بقلم/ خالد صادق
لم تعد «الاونروا» وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين, بل أصبحت وكالة الالتفاف على حقوق ومكتسبات الفلسطينيين, وهى مجرد أداة تتحكم بها امريكا و «اسرائيل» وتستخدمها في تضييع حقوق اللاجئين الفلسطينيين, وتمرير سياسات تهدف للالتفاف على حق العودة, وتبديد المفاهيم الوطنية والتشكيك في الحقوق والثوابت الفلسطينية, ذلك رغم أن أولى اولويات الاونروا مساندة اللاجئين الفلسطينيين ومساعدتهم في الحصول على حقوقهم ومكتسباتهم الخدماتية والدفاع عن حقوقهم السياسية وفق قرارات الشرعية الدولية, الاونروا وافقت على الشروط والإملاءات الأمريكية التي تُقيد عملها في الأراضي الفلسطينية، ويحرفها عن مبادئ التفويض التي تؤكد أن وظيفتها حماية حقوق اللاجئين وتسهيل حياتهم حتى عودتهم إلى ديارهم التي شردوا منها طبقاً لقرارات الأمم المتحدة، وهي أعطت لنفسها الحق في المساومة على حقوق اللاجئ الفلسطيني, والهدف دائما الالتفاف على حق العودة وانهاء قضية اللاجئين الفلسطينيين, والالتفاف على القرار الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194 والذي جاء في الفقرة 11 منه بأن الجمعية العامة تقرر وجوب السماح بالعودة للاجئين الفلسطينيين، في أقرب وقت ممكن للراغبين في العودة إلى ديارهم و «العيش بسلام مع جيرانهم»، ووجوب دفع تعويضات عن ممتلكات الذين يقررون عدم العودة إلى ديارهم, واليوم بات هناك مسعى امريكي اسرائيلي واضح للالتفاف على حق العودة وانهاء قضية اللاجئين الفلسطينيين.
الادارة الامريكية تهدف الى التحكم في عمل ونشاط الاونروا, وهى تعتبر ان المساعدات المالية التي تقدمها لها مشروطة بالتزام الاونروا بالسياسات الامريكية, فاتفاق إطار التعاون بين الولايات المتحدة الأمريكية وإدارة أونروا، بات يشكل كما يقول رئيس دائرة شؤون اللاجئين في حركة حماس عصام عدوان خطورة كبيرة على قضية اللاجئين الفلسطينيين، ويحولها إلى قضية غير مرتبطة ببعد سياسي أساسه «حق العودة» والاتفاق يفرض ربط استمرار التمويل الأمريكي لوكالة الغوث «أونروا» بما سماه بـ «ضمان الحياد» في عمل الأونروا وموظفيها ومنتفعيها من اللاجئين الفلسطينيين، كما يضع رقابة للمانحين وخاصة الولايات المتحدة على مجمل عمل الأونروا، ويحاكم أداءها طبقاً للمفهوم الأمريكي وليس طبقاً للقانون الدولي, الاتفاق تحدث عن طبيعة الدورات التدريبية المفترض إعطاؤها للموظفين، ومراقبة كيفية صرف المبالغ المالية للوكالة، وتقديم تقارير دورية عن الشفافية في الصرف، والإفصاح عن المبالغ المالية التي ستحصل عليها الوكالة ولو أقل من 30 ألف دولار، وإلزام «أونروا» بإجراء عمليات الفحص والتدقيق لموظفيها والمنتفعين من خدماتها والمتعاقد معهم والموردين والمانحين من غير الدول كل 6 أشهر, كما أن عمليات الفحص والتدقيق ستطال أيضًا منشورات موظفي «أونروا» على وسائل مواقع التواصل الاجتماعي للتأكد من التزامهم «مبدأ الحيادية»، وعلى الوكالة رفع تقاريرها دوريًّا إلى الولايات المتحدة التي ستعطي لنفسها الحق في الحساب والعقاب.
الاونروا قبلت أن تدخل تحت العباءة الامريكية, في مقابل الدعم المالي الامريكي الذي يقدم لها, وهذا انحراف واضح وفاضح في المهام الموكلة اليها, فالإدارة الامريكية التي تملك سطوة المال للتحكم في سياسات المؤسسات الدولية باتت تنتهج سياسة العقاب ضد من يخالف ارادتها، ففي حزيران 2021 أعلنت الادارة الامريكية فرض عقوبات على قضاة وموظفي المحكمة الجنائية الدولية في اطار ابتزاز المحكمة ودفعها لصوغ استراتيجيات تنسجم والمواقف الامريكية، وفي تموز من العام نفسه أعلنت انسحابها من منظمة الصحة العالمية في اطار تداعيات جائحة كورونا، وفي الشهر نفسه اعلنت انسحابها من مجلس حقوق الانسان التابع للأمم المتحدة بذريعة «انحيازه ضد اسرائيل»، وفي تشرين الثاني من عام 2021 أعلنت انسحابها من اتفاقية المناخ، بحجة « ان الاتفاقية تفرض اعباء اقتصادية على الولايات المتحدة» وهذه رسالة واضحة من الادارة الامريكية للمؤسسات الدولية التي ترفض التعاطي مع سياساتها بأنها ستكون في مرمى الاستهداف والانكى من ذلك أن أخطر ما حملته الوثيقة هو تعهد الاونروا بعدم «استخدام أي جزء من مساهمة الولايات المتحدة؛ لتقديم المساعدة لأي لاجئ تلقى تدريبا عسكريا، وفي حال اعتقدت الولايات المتحدة ان الاونروا لم تلتزم بذلك، فهذا يعطيها الحق بقطع المساهمة المالية, وهذا بدوره تجاوز لحقيقة أن المساهمات المالية للدول المانحة هي تبرعات طوعية غير مشروطة, انها سطوة امريكا التي استطاعت أن تدخل الاونروا في إطارها المثقوب .