المخطط الذي كشف عنه وتشارك فيه جهات أمنية وعسكرية وسياسية إسرائيلية، بالإضافة إلى بلدية الاحتلال وما يعرف بلجنة القدس في ديون رئاسة وزراء الاحتلال وما يعرف بوزارة شؤون القدس وسلطة الأثار وخبراء من الجامعتين "العبرية" في القدس وتل أبيب.. بالإضافة إلى جمعية "العاد" الاستيطانية... يستهدف بالأساس تهويد ساحة باب العامود وتغيير معالم المدينة العربية الإسلامية بشكل كامل، وساحة باب العامود المستهدفة الآن بمخطط تهويدي شامل، سيجري تقديمه للمصادقة عليه بعد عيد الفصح اليهودي وما يعرف بيوم استقلال دولة الاحتلال، يوم نكبة شعبنا إلى لجنة التخطيط والبناء في بلدية الاحتلال، يأتي هذا المشروع من أجل زيادة السيطرة والتحكم والمراقبة للداخلين والخارجين الى البلدة القديمة وعرقلة الانسياب التاريخي الطبيعي ما بين البلدة القديمة والمصلين القادمين للصلاة في المسجد الأقصى في شهر رمضان وفي الأيام العادية، وما بين شارع نابلس... وهذا يتطلب تطوير الأبراج الأمنية الثلاثة الموجود على جسر بوابة باب العامود وعلى جانبي الدرج... ولتحقيق هذا الغرض عملت بلدية الاحتلال على القيام بحفريات في المنطقة الجنوبية للبوابة دخول الدخول الان الى ساحة المدرجات، فقد عملت على إزالة المقاعد والمدرجات الحجرية وحديقة الورود في فترة سابقة.. باتجاه ما يعرف بمغارة الكتان أو مغارة سليمان إلى منتصف شارع السلطان سليمان، حيث يلتقي هذا المشروع التهويدي مع مشروع تهويدي آخر، فقد جرى إزالة درج المقبرة اليوسيفية والاستيلاء على قطعة الأرض التي فيها قبور الشهداء الفلسطينيين والأردنيين وصرح الشهيد في تلك المقبرة وجرى صب طبقة من الباطون فوق تلك القطعة والقبور، تحت ذريعة تحويل المنطقة لحديقة وطنية عامة والهدف جعلها جزء من مسارات توراتية وتلمودية ومشروع تهويدي آخر على شكل هرم براشوتي يبدأ من المتحف الإسلامي باتجاه أراضي الحسبة في واد الجوز التي سيجري الاستيلاء عليها، وكذلك مصادرة أراضي وقفية إسلامية ومسيحية ومن ثم الوصول الى مقبرة باب الرحمة التي جرى الاستيلاء على جزء منها وفي أسفلها، عند برج اللقلق يجري القيام بحفريات لباب بعمق 6 أمتار لداخل البلدة القديمة .
وبالعودة إلى تهويد ساحة باب العامود والتي جرت عملية جس نبض لتهويدها في العام الماضي وكانت سبباً مع الأقصى وحي الشيخ جراح في هبات القدس الثلاثة في نيسان وقيام معركة "سيف القدس" في أيار من نفس العام... الآن هذا المخطط التهويدي لساحة باب العامود والذي له حساسية كبيرة، وتشارك فيه كل دوائر وأجهزة ومستويات دولة الاحتلال ومؤسسات وجمعيات استيطانية، يهدف بالأساس إلى شل الحركة التجارية والاقتصادية في البلدة القديمة والتي تئن تحت وطأة ضرائب احتلالية باهظة، وكذلك التحكم في تدفق المصلين من البوابة الى ساحة الأقصى، وأيضا التحكم في الداخلين والخارجين من البلدة القديمة، وايجاد مسارات تهويدية بديلة ،تمكن من تقسيم الساحة زمانياً، تلك الساحة التي تشكل المتنفس الوحيد لسكان المدينة للجلوس فيها والقيام بأنشطة ترفيهية وثقافية وتراثية وفنية، وكذلك بيع المشروبات الخفيفة والساخنة ..والتقسيم الزماني لتلك الساحة، يمكن دولة وبلدية الاحتلال من اغلاقها بشكل كامل في فترة الأعياد اليهودية، وخاصة ما يعرف بعيد الأنوار ويمنع دخول العرب اليها بشكل كلي، لكي يمارسوا فيها طقوسهم التلمودية والتوراتية، ويعلنوا سيطرتهم وسيادتهم المزعومة على المكان كما هو الحال في السيطرة على الأحياء الإسلامية والمسيحية.
