أصدرت مؤسسات حقوقية تعنى بالأسرى الفلسطينيين، تقريرًا يوثق انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي بحق المواطنين؛ حيث رصدت اعتقال سلطات الاحتلال 690 مواطنًا، منهم 76 طفلاً، و19 امرأة، خلال شهر أيار الماضي.
وأوضحت مؤسسات الأسرى وحقوق الإنسان، (نادي الأسير - مؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان - ومركز معلومات وادي حلوة - القدس)، في تقريرها الذي نشر اليوم الأربعاء (8-6)، أن هذا العدد من المعتقلين هو ثاني أعلى نسبة في حالات الاعتقال منذ مطلع العام الجاري، وذلك بعد أن سجل شهر نيسان/ أبريل الماضي 1228 حالة اعتقال، وشكلت القدس النسبة الأعلى كما في كل شهر، تليها الخليل، وجنين، وبيت لحم.
وأشارت إلى أن الشهر الماضي شهد كثافة عالية في الانتهاكات والجرائم التي نفّذها الاحتلال، على غرار ما شهده شهر نيسان، بما فيها: الإعدامات الميدانية، وهدم المنازل، وسياسة العقاب الجماعي، وتنفيذ مزيد من عمليات الاعتقال المنظمة، والتي رافقتها انتهاكات جسيمة بحق المعتقلين وعائلاتهم، وواصلت سلطات الاحتلال انتهاكاتها وعمليات الانتقام بعد نقلهم إلى مراكز التحقيق والتوقيف، عدا عن تسجيل إصابات متفاوتة، منها بليغة بين صفوف المعتقلين برصاص جيش الاحتلال.
وأكدت المؤسسات، أنّ ما شهدناه في شهر أيار، يمكن مقارنته مع كثافة الأحداث التي شهدناها في شهر أيار من العام الماضي، بما في ذلك من كثافة عالية للجرائم، وليس فقط لحملات الاعتقال، فهذه ليست المحطة الأولى التي يواجه فيها الفلسطينيون هذا النوع من التصعيد، بما فيه من اعتداءات خلالها استخدم الاحتلال أدواته وسياساته كافة التي اتبعها على مدار العقود الماضية، وكانت عمليات الاعتقال الممنهجة، أبرز تلك الأدوات التي حاولت من خلالها، أن تعمل على وأد أي مواجهة راهنة يسعى فيها الفلسطينيون إلى التحرر وتقرير المصير.
وأشارت إلى أن عدد المعتقلين الفلسطينيين في سجون الاحتلال بلغ نحو 4700 أسير، وذلك حتّى نهاية الشهر الماضي، منهم 32 أسيرة، ونحو 170 قاصرا، و640 معتقلا إداريًّا، منهم أسيرتان، وطفل، فيما ارتفع عدد أسرى المؤبدات إلى (551)، وذلك بعد الحكم بالسجن المؤبد و25 عامًا على الأسير أحمد عصافرة.
وتابعت: أعلى نسبة اعتقالات خلال أيار كانت في القدس، بلغت 401 حالة، من بينها 58 طفلاً وقاصرا، و16 من النساء، في حين بلغ عدد أوامر الاعتقال الإداريّ الصّادرة خلال الشّهر؛ نحو 160، غالبيتها صدرت بحق معتقلين جدد.
ورصد التقرير أبرز السّياسات والقضايا التي شهدتها قضية المعتقلين خلال شهر أيار، والمُتغيّرات التي تنفذها سلطات الاحتلال، سواء على صعيد عمليات الاعتقال، وما يرافقها، أو فيما يتعلق بواقعهم وظروفهم داخل سجون الاحتلال، مستندا على حصيلة الرّصد والتّوثيق والمتابعة القانونية والميدانية التي تقوم بها المؤسسات الثلاث.
عام كامل من الجرائم
في الفترة الواقعة منذ أيار عام 2021 ونظيره من العام الجاري، سجلت نحو 9700 حالة اعتقال في أنحاء فلسطين كافة، منها 153 من النساء، و1417 من الأطفال والقاصرين، وكانت النسبة الأعلى من الاعتقالات في القدس، وبلغت 4540، حيث أفرج عن معظمهم بشروط أو دون شروط، وتمحورت بنود لوائح الاتهام التي قدمت للفلسطينيين حول تهم التحريض على قتل اليهود، والتحريض على الإرهاب وعرقلة عمل الشرطة وغيرها من التهم التي تشير إلى تعمد إبراز المعتقلين الفلسطينيين "كإرهابيين وعنصريين يمارسون أفعالا ونشاطات من دافع أيديولوجي.
