بقلم: نواف الزرو
هي معارك ومواجهات محتدمة متصاعدة في مواجهة مسيرات الأعلام والشمعدانات الصهيونية المتزايدة، فوفقًا لأحدث ومعطيات المشهد الصراعي وتحركات المستعمرين الصهاينة على الأرض تشهد القدس والضفة الغربية تصعيدًا مسعورًا في هجماتهم على الوجود الفلسطيني، إذ يشنون موجات متلاحقة مخططة مبيتة على كل الأماكن الفلسطينية، ويسيرون ما يطلقون عليها مسيرات الأعلام، حيث يحملون مئات وآلاف الأعلام الصهيونية كما يعلقون الشمعدانات على البيوت المقدسية، وفي مدينة الخليل وصولاً إلى الاغوار، وكل هذه الأعلام والشمعدانات ترمز من جهتهم إلى أن هذه الأرض ملكية يهودية حصرية تحت السيادة الإسرائيلية.
وفي هذا السياق، الصراع على الأرض والهوية، حيث أفادت وكالة الأنباء الرسمية (وفا) بأنّ: المستوطنين نفذوا مساء الخميس 02 ديسمبر 2021 مسيرة استفزازية جابت شوارع البلدة القديمة من القدس المحتلة في اليوم الخامس لما يسمى "عيد الأنوار العبري"، وسط انتشار مكثف لجنود الاحتلال وشرطته، وقبلها توافد المستوطنون بشكل كبير على حي الشيخ جراح وحاولوا تركيب شمعدان على منزل عائلة الكرد- الثلاثاء 30 نوفمبر 2021، وقبلها أدى مستوطنون، مساء الإثنين 29 نوفمبر 2021، رقصات استفزازية في طريق باب الواد بالقدس العتيقة. وفي سياق متصل أضاءت بلدية الاحتلال في القدس سور القدس التاريخي برسومات وشعارات تلمودية استفزازية، وتركزت على مقاطع من سور القدس في منطقة باب العمود والمنطقة الممتدة حتى باب الخليل، مرورًا بباب الجديد - الأحد 05 ديسمبر 2021- واقتحم مئات المستوطنين المسجد الأقصى وأدوا طقوسًا تلمودية في المنطقة الشرقية من جهة باب الرحمة، ونفذوا جولات استفزازية والتقطوا صورًا في باحات الحرم القدس، بل ولليوم الثامن على التوالي كثف المستوطنون اقتحامهم للأماكن الفلسطينية المقدسة، خاصة في مدينتي القدس والخليل للاحتفال بما يسمى "عيد الأنوار العبري"، تلبية للدعوات المتطرفة التي تطلقها جماعات "الهيكل" المزعوم. ونصب المستوطنون أيضًا "شمعدانات" السبت 04 ديسمبر 2021، على مفترقات الطرق في الأغوار الشمالية. وأفاد الناشط الحقوقي عارف دراغمة، بأنّ: المستوطنين رفعوا الأعلام ووضعوا "الشمعدانات"، وأقاموا احتفالات بالقرب منها.
وانتقل المستعمرون الإرهابيون في هجماتهم وأعلامهم وشمعداناتهم إلى الداخل الفلسطيني إلى اللد والرملة، حيث نظم عشرات المستوطنين - الأحد: 05/12/2021 - مسيرة استفزازية في مديتني اللد والرملة، دعت إليها جماعات استيطانية يمينية متطرفة، رفعوا خلالها الأعلام الإسرائيلية في أحياء المدينة، فيما تجمع المواطنون العرب في ساحة المسجد العمري الكبير في اللد، استعدادًا لصد اعتداءات محتملة للمستوطنين على الوجود العربي في المدينة. ويأتي ذلك في محاولة لممارسة ضغوط على الوجود العربي في المدن التاريخية المسماة بالمدن المختلطة في الخطاب الإسرائيلي، وذلك في أعقاب الأحداث التي شهدتها هذه المدن خلال الهبة الشعبية الأخيرة في أيار/ مايو الماضي.
