بقلم: سارة سويلم
ذكرى يوم الارض هي ذكرى يخلد فيه الفلسطينيون ومعهم العالم -في 30 مارس/آذار من كل عام- ذكرى مصادرة الاحتلال الإسرائيلي لآلاف الدونمات في الجليل والمثلث والنقب، ما تسبب في اندلاع مظاهرات حاشدة، سقط فيها شهداء
وجرحى.
تهويد الجليل
ترجع قصة يوم الأرض إلى عام 1976 عندما أقدمت سلطات الاحتلال الإسرائيلي على مصادرة نحو 21 ألف دونم (الدونم يعادل ألف متر مربع) لتنفيذ مشروع أطلقت عليه
“تطوير الجليل” وكان عبارة عن عملية تهويد كاملة للمنطقة، ما دفع الفلسطينييون للانتفاضة ضد المشروع.
مس القرار بشكل مباشر أراضي بلدات عرابة وسخنين ودير حنا وعرب السواعد ومناطق أخرى من الجليل والمثلث والنقب، أضيفت إلى أراض أخرى صودرت من قبل بغرض بناء مستوطنات جديدة.
وللرد على القرار تداعت لجنة الدفاع عن الأرض بتاريخ 1 فبراير/شباط 1976 لعقد اجتماع عاجل في الناصرة، نتج عنه إعلان إضراب عام شامل في 30 مارس/آذار من السنة نفسها احتجاجا على ما جرى.
وبادرت قوات الاحتلال إلى الرد بدموية على الاحتجاجات وأطلقت النار بشكل عشوائي على محتجين فلسطينيين صبيحة يوم الإضراب، ما أدى إلى ارتقاء ستة شهداء فلسطينيين ، وسقوط عشرات الجرحى.
وتذكر المصادر الفلسطينية أن الاحتلال صادر ما بين 1948 و1972 أكثر من مليون دونم من أراضي القرى العربية في الجليل والمثلث، إضافة إلى ملايين الدونمات الأخرى التي سيطرت عليها بعيد نكبة 1948.
ومنذ ذلك اليوم (30 مارس/آذار 1976)، ما فتئ الفلسطينيون في الداخل والشتات، والعرب ومعهم المتعاطفون بالدول الأجنبية يحتفلون بذكرى يوم الأرض، لتجديد تشبثهم بأرضهم المحتلة، وبحق العودة.
مصادرات وهدم
وتبلغ مساحة فلسطين التاريخية نحو 27 ألف كيلومتر مربع، حيث تستغل إسرائيل نحو 85% من المساحة الإجمالية للأراضي، فيما لا تتجاوز النسبة التي يستغلها أهل فلسطين 15%.
وفي الضفة الغربية، وصل عدد المواقع العسكرية والاستيطانية إلى حدود 2013 نحو 409 مواقع، فيما ارتفع عدد المستوطنين إلى حوالي 581 ألفا.
ويبلغ عدد المستوطنين نحو 21 مستوطنا مقابل كل مائة فلسطيني في الضفة الغربية، بينما تبلغ النسبة في القدس المحتلة إلى نحو 69 مقابلة مائة فلسطيني.
وذكر تقرير لـ أوتشا، تم هدم منازل الفلسطينيين خلال الأشهر الخمسة الماضية و يمثل أعلى متوسط لمعدل عمليات الهدم في أربعة أعوام: 52 مبنى عام 2019، 38 مبنى عام 2018 و35 مبنى ع 2018.
وتستمر سياسة الهدم، رغم أن السلطات الإسرائيلية أشارت في المراحل الأولى من جائحة كـوفيد-19 إلى تقييد سياساتها طويلة الأمد في هدم منازل الفلسطينيين.
كما تسببت سياسة الهدم بتشريد 442 فلسطينيا بين شهري آذار/مارس وآب/أغسطس. وفي شهر آب/أغسطس وحده، تم تشريد 205 من الأشخاص، وهو عدد يفوق من تشرّدوا في شهر واحد منذ كانون الثاني/يناير 2017.
ويحرص الاحتلال على استغلال كل الإمكانيات التي توفرها الأراضي، والتضييق على فلسطينيي الداخل وسكان الضفة الغربية والقدس ، وإطباق الحصار على غزة.
أربعة عقود ونصف مرت منذ يوم الأرض التاريخي ولا يزال الفلسطينيون يستلهمون من أحداث يوم الأرض
قوة لمواجهة الاستيطان الإسرائيلي، ويستذكرون تجربة توفيق زيّاد وما زالوا يرددون قصيدته:
“هنا على صدوركم باقون، كالجدار.. نجوعُ، نعرى، نتحدّى
نُنشدُ الأشعار ونملأ الشوارع الغِضاب بالمظاهرات
ونملأ السجون كبرياء.. ونصنع الأطفال جيلاً ثائراً وراء جيل
كأنّنا عشرون مستحيل.. في اللّد، والرملة، والجليل”.