د. هاني العقاد
استمرت القطيعة بين دول القارة الافريقية ودويلة الاحتلال لأكثر من خمسة عقود وحتي بعد اتفاقية كامب ديفيد بين مصر ودويلة الكيان ولم تفتتح كثير من دول القارة الافريقية سفارات لها في تل ابيب حتي بعد ان افتتحت مصر سفارة لها هناك ,لكننا بدأنا في الخمس سنوات الأخيرة نلاحظ ان دويلة الكيان لديها استراتيجية لتغير العلاقة مع القارة السوداء تبني علي أساس التغلغل الي عمق القارة الافريقية فقامت بتطوير علاقاتها مع كثير من دول القارة .مرحلة نتنياهو شهدت تحول مهم في العلاقة افضي لتغلغل اسرائيلي داخل القارة السوداء عندما جندت دولة الاحتلال كافة علاقاتها الدبلوماسية مع ما يقارب ثلثي دول القارة لتحقيق هذه الاستراتيجية فاصبح لدولة الاحتلال علاقات مع اكثر من 40 دولة افريقية كبري مثل اثيوبيا وارتريا وغانا وساحل العاج والسنيغال , اكثر من عشرين دولة افتتحت لها سفارات في تل ابيب جاءت نتيجة لعديد من الاتفاقيات السياسية والامنية والاقتصادية والثقافية والسياحية المتبادلة , تعرف دويلة الاحتلال تماما ما الذي تريده من دول القارة , تغلغل في عمق الدول لإيجاد أسواق لسلاحها الذي جربته علي الفلسطينيين وخاصة داخل الدول التي تشهد توترات مسلحة وعدم استقرار سياسي ونزاعات داخلية وحدودية حتي أصبحت دولة الاحتلال في كثير من الحالات الممول الرئيس لسلاح الجماعات المتناحرة ,اما الدول المستقرة بأفريقيا فان دولة الاحتلال تريد استثمار الاراض الخصبة لتلك الدول لكونها تمتلك تكنولوجيا زراعية لاستصلاح الالاف الهكتارات وزراعتها بالاعتماد على الايدي العاملة بتلك البلدان بما يعود بقليل من المال لأصحابها وبمليارات الدولارات على خزينة دولة الاحتلال وحدها.
علي المستوي السياسي فان دويلة الكيان تعتبر الساحة الافريقية ساحة مطاردة سياسية مع الفلسطينيين حتى تخفض مستوي التأييد السياسي الافريقي لحقوقهم وبالتالي تنجح في تحييد هذه الساحة ودولها التي تمثل كتلة كبيرة بالأمم المتحدة من التصويت لصالح أي قرارات تعتبر الاحتلال نظام فصل عنصري ضد الفلسطينيين , في زات الوقت تقلل من التأثير الفلسطيني في الاتحاد الأفريقي وخاصة بعد ان حصلت فلسطين علي عضو مراقب بالاتحاد الافريقي قبل اكثر من خمس عقود , واليوم تحاول دويلة الاحتلال بكل ما تمتلك من علاقات دبلوماسية وسياسية مع دول افريقيا الحصول علي عضو يماثل عضوية فلسطين في الاتحاد الافريقي الا ان طلب دويلة الاحتلال هذا كان يقابل عادة بالرفض بسبب سياستها الاحتلالية واستيطانها المتواصل وسلوكها العنصري اتجاه الفلسطينيين الذي يرتقي الي جرائم حرب , دويلة الفصل العنصر الإسرائيلية حصلت مؤخرا علي عضو مراقب من قبل رئاسة الاتحاد لان كثير من الدول تعتبر عضويتها امر غير قانوني لم يتم التصويت عليه من قبل الأعضاء وهو امر مرفوض بسبب استمرار دولة الفصل العنصري الإسرائيلية في تحد المجتمع الدولي وممارسة أبشع جرائم الاضطهاد والتطهير العرقي ضد الفلسطينيين ما دعا الي تحرك تقوده الجزائر لطردها من الاتحاد الافريقي.
