار جريء، وهو يعني في كل العالم إنهاء مهنة المحاماة وإنهاء حق الدفاع عن المواطن، مطالبا النقابة بدعوة المواطن للمشاركة في الاحتجاجات لأن التعديلات تمسه.