هذا المشروع تزامن مع مشروع لفرض التقسيم الزماني والمكاني على المسجد الأقصى، بدء العمل به من خلال ما عرف بغزوة الأقصى في 17/4/2022، حيث جرى تجاوز لكل الخطوط الحمراء واقتحام المسجد القبلي والاعتداء على المعتكفين فيه بوحشية قبل اعتقالهم، وكذلك تدنيس سجاد المسجد بأحذية وبساطير جنود وشرطة الاحتلال، وتحطيم وتكسير الأبواب والشبابيك والثريات الأثرية، في عملية جس نبص لمعرفة رد فعل المتواجدين في الأقصى من معتكفين ومرابطين /ات ومصلين من ابناء القدس وما يتصل بهم من حضور بشري ميداني من الداخل الفلسطيني- 48 - ،وكذلك ردة فعل دائرة الأوقاف الإسلامية وفعاليات وقوى المدينة وطنية وسياسية ودينية ،والجهات الرسمية أردنية وفلسطينية، وقوى وفصائل المقاومة في قطاع غزة .
صحيح المقاومة الشرسة والصمود الأسطوري لمن كانوا في الأقصى والتهديدات التي أطلقتها قوى المقاومة وأجنحتها العسكرية من قطاع غزة، جعلت "الكابينت" الإسرائيلي يلتئم بحضور رئيس الشاباك ووزير الأمن الداخلي وقائد الشرطة العام، ويتخذوا قراراً بمنع الجماعات التلمودية والتوراتية بعدم اقتحام المسجد الأقصى في العشر الأواخر من شهر رمضان، خوفاً من تصاعد الأمور إلى انتفاضة شعبية تطال كامل مساحة فلسطين التاريخية، وتضع المنطقة امام معركة سيف القدس 2" على نحو أوسع وأشمل، وربما تتجاوز مساحة فلسطين التاريخية إلى ما هو أكبر من معركة وأقل من حرب شاملة بمشاركة إقليمية.
ولكن ما هو أصح بأن مخطط التقسيم الزماني للأقصى، كانت "بروفته" في يوم غزوة الأقصى واقتحام المسجد القبلي في 17/4/2022، حيث جرى إخراج كل من تواجد في الأقصى من مصلين ومعتكفين ومرابطين/ات، من أجل تأمين اقتحام الجماعات المتطرفة للأقصى وقيامها بأداء طقوسها التلمودية والتوراتية في ساحاته في مشاركة للمسلمين الصلاة في الأقصى، الحيز المكاني، ذريعة حرية العبادة للجميع، هذا الشعار الخادع والمضلل، والذي ليس فقط تروج له دولة الاحتلال وأمريكا ودول أوروبا الغربية، ولكن للأسف نادي التطبيع العربي، حلف "ابراهام" التطبيعي .
هذه المشاريع التهويدية والتقسيمات الزمانية والمكانية للأقصى، والزمانية لساحة باب العامود، والتي تستهدف تغيير معالم المدينة بشكل كلي وشامل ،بحيث يبدو مشهدها الكلي بدلاً من المشهد العربي الإسلامي المسيحي، مشهد يهودي تلمودي توراتي، وإحكام السيطرة والسيادة عليها، بما يغير روايتها ويزور تاريخها وهويتها، يأتي في ظل سيطرة الجماعات المتطرفة من "الداعشية" اليهودية على الدولة وتحكمها في القرار السياسي للحكومة، وحتى التقرير في بقاء الحكومة أو سقوطها، ولذلك فمن الواضح بان ما ينتظر القدس هجمة شرسة من أجل فرض مشاريع تهويدية كثيرة ومتعددة يقع الأقصى وبوابة باب العامود في صلبها.
ولذلك من يعيشون في غيبوبتهم السياسية وأوهامهم وانفصالهم عن الواقع بأن مسار المفاوضات وما يعرف بالشرعية الدولية ستوصل شعبنا الى حقوقه، عليهم أن يصحو من تلك الغيبوبة، فتلك الطريق لم تجر سوى الى ضياع الحقوق والأرض وتقسيم الأرض والشعب، وما يعرف بالشرعية الدولية انكشف بشكل سافر على حقيقته في أوكرانيا، حيث ظهر زيف وخداع قوى الاستعمار الغربي وأمريكا وشعاراتهم عن السيادة وتقرير المصير والديمقراطية والحرية والعدل والإنسانية، فكلها سقطت، ولنجد سفور ووقاحة الغرب الاستعماري وأمريكا في تبني معايير مزدوجة وانتقائية من حقوق وسيادة وحق تقرير المصير للشعوب والعنصرية في التعاطي مع اللاجئين، و 74 عاماً من الاحتلال وما مورس ويمارس بحق شعبنا من قتل وجرائم وقمع وتنكيل، لم تكن كافية لهذا المجتمع الدولي الظالم أن ينتصر لشعبنا، وتلك الشرعية الدولية المثلومة، لم تنجح في إزالة طوبة واحدة في مستوطنة أو توقف هدم بيت فلسطيني واحد.