تمرّ الأيام بطيئة، ومع فجر كل يوم جديد نزيد عدد أيام إضراب الأسرى الإداريين بواحد، تدخل أفواج جديدة إلى الإضراب، ويواصل السجان على مدار الساعة ممارسة كل ما اكتسبه من خبرة في الأحابيل والحيل لكسر إرادة صمود الأسرى.
يستخدم السجان كل صنوف التنكيل فيزدادون أنفة وإصراراً، لكن يوم تخور قوى قافلة منهم ويتم نقلهم إلى المستشفيات، وتطلق تحذيرات من هنا وهناك، لكن حجم الاهتمام الجماهيري لا زال قاصراً والتضامن لم يصل للحد الأدنى المطلوب لتحريك هذا الملف النازف.
لنجاح الإضراب في تحقيق أهدافه مركبان أساسيان، صمودهم في إضرابهم وبسالتهم داخل السجون، وتضامننا معهم. هم يقومون بدورهم على أكمل وجه، لكننا لا نقوم بدرونا ضمن الحد الأدنى.
ركزت وسائل إعلام إسرائيلية يوم أمس على خشية "إسرائيل" من تفجّر الأوضاع في الضفة الغربية، مشيرة إلى أن إضراب الأسرى في السجون هو أحد عوامل الانفجار، وألمحت إلى أن "الحكومة الإسرائيلية" تدرس خطواتها بحذر شديد خشية تدهور الأوضاع في هذه الظروف السياسية الحساسة، كي لا تتحمل مسؤولية هذا الانفجار وتواجه تبعاته.
تخشى "إسرائيل" في هذه المرحلة من انتقادات وعزلة دولية لا سيما بعد فشلها في فرض مقاطعة دولية على حكومة الوفاق الوطني الفلسطينية، وهذا هو الوقت المناسب لرفع قضية الأسرى إلى المكان الذي تستحقه، ولا يتأتى ذلك إلا بحراك يتناسب مع تضحيات الأسرى وصمودهم.
ليس متأخراً، آن الأوان لنفض التراخي والتثاؤب وتصعيد حراك التضامن على شطري "الخط الأخضر" لدفع هذا الملف إلى مركز الاهتمام الذي يستحق.
في موجة الإضرابات الأخيرة السابقة، استدعت أجهزة المخابرات الإسرائيلية عشرات الناشطين للاستجواب، واستخدمت وسائل التهديد والترهيب لردعهم عن المشاركة في المظاهرات المساندة لإضراب الأسرى، والجملة التي تكررت على ألسنة المحققين: أنت بذلك تدعم "الإرهاب".
"لإسرائيل" مصطلحاتها وتسمياتها، لكن في حقيقة الأمر الاحتلال هو الإرهاب ومقاومته حق، هذا ما تكفله القوانين الدولية، ولو توفر "لإسرائيل" قانوناً لمحاكمتنا على المشاركة في المظاهرات لما تأخرت، لكن بما أن نشاطنا قانوني حتى حسب قوانينها تلجأ إلى هذه الأساليب الملتوية التي لم تعد تنطلي على شبابنا.
في رسالتهم الأخيرة قال لنا الأسرى: "فقدنا من لحومنا الكثير لكننا اكتسبنا من عزائم شعبنا جبالاً من العزيمة"، لكننا ندرك أنهم إما لا يعرفون، أو أنهم يعرفون ويتسترون على تقاعسنا. لم يفت الأوان لأن لا نخذلهم.