وزير الخارجية الجزائري كان قد اعتبر ان قبول إسرائيل كعضو مراقب في الاتحاد الافريقي سوف يتم عرضها في القمة الافريقية فبراير الحالي القادم لكن هناك انقسام بين الدول الأعضاء في الاتحاد نحو ذلك بالذات ان هناك دول افريقية لا تقبل الاعتراض على عضوية دولة الفصل العنصري الإسرائيلية بالاتحاد وتزداد هذه التوجهات بعد نشر تقرير منظمة العفو الدولية امنستي والذي يؤكد بالدليل ان اسرائيل دولة فصل عنصر وتمارسه بسياسة ممنهجة وبأشكال متعددة بالإضافة الي الاضطهاد السياسي والديني وسوف يطرح موضوع الغاء عضوية دولة الاحتلال بالاتحاد الافريقي وطردها من المنصة الافريقية وخاصة ان سبع دول مهمة بالاتحاد كانت قد تقدمت بمذكرة اعتراض على منح دويلة الاحتلال عضوية وهناك 5 دول عربية اخري تدعم هذا الاتجاه بما فيها دول طبعت مؤخرا مع دولة الفصل العنصري الإسرائيلية . بالرغم من ان السودان أعلنت مؤخرا تطبيع علاقاتها مع دولة الاحتلال الا ان الخارجية السودانية كانت قد اعترضت على قرار رئيس المفوضية الإفريقية بمنح دولة الفصل العنصري "صفة المراقب" بالاتحاد الإفريقي، قبل التشاور مع الدول الأعضاء، مؤكدة أن هذا الأمر أحدث خلافًا بين المفوضية والأعضاء واعتبرت الخارجية السودانية في بيان لها ان ذاك "أن هذا نهج مرفوض ويتعارض مع جهود ومبادئ الاتحاد الإفريقي ويقدح في روح التعاون والاحترام المتبادل والتوافق". ان الدورة الحالية للاتحاد الافريقي في اديس ابابا ستشهد مناقشات عاصفة بين الدول الأعضاء ومفوضية الاتحاد لإبطال قرارها الصادر في 22 مايو الماضي بمنح إسرائيل عضوية المراقب والذي اعلنه سفير إسرائيل لدى إثيوبيا، ( أدماسو الالي) انه قدم أوراق اعتماده عضوا مراقبا لدى الاتحاد الإفريقي.
اعتقد ان معظم دول الاتحاد الافريقي اليوم سوف ترفض مبررات المفوضية بمح إسرائيل عضوية مراقب بالاتحاد الافريقي وجلوسها الي جانب فلسطين وخاصة انها أصبحت بشهادات دولية دولة اضطهاد وفصل عنصري وفي ظل دعم الاتحاد المطلق للقضية الفلسطينية والذي جاء علي اكثر من مستوي منذ العديد من العقود من العلاقات الفلسطينية الافريقية والتي أسس لها الشهيد الراحل ياسر عرفات واستكمل اطرها الرئيس أبو مازن ومازالت علي مستوي عال من الدعم والتأييد لكفاح الشعب الفلسطيني امام سياسة احتلال عنصري يمارس القتل والاعتقال والترحيل وهدم البيوت والحصار والاستيطان ويصمت علي اعتداء المستوطنين علي المدنيين الفلسطينيين بأعمال إرهابية ترتقي لجرائم حرب . فلسطين اليوم حاضرة ممثلة بالدكتور محمد اشتية رئيس الوزراء نيابة عن الرئيس أبو مازن كدولة عضو بالاتحاد الافريقي تتعرض لتميز واضطهاد عنصري ممنهج من قبل دويلة الاحتلال وهذا يعمني ان الاتحاد ليس امامه الا خيار في طرد دولة الاحتلال والفصل العنصري من الاتحاد وإلغاء قرار مفوضية الاتحاد التي تفردت به دون الرجوع والتشاور مع الأعضاء وهذا يعتبر نجاح كبير لداعمي الحق الفلسطيني على الساحة الافريقية ورسالة يجب ان تفهما دولة الفصل العنصري ان لا مكانة لها بين دولة العالم التي تحترم القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الانسان الا اذا تخلت عن احتلالها وأوقفت ممارسة اشكال لاضطهاد السياسي بحق الفلسطيني وقبلت بالتفاوض علي أساس حل الدولتين والمرجعات الدولية ومبادرة السلام العربية.