مع الأخذ بعين الاعتبار جملة من المعيقات التي واجهت المؤسسات في متابعة حالات الاعتقال في أراضي عام 1948، نتيجة لسياسات التصنيف التي تفرضها سلطات الاحتلال الإسرائيلي على الفلسطينيين.
وبرزت جريمة الاعتقال الإداريّ بالأساس، كإحدى أبرز السياسات التي ارتبطت في هذه المواجهة، فمنذ أيار 2021 وحتى أيار 2022، بلغ عدد أوامر الاعتقال الإداري نحو 2440، كانت أعلاها في شهر أيار من العام الماضي، وبلغت 200 أمر اعتقال إداريّ.
وأكدت مؤسسات الأسرى أنّ الروايات والشهادات التي وُثِّقت وتم متابعتها على مدار هذه الفترة، أعادت فلسطين فعليًّا إلى سنوات كانت تشهد انتفاضات ومواجهة عالية مع الاحتلال، فكثافة المعطيات المتعلقة بالانتهاكات لم نشهدها منذ "الهبة الشعبية" نهاية عام 2015.
وأشارت المؤسسات إلى أنّ غالبية سياسات الاحتلال التي شكّلت أساسًا للانتهاكات هي سياسات تاريخية ثابتة، والمتغير الأبرز فيها هي محاولة تعميقها والإمعان فيها، إضافة إلى تطوير أدوات قمع وعنف لفرض المزيد من السيطرة والرقابة على الفلسطينيين.
اعتقالات القدس
تشهد القدس النسبة الأعلى في حالات الاعتقال شهريا، مقارنة مع بقية محافظات الوطن، فمنذ بداية هذا العام بلغت حالات الاعتقال في القدس نحو (1737)، واستمرت في تصعيدها لعمليات الاعتقال في القدس خلال أيار/ مايو 2022، ونفّذت معظم الاعتقالات من شوارع القدس، والمسجد الأقصى المبارك، خلال جنازتي الشهيدة الصحفية شيرين أبو عاقلة، والشهيد وليد الشريف، وخلال مسيرة الأعلام في ذكرى ما يسمى "الاستقلال وتوحيد القدس"، إضافة إلى حملة اعتقالات شهدها الأسبوع الأخير من الشهر سبقت "مسيرة الأعلام".
وبلغت حصيلة حالات الاعتقال من القدس خلال شهر أيار 401، منهم طفلان أقل من 12 عاماً و58 قاصرًا، 16 من النساء، رافق عمليات الاعتقال اعتداءات بالضرب المبرح، والسحل، وإطلاق النار، حيث إنّ غالبية من اعتقلوا تعرضوا لاعتداءات من قوات الاحتلال والمستوطنين، ولم يسلم الشهداء والمشاركون في جنازاتهم من هذه الاعتداءات خلال عملية تشييعهم، كما جرى في جنازة الشهيدة شيرين أبو عاقلة من اعتداء على نعشها، وعلى حامليه، وما جرى لاحقًا من ملاحقة واعتقال لهم.
وتعمدت سلطات الاحتلال احتجاز المئات من الفلسطينيين داخل المسجد الأقصى، وعلى أبوابه في بداية الشهر في ما يسمى "بعيد الاستقلال"، وفي شوارع القدس "عقب جنازة الشهيد شريف"، وذلك بعد تفتيشهم وتحرير هوياتهم وتشخيصهم عبر كاميرات المراقبة أو عبر تصوير الشرطة والمخابرات، ومن ثم تم الإفراج عن المحتجزين، أو تحويلهم إلى مراكز التحقيق، لافتا إلى أن الاحتجاز كان يستمر لأكثر من ساعة في الشوارع.
كما واصلت سلطات الاحتلال إصدار قرارات بالإبعاد، وبلغ عدد قرارات الإبعاد 107 منها: 4 عن مدينة القدس، 65 عن المسجد الأقصى، 38 عن البلدة القديمة.
وكانت معظم قرارات الإبعاد لشبان اعتقلوا من المسجد الأقصى بداية أيار ونهايته، واستهدفت قرارات الإبعاد فلسطينيي الأراضي المحتلة عام 1948، سواء باعتقالهم من القدس والمسجد الأقصى، أو استدعائهم للتحقيق، وشملت قرارات الإبعاد، عن شوارع المدينة وتحديدًا عن أماكن الاعتقال الميداني، منها: باب العامود، والساهرة، والسلطان سليمان، وصلاح الدين"، وتم رصد 186 اعتقالا ميدانيا، أصدرت بحق 132 منهم قرارات بالإبعاد.
