لا يوجد تشريع يقنن ملكية السُّحب، بيد أنه يمكن التلاعب بها لأغراض خبيثة، ولحل هذه المعضلة، اقترح الكاتب ماثيو سيمونيت إنشاء يوم دولي للغيوم يكون في 29 مارس/آذار من كل عام.
لمن تعود ملكية الغيوم؟
في مقاله الذي نشرته صحيفة "لوبس" (L’OBS) الفرنسية، قال الكاتب ماثيو سيموني إن هذا السؤال أثار جدلا خلال الأربعينيات عندما استخدمت الولايات المتحدة لأول مرة تقنية الاستمطار فوق ولاية نيويورك. وعلى خلفية ذلك، احتج الكنديون مدعين أن الأميركيين "سرقوا سحابة" منهم! لكن الغيوم بموجب القانون الدولي لا تعود إلى أي شخص ولا يمكن استملاكها.
استنادا إلى هذه القصة، قرّر الفنان المعروف باسم "موسيو مو" في عام 2011 استمطار سحابة كندية كانت تتجه جنوبا وهكذا تمكّن من إنصاف الكنديين. وقد أخرج فيلما بعنوان "بابارودا" طرح فيه مسألة الوضع القانوني للسحابة.
وأشار الكاتب إلى أن السيطرة على المطر ليست أمرا خياليا اختلقه البشر في العالم الحديث. ففي منتصف القرن الـ15، كان الناس يعتقدون أن رمي الأقواس نحو السماء يساعد على تسريع قدوم المطر.
لكن التكنولوجيا اليوم تطوّرت، فعلى سبيل المثال، يساعد رش يوديد الفضة على السحب في زيادة احتمال هطول الأمطار. لكن هل لهذه الطريقة أضرار على التربة والصحة؟
كان هذا أحد الأسئلة التي طرحها المتظاهرون في كيبيك في ستينيات القرن الماضي. ونتيجة لذلك، تم سن تشريع يحظر استخدام تقنية الاستمطار في هذه المقاطعة الكندية دون إذن مسبق. وتعد هذه المقاطعة من المناطق "القليلة" في العالم التي سنت قوانين خاصة بالسحب.
وتسمى التقنية التي تُستخدم في استمطار السحب بـ"البذر السحابي"، وتثير هذه التقنية 3 مسائل على الأقل لا تتعلق فقط بملكية السحب المُحمّلة بالأمطار وإنما أيضًا بتأثير المنتجات المستخدمة في هذه العملية وتغيّر المناخ.
وبناءً على نظرية تأثير الفراشة، ينبغي أن نتساءل عن تأثير التلاعب بالغيوم، وما إذا كانت تقنية البذر السحابي تُستخدم دون الحصول على إذن مسبق.
ما تقنية "البذر" السحابي؟
نظرا لأن ملكية السحب لا تعود لأي كيان، يمكن لأي دولة (باستثناء كيبيك) فعل ما تريد بالسحب التي تمرّ عبر مجالها الجوي. وبسبب هذا الفراغ القانوني، تنفق العديد من الدول ميزانيات كبيرة للتلاعب بالسحب لأسباب مختلفة (على غرار مكافحة الجفاف وضمان أن تكون السماء صافية خلال الألعاب الأولمبية، وما إلى ذلك).
وقد أكد الكاتب أن بعض الحكومات استخدمت تقنية البذر السحابي لأغراض خبيثة في بعض الأحيان. فخلال حرب فيتنام مثلا، استُخدمت السحب كسلاح من خلال جعل السماء تمطر لإبطاء حركة الخصوم أو حتى التسبب في فيضان. وفي عام 1976، أنشأت الأمم المتحدة اتفاقية تحظر هذا النوع من الممارسات، وهذا يعني أنه لم يعد بإمكان أي دولة استخدام تقنية الاستمطار لغرض "عدائي".
في المقابل، لا يوجد نص دولي يحظر التلاعب بالسحب لأسباب غير حربية. ففي عام 1986، عملت الدولة الروسية على استمطار السحب فوق بيلاروسيا لمنع المواد المشعة القادمة من أوكرانيا (تشرنوبل بالتحديد) من الوصول إلى موسكو أو مدن روسية أخرى. وقد تسببت هذه الحادثة في مشاكل صحية خطيرة ومتعددة في بيلاروسيا.
وقد تزايدت البرامج البحثية المتخصصة في الاستمطار لأغراض مدنية. فعلى سبيل المثال، استثمرت الصين ما بين 2012 و2017 أكثر من مليار دولار للتحكم في السحب. وفي الصيف الماضي، استخدمت دول الخليج صدمات كهربائية في السحب لتحفيز هطول الأمطار.
ومع أن هذه البرامج لا تزال في مهدها، فإن البعض يرون أن فعاليتها هامشية ذلك أن احتمال هطول الأمطار نتيجة البذر السحابي يكون ما بين 5 إلى 20% فحسب. لكن في غضون 20 أو 30 عاما، يمكن توقّع تطوير الأجيال المقبلة تقنيات استمطار أكثر فعالية.
ولكن هل تصور اكتساب الدول في النصف الثاني من القرن الـ21 القدرة على اعتراض طريق السحب المحملة بالأمطار المتجهة إلى الدول المجاورة مجرد خيال علمي؟ وهل سيتسبب الاستيلاء عليها في اندلاع حرب اقتصادية وتكنولوجية مستقبلا؟
حاجة ملحة لتطوير الاهتمام بالغيوم
يعتقد الكاتب أنه من الضروري تطوير "الاهتمام بالسحب" وتعزيز البرامج التي تعرض رهانات البذر السحابي بطريقة مناسبة. وهناك حاجة إلى وضع تشريعات وقوانين تحظر أو توفر إطارا أدنى لاستخدام هذه التقنية.
ولزيادة الوعي العام بهذه القضية الحاسمة، يقترح الكاتب إنشاء يوم عالمي للسحب يوافق 29 مارس/آذار سنويا. وفي هذا اليوم، يمكن افتتاح "المرصد الدولي للسحابة في سان سوبليتس" (وهي بلدية ريفية في سين مارن). وفي هذه المناسبة، يستلقي أكثر من 600 طفل ومراهق على العشب لمراقبة السحب وتدوين ما يشاهدونه.