وقبلها بشهور ووفقًا للقناة السابعة العبرية- الأربعاء 07 يوليو 2021- فإن: "حركة السيادة في إسرائيل نظمت مسيرات للمستوطنين في ذكرى خراب الهيكل"، حول أسوار البلدة القديمة بالقدس في نهاية تموز الجاري، فيعد التاسع من شهر آب/أغسطس حسب التقويم اليهودي، أي في نهاية شهر تموز/يوليو حسب التقويم الميلادي لدى اليهود هو يوم صيام وحداد على تدمير هيكل سليمان المقدس (الهيكل الأول) على يد البابليين أيام الملك البابلي نبوخذ نصر، وعلى تدمير هيكل هيرودوس (الهيكل الثاني) على يد الرومان أيام القيصر الروماني فسباسيان". وذكرت القناة 7 العبرية: "أن المسيرة يحضرها سنويًا الآلاف من جميع أنحاء إسرائيل"، وقال رئيس الحركة "إن العمود الفقري للمواجهات الفلسطينية في القدس كونها تحت السيادة الإسرائيلية"، وأضاف: "تنظيم المسيرة هذا العام أهم مما كان عليه في الماضي في ظل من يسعون للنيل من سيادتنا في القدس"، وافتتحت المسيرة ب"قراءة لفائف مشتركة من التوراة في حديقة الاستقلال في وسط القدس"، وبعد ذلك مباشرة سار المشاركون حول أسوار البلدة القديمة بتوجيه من مؤرخ يروي قصة القدس وصراعاتها عبر الأجيال المختلفة.
يضاف إلى ذلك عدة مسيرات لمستوطنين يرفعون الأعلام الصهيونية في أنحاء الضفة الغربية، وهذه تعني أن مسيرات الاعلام والشمعدانات الصهيونية، تتوسع وتنتقل من المدينة المقدسة إلى جسم الضفة الغربية، حيث نفذت المنظمات الاستعمارية الاستيطانية يوم الاثنين 21/6/2021، أربعة عشر مسيرة أعلام في أنحاء الضفة الغربية، وهذه المرة كما يدعون احتجاجاً على البناء الفلسطيني في المناطق المصنفة "ج" في الضفة المحتلة، وللمطالبة بهدم المنازل فلسطينية في هذه المناطق.. تصوروا...!
وخلاصة المشهد هنا: الأرض أرضنا والوطن وطننا والبيوت بيوتنا والتاريخ لنا والهوية لنا وأرضنا محتلة وتحت سيطرة جيش الاحتلال، ورغم كل ذلك يفترون ويتمادون ويتمددون، بل ويطالبون بهدم المنازل الفلسطينية، فلماذا إذن يتمادى هؤلاء المستعمرون إلى أقصى درجات التمادي...؟! ولماذا يتغولون على الأرض والممتلكات ويتجرأون على شن موجات من الهجمات والغزو على الاراضي الفلسطينية...؟! ولماذا لا يرتدعون حتى الآن عن هذه الهجمات، بل ويذهبون بعيدًا فيها...؟! ولماذا لا تكون أرض الضفة الغربية كما هي أرض وأحياء المدينة المقدسة في الحسابات الفلسطينية الردعية...؟! ألا تستدعي كل هذه الهجمات والغارات وعمليات الغزو الاستعمارية الصهيونية على جبال نابلس والخليل و بيت لحم ورام الله وجنين وطولكرم ومناطق الأغوار، حالة استنفار فلسطيني شامل...؟! ألا تستدعي وحدة فلسطينية ميدانية عاجلة للتصدي، ليس فقط لمسيرات الأعلام، بل أيضًا للهجمات التي يشنونها على مدار الساعة على جبل صبيح في بيتا مثلًا...؟!
أعتقد أن هذه الهجمات والغارات الاستعمارية الصهيونية تستدعي عاجلًا، ليس فقط القيام بمسيرات أعلام فلسطينية في كل أنحاء فلسطين، وإنما وهذا الأهم أنها تستدعي وحدة كفاحية فلسطينية ميدانية، في الخنادق والبنادق في مواجهة جبروت هذا الاحتلال الاقتلاعي المجرم... فلا ينفع مع هذا الاحتلال إلا حالة الاشتباك والاستنزاف المفتوح له ولقواته ومستعمريه في كل انحاء فلسطين. ويجب أن يكون شعار الكل الفلسطيني -والعربي معه: "حاصر حصارك لا مفر... على نمط السلسة البشرية المقدسية التي أقيمت حول الشيخ جراح المهدد بالتطهير العرقي، وارتدى الشبان قمصان تحمل شعار "لن نرحل"، وحملوا شعارات وطنية تندد بالاستيطان وطرد السكان، وسط انتشار مكثف لقوات الاحتلال على مدخل حي الشيخ جراح بالقدس.
وكما هي الفعالية المقدسية ضمن حملتي "أنقذوا الشيخ جراح" و"أنقذوا سلوان" لرفع الصوت المقدسي في مواجهة مخططات التهجير ولاقتلاع في الشيخ جراح وسلوان، كذلك يجب أن تتسع حملات إنقاذ جبال وأغوار الضفة الغربية من براثن ومخالب الاحتلال المجرم... وهذا أيضًا لن يكفي: ف فلسطين تحتاج أيضًا إلى عمقها العربي والعالمي، أن يكون في حراك دائم ومتنوع وحيوي تضامنا معها.