اعتقالات جنين
اعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلي 307 مواطنين من جنين، التي تشهد مواجهة قوية مع الاحتلال منذ مطلع العام الجاري، وكان من بين المعتقلين شهيد الحركة الأسيرة داود الزبيدي المحتجز جثمانه حتى اليوم، والجريح نور الدين جربوع، كما واصل الاحتلال الإعدامات الميدانية، وهدم المنازل، بالإضافة إلى المداهمات، والاقتحامات الليلية، وعمليات التخريب، والعقاب الجماعي، واستخدام المواطنين كدروع بشرية.
وعلى مدار الأشهر الماضية، استهدف الاحتلال المواطنين، والطواقم الطبية، والصحفية، وهدم خمسة منازل لعائلات أسرى وشهداء، ويهدد بهدم ثلاثة منازل أخرى، وفرض سياسة العقاب جماعي على بلدات كاملة مثل بلدة رمانة، وذلك من خلال سحب تصاريح العمل من العشرات من أبناء البلدة ومن أقرباء المعتقلين صبحي صبيحات، وأسعد الرفاعي.
وشهد مخيم جنين جريمة قتل الصحفية شيرين أبو عاقلة، وهي من بين 22 شهيدًا قتلهم الاحتلال في جنين منذ مطلع العام الجاري، وهم من بين (67) شهيدًا منذ بداية هذا العام، ومن بين شهداء جنين 13 شهيدًا يواصل الاحتلال احتجاز جثامينهم، وهم من بين 103 شهداء محتجزة جثامينهم منذ الهبة الشعبية عام 2015.
وخلال أيار شهدنا محاكمة أسرى نفق الحريّة وأربعة أسرى آخرين تتهمهم سلطات الاحتلال بمساعدتهم، حيث حكم الاحتلال على كل من: محمد العارضة، ومحمود العارضة، ويعقوب قادري، وأيهم كممجي، وزكريا الزبيدي، ومناضل انفيعات، بالسّجن الفعلي خمس سنوات، وغرامة مالية بقيمة 5 آلاف شيقل، و8 أشهر وقف تنفيذ لمدة ثلاث سنوات علمًا أنّ أربعة منهم يقضون أحكامًا بالسّجن المؤبد، وبحق أربعة آخرين تتهمهم سلطات الاحتلال بمساعدتهم وهم: محمود أبو شرين، وعلي أبو بكر، ومحمد أبو بكر، وإياد جرادات، وذلك بالسّجن الفعلي لمدة أربع سنوات و2000 شيقل غرامة مالية.
يذكر أن قوات الاحتلال قتلت شأس كممجي، وهو شقيق الأسير أيهم كممجي، كما وقتلت داود الزبيدي، وهو شقيق الأسير زكريا الزبيدي، وتوفيت خلال أيار والدة الأسير يعقوب قادري، وحرمهم الاحتلال من وداع أحبتهم.
ويبلغ عدد الأسرى من محافظة جنين أكثر من 500 أسير، ومنهم 180 أسيرًا يواجهون أحكامًا عالية، منهم 75 أسيرًا يقضون أحكامًا بالسّجن المؤبد، علمًا أن من بين الأسرى ثلاث أسيرات وهن: منى قعدان، وياسمين شعبان، وعطاف جرادات، وهي أم لأسيرين وشقيقة أسير، ومن بين الشهداء المحتجزة جثامينهم وعددهم تسعة شهداء، شهيدان من جنين وهما: كمال أبو وعر، وداود الزبيدي.
اعتقالات إدارية
أصدرت سلطات الاحتلال الإسرائيلي نحو 160 أمر اعتقال إداريّ خلال أيار، غالبيتها بحق معتقلين جدد، ليبلغ عدد أوامر الإداري منذ مطلع العام الجاري نحو 750 أمر اعتقال إداريّ، بما فيها أوامر الاعتقال الإداري الصادرة في القدس والأراضي المحتلة عام 1948.
وتؤكد مؤسسات الأسرى، أنّ الاحتلال وسع من دائرة الاعتقال الإداريّ، منذ مطلع العام الجاريّ، حيث وصل عدد المعتقلين الإداريين حتى نهاية أيار (640) معتقلا، من بينهم أسيرتان وطفل، ويقبع غالبية المعتقلين الإداريين في سجني "عوفر والنقب ومجدو"، في عوفر يبلغ عددهم 233، والنقب 259، ومجدو 89، وبقيتهم موزعين على عدة سجون أخرى.
إنّ المعطيات الحالية المتعلقة بالاعتقال الإداريّ، تعد الأخطر منذ سنوات ويمكن مقارنتها مع سنوات الهبة الشعبية عام 2015، حيث يحاول الاحتلال عبرها بتقويض أي حالة مواجهة راهنّة.
وفي إطار مواجهة هذه السياسة يواصل المعتقلون الإداريون مقاطعتهم لمحاكم الاحتلال منذ مطلع العام الجاري، والتي شكّلت إحدى أهم الخطوات التي أقرها المعتقلون الإداريون، لما لها من أهمية على الصعيد الوطني الفلسطيني، وإسقاط أي شرعية عن محاكم الاحتلال التي ساهمت على مدار سنوات بترسيخ جرائم الاحتلال ومنها جريمة الاعتقال الإداريّ.
ويواصل المعتقلان خليل عواودة (40 عامًا) من بلدة إذنا- الخليل إضرابه المفتوح عن الطعام لليوم الـ(98) ورائد ريان (27 عامًا) من بلدة بيت دقو- القدس إضرابه عن الطعام لليوم الـ(63) تواليا، وسط ظروف صحية خطيرة جدًّا يواجهونها في سجن "عيادة الرملة".
الأسرى الأطفال
لم تقتصر سياسة الاعتقال الإداري على المعتقلين البالغين فقط، فقد طالت المعتقلين الأشبال أيضًا، فمنذ عام 2021 حتّى اليوم اعتقل الاحتلال ما مجموعه 10 أطفال إداريًّا، منهم من بلغ الثامنة عشرة من عمره في الاعتقال الإداري، وآخرون أنهى الاحتلال اعتقالهم.
حالات من بين الأطفال الأسرى الذين يواجهون الاعتقال الإداريّ
أنس أبو الرب (17 عامًا) من بلدة قباطية في جنين، اعتقله الاحتلال بتاريخ (17-3-2022)، وصدر بحقه أمر بالاعتقال الإداري 4 أشهر، يقول والده: اقتحمت قوات الاحتلال المنزل، وطلبوا مني أن أحضر أبنائي، واقتادوا أنس إلى جهة مجهولة حينها، فشلت النيابة بتثبيت لائحة اتهام بحقه، وتم تحويله للاعتقال الإداري 4 أشهر، ونخشى تجديد أمر الاعتقال الإداري مرة أخرى.
موسى همام وعبد الله همام من مدينة بيت لحم، اعتقلهما الاحتلال بتاريخ (11-6-2021)، وصدر بحقهما 3 أوامر بالاعتقال الإداري ينتهي آخرها بتاريخ (8-6-2022) ليعاد تجديده مرة أخرى، موسى وعبد الله بلغا عامهما الـ18 في أيار الماضي داخل سجون الاحتلال، في ذات السياق، يعتقل الاحتلال أصيل دويكات من بلدة بيتا في نابلس الذي بلغ عامه الـ18 أثناء اعتقاله، وصدر بحقه أمر بالاعتقال الإداري مدة 6 أشهر.
إسراء جعابيص
وتعاني المعتقلات الفلسطينيات في سجون الاحتلال من ظروف احتجاز صعبة إضافة إلى إهمال طبي مُتعمد من سلطات الاحتلال، حيث يحتجز الاحتلال 32 أسيرة حتى نهاية أيار/ مايو في سجن الدامون في ظروف صعبة، المعتقلة إسراء الجعابيص معتقلة منذ العام 2015 وحكم عليها بالسجن 11 عامًا، حيث اعتقلت بعد احتراق سيارتها، وهي بداخلها بالقرب من حاجز "الزعيّم" العسكري، وأصيبت حينها بحروق بالغة ليتم اعتقالها وهي بحالة صحية حرجة، وتعاني من إهمال طبي مُتعمد في سجون الاحتلال وتعد من أخطر الحالات الصحية في سجن "الدامون"، حيث خضعت لأكثر من ثماني عمليات جراحية منذ تاريخ اعتقالها، ولكنها ما زالت بحاجة إلى إجراء العديد من العمليات الإضافية.
وكانت محكمة الاحتلال الإسرائيلية في القدس قد رفضت مؤخرا التماسا قدمته جمعية أطباء لحقوق الإنسان لإجراء عملية جراحية لها في الأنف، رغم أنها متاحة للأسرى، مبررة ذلك بأن العملية تُعد تجميلية، -وفق زعمها-، ولا داعي لها.
المصدر - المركز الفلسطيني